روايه بقلم ندى محمود توفيق
المحتويات
وأحدهم كانت لكرم والأخرى لحسن وهذه لأبوه وأمه وتلك الغرفة تخص جدي وجدتي حتى وصل أخيرا عند غرفته وفتح الباب فتسبقه هي بالدخول وتتطلع في أجزاء الغرفة التي كانت عبارة عن فراش عريض يتسع لثلاث أشخاص وخزانة متوسطة من اللون الأبيض مثل لون الحوائط وحمام داخلي لونه بنى اللون مع لمعة مذهلة أما هو فقد استدعت ذاكرته كل ما مر به داخل هذه الغرفة التي شهدت على حپسه بين حوائطها الأربعة لشهور دون أن يدخل له سوى أبيه وأمه وكرم بقى لشهورا حبيسا غرفته لا يري الشارع عندما اكتشف أمره وأنه
كان يتعاطى مواد مخدرة فحاول أبويه أن يردعاه ويعالجاه عن طريق منعه من الخروج حتى لا يلتقى بأصدقاء السوء الذين افسدوه ولكن الأمر لم يجدي نفعا حيث كانت حالته تسوء كلما يمر عليه الوقت وكان يخرج ليلا متسللا من الشرفة دون أن يشعر به أحد ويعود قبل استيقاظهم حتى جاء اليوم المشؤوم الذي فقد فيه صديقه بسببه هو .. فقرر أن يضع الحد لما هو فيه وطلب من أبيه أن يدخله مصحة ليعالج كما يجب أن يتم وبالفعل عاني أشد سنة مرت عليه في حياته .
_ اوضتك جميلة أوي
أحس بأنه سيختنق أن بقى للحظة أخرى داخل هذه الغرفة فهتف بثبات مزيف
_ طيب كفاية بقى ويلا تعالي عشان الأكل على وصول
ولم ينتظر إجابتها حيث اندفع للخارج يتنفس بعض الهواء النقى عن هواء هذه الغرفة المخنق أما هي فتلفتت حولها پخوف من ذلك المكان المريب ولحقت به مسرعة لتجده قد وصل للأسفل ورفع أحد الأقمشة عن مقعد من المقاعد وجلس عليه يتنفس الصعداء بخنق وقد شعر للتو أنه أخطأ عندما اختار المكان وهو يعلم أنه لديه ذكريات مؤلمة لا يريد حتى تذكرها وقبل أن تقترب منه وتسأله عن سبب تغيره المفاجئ ارتفع صوت رنين هاتفه فأجاب وقد كان الطعام فخرج ليستلمه وعاد لها بعد دقائق فأخذته من يده وسألته عن مكان المطبخ فدلها عليه بإشارة يده وذهبت هي لتضع الطعام في الصحون أما هو فنزع سترته عنه ورفع القماش عن الأريكة الكبيرة ليتسطح بجسده عليها مغمضا عيناه في محاولة بائسة لاستبعاد هذه الذكريات عن ذهنه كانت تنقل الصحون من المطبخ على طاولة الطعام بعد إن قامت بمسحها من أي اتربة فوقها وكانت مثبتة تركيزها عليه باستغراب من أمره حتى انتهت فهتفت في هدوء
فتح عيناه واعتدل جالسا ثم اتجه للحمام ليغسل وجهه ويديه و عاد لها جلس بجانبها على الطاولة وبدأ في تناول طعامه فخشيت هي أن تسأله فيجيب عليه بغلظة وفكرت في أن تمهد للأمر بطريقة مختلفة حيث سألت في ابتسامة عذبة
_ بس البيت باين عليه أن حد بينضفه علطول
_ آه عمي حسين اللي برا بيجيب علطول ناس تنظف كل اسبوع عشان لو حد فينا جه فجأة زي كدا يكون البيت نضيف
_ بس إنت ليه جبتني هنا ومروحناش مطعم أو أي مكان تاني !
غمغم بصلابة دون أن يرفع نظره لها وهو منشغل بطعامه
_ هنا أفضل في المطعم مش هتاخدي راحتك عشان النقاب واللي رايح وجاي قدامك مش هينفع تاكلي وأهو جبتك مكان جديد وجبتلك أكل المطعم لغاية عندك
_ شكرا إنك مكسفتنيش ومكسرتش بنفسي لما طلبت منك نتغدى برا
نظر ليدها التي على كفه ثم رفع نظره لها بنظرات ثاقبة وسحب كفه ببطء من أسفل يدها بعد أن أبدى على وجهه علامات الضيق وقال باقتضاب
_ العفو !
كانت الساعة قاربت على العاشرة مساءا عندما قرر كرم أن يذهب لوالدته ويضع حدا لكل شيء بعد أن شك بأنها تعرف مكان شفق ولا تخبره بالأخص بعد أن نفذت وعدها وقطعت الحديث معه نهائي وهاهي نجحت فيما سعت من أجله ! .
طرق على الباب عدة طرقات خفيفة هاتفا
_ ماما إنتي صاحية
اتاه صوتها وهي تجيبه بقوة
_ ادخل ياكرم
فتح الباب ودخل ثم أغلق الباب خلفه مجددا فوجدها تمسك كتاب القرآن الكريم بيدها وجالسة على الفراش ليتنهد بعمق ويقترب ليجلس بجوارها على الفراش متمتما في نظرات ثابتة
_ ماما إنتي عارفة مكان شفق مش كدا
أطالت النظر في وجهه ثم اشاحت بنظرها وقالت بكذب
_ لا معرفش
قال متوسلا إياها في نفاذ صبر
_
متابعة القراءة