روايه بقلم ندى محمود توفيق

موقع أيام نيوز

نفسا عميقا وغمغم في قسۏة 
_ إنتي لسا قايلة إن مفيش علاقة مفيهاش ثقة بتستمر وأنا مبقتش أثق فيكي ومش قادر اصدقك فمتحاوليش في حاجة أساسا انتهت بنسبالي
سقطت دمعة متمردة من عيناها فاسرعت ومسحتها بأناملها ثم هبت واقفة وقالت بصوت يغلبه البكاء 
_ بالعكس دي لسا هتبدأ وأنا مش هيأس ومش هرتاح غير لما اخليك تسامحني
ثم ابتعدت وقادت خطواتها السريعة نحو غرفتها فالټفت برأسه ناحية باب الغرفة الذي اغلقته خلفها وتنهد پاختناق ثم عاد ينظر للطعام الذي أمامه بدون شهية وهب هو الآخر واقفا ينقل الصحون للمطبخ ويضعها بالثلاجة ثم توجه بدوره

لغرفته !! 
كانت تسير في الشارع عائدة من الكلية في صباح شمسه دافئة تبعث الدفء والراحة في الجسد مع رياح الشتاء الباردة تضم كتاب ضخما إلى صدرها بذراعها اليسار وعلى الذراع الآخر حقيبة يدها المتوسطة وبينما هي في طريقها تسير مباشرة دون أن تتلفت حولها استمعت إلى من ينده عليها كأنها قطة بالبسبسة ! فالقت نظرة بطرف عيناها لتجدها سيارة ولكنها لم ترى وجه من يقودها فظنت أنه شاب منحل من الشباب الذين يغازلن الفتيات في الشوارع لتسرع في سيرها حتى تتفاده ولكنها توقفت حين سمعته يهتف باغتياظ 
_ بت يارفيف !!
قطبت حاجبيها واحست بأن الصوت مألوف عليها وفورا التفتت تنظر له وأذا بها تصدر تأففا قوي 
_ والله وقعت قلبي في رجليا ياخي حرام عليك
ابتسم ثم مد يده وفتح باب السيارة هاتفا 
_ اركبي ياختي
استقلت بجواره واغلقت الباب لينطلق هو بالسيارة ويهتف مستنكرا 
_ عرفتيني اول ما قولت يابت .. صحيح مبتجيش غير بالتهزيق !
امسكت بالكتاب الذي في يدها ورفعته في وجهه قائلة في تحذير باغتياظ 
_ علاء اتلم بدل ما تلاقي الكتاب ده نازل على دماغك واخليك تدخل في غيبوبة
كان عين على الطريق وعين على الكتاب الذي بيدها وهو يضحك مغمغما 
_ ده يفتح راسي مش يدخلني في غيبوبة اعوذ بالله بيتذاكر إزاي ده !!
اشاحت بوجهه للجهة الأخرى تخفي ابتسامتها ثم عادت له وقالت في استهزاء 
_ طبعا هتعرف بيتذاكر ازاي ما تلاقيك مكنتش بتفتح كتاب في الكلية
_ طاب وليه الإحراج ده يابنت عمي بس !!
اطلقت ضحكة بسيطة لتجده يكمل في جدية بخفوت 
_عاملة إيه إنتي 
_ الحمدلله كويسة لقيت شغل وحاولت اقنع ماما وزين بس رافضين
هتف في صوت رجولي قوي 
_ شغل إيه دلوقتي بس يارفيف مش لما تخلصي كليتك الأول على الأقل
اعتدلت في جلستها وهتفت محاولة اقناعه 
_ أنا زهقت من قعدة البيت ياعلاء وخلاص أنا فاضلي ترم وأخلص وهاخد الشهادة وهشتغل بيها وماما كل اللي عليها تشتغلي ليه وفين وزين إنت عارفه دماغه قفل مفيش شغل .. طيب السبب من غير سبب طالما إنتي مش محتاجة للشغل يبقى ملوش لزمة ده حتى كرم بيقولي لا .. وحسن اللي بينصفني في كل حاجة يقولي الدنيا مش آمان وإنتي لسا صغيرة !! يعني هو عندي أنا لا وعند مراته تشتغل عادي
اطلق ضحكة قوية وأجابها ببساطة 
_ يسر بتشتغل ليها خمس في الشركة معانا وبعدين دي قدام عينا يعني مع ابوها ومعايا
_ وأنا كمان عايزة اشتغل في الشركة ولا عشان يسر محدش بيقدر عليها وبتفرض كلمتها عليكم مش بتقدروا ترفضوا ليها طلب
قالتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها باحتجاج ليجيبها ضاحكا برزانة 
_ خلاص هكلم بابا وأقوله اخليه يقنع زين واخواتك وتشرفي معانا في الشركة
اشرق وجهها بابتسامة عريضة وأردفت بسعادة 
_ بجد ياعلاء هتقول لعمي !
رمقها بطرف عينه غامزا بابتسامة وهو يهتف 
_ أممممم وهو احنا عندما كام رفيف في العيلة
رجعت بظهرها على المقعد وهي تقول بتحمس 
_ مع إني مش حابة الشركة بس يلا أهو امري لله هبدأ منها
القي نظرة عليها مبتسما ثم عاد بنظره للطريق يقود السيارة متجها إلى منزل عمه بينما هي فأخرجت هاتفها واخذت تعبث به تارة وتارة تتابع الطريق في صمت !! .......
جاثية أمام قبر والدتها تتلمس بيدها التراب المدفونة اسفله ودموعها لا تتوقف للحظة عن البكاء .. تذرف الدموع كأنها دماء من شدة ألمها وحزنها بقيت بلا أب ولا أم ولا أخ .. لم يعد هناك شيء يدعى أهل ستحرم من الدفء والحنان والعناية والسعادة وكل شيء ستكون حبيسة شجونها والآمها إلى الأبد وستظل تعاني ألم الفراق حتى تخرج روحها وتذهب لهم !! .
كان الحارس الخاص بها يقف على مسافة بعيدة قليلا عنها ليترك لها حريتها في إفراغ ما يخنق نفسها فشعر بيد توضع على كتفه ليلتفت ويجده كرم فيبتسم في هدوء ويبادله هو الإبتسامة مربتا على كتفه يسمح له بالذهاب فأماء له بالموافقة واستدار وسار مبتعدا مغادرا المكان بأكمله أما هو فحمل دلو الماء الصغير واقترب ناحيتها ثم وقف خلفها بمسافة قصيرة واسنده على الأرض ورفع كفيه لأعلى يبدأ في قراءة سورة الفاتحة بصوت منخفض ثم حمله مجددا واتجه به نحو زرعة الصبار الصغيرة بجانب قپرها وقام بسقيها بالماء
تم نسخ الرابط