روايه بقلم ندى محمود توفيق

موقع أيام نيوز

من ثلاث حوائط فقط والحائط الرابع عبارة عن زجاج كامل يطل على الشارع مباشرة .. أعجبت بطراز الغرفة كثيرا وظهرت علامات الانبهار على وجهها فاقتربت ناحية الزجاج ووقفت أمامه تتابع حركة السيارات والناس في الشارع ثم عادت بخطواتها نحو مكتبه ووجدت هاتفه على سطح المكتب وبجانبه إطار صغير بداخله صورة لرجل يبدو في عقده السابع أو السادس وتوقعت بأنه قد يكون والده تنهدت بعمق وتحركت نحو الأريكة لتجلس عليها وترفع النقاب عن وجهها لتتنفس القليل من الهواء الصافي .. ظلت بانتظاره إلى ما يقارب الربع ساعة حتى وجدت الباب يفتح ويدخل وهو بيده ملف غلافه من اللون الأحمر ويقلب بين ورقه في تركيز شديد وحين لمحها فزع واصابته الدهشة وأول شيء خرج من بين شفتيه هو 
_ ملاذ !! بتعملي إيه هنا !
هبت واقفة واقتربت منه هامسة في ابتسامة عذبة 
_ أنا مش قولتلك واخدت الأذن منك الصبح قبل ما تطلع إني هطلع مع صحبتي هشتري كام حاجة فقولت اعدي عليك وسألت عليك قالولي في اجتماع فدخلت وقعدت استناك
إعاد ذاكرته لصباح اليوم قبل أن يغادر المنزل فتذكر أنها بالفعل طلبت منه الأذن وهو سمح لها فاتجه نحو مكتبه ووضع الملف عليه هاتفا في حزم بسيط 
_ وليه متصلتيش بيا تقوليلي إنك جاية !
احست باستيائه أنها جاءت دون علمه فقالت متوترة بنبرة تحمل الأسف 
_ أنا مكنتش ناوية آجي أصلا بس عديت بالصدفة ودخلت .. لو كنت أعرف إنك هتضايق مكنتش جيت أو كنت اتصلت بيك الأول
تمتم في حنو وعطف راسما علي شفتيه ابتسامة هادئة 
_ أنا مش مضايق أنا بقول كدا عشان أكون عارف لإنك جيتي أهو ولقتيني في اجتماع ولما مبكونش موجود في المكتب ممكن أي حد يدخل ويطلع فهمتي ليه
هزت رأسها بالإيجاب ولم ترد أن يزيد هذا الحوار أكثر من ذلك حتى لا يأخذ منحني سيء فتوجهت نحو حقيبة يدها وفتحتها ثم اخرجت منها كيس بداخله علبة طعام كانت رائحته نفاذة وشهية واقتربت منه تخرج له واحدة هاتفة في صفاء وعفوية 
_ كان نفسي فيه واشتريت واحد ليا وجبتلك معايا
جذبه من يدها وهو يبتسم ثم قال في صوت رخيم 
_ شكرا مع إني مش بحب أكل المطاعم والمحلات بس مفيش مشكلة هاكله عشانك
حدجته بأعين مليئة بمشاعر جياشة ثم وجدها تجلس على الأريكة وتبدأ في تناول الطعام الذي احضرته ليقول مستعجبا 
_ إنتي هتاكلي هنا !!
قالت بعفوية وحماسية أصابت جزئه الأيسر 
_ اممم وإنت هتاكل معايا أنا كنت ناوية إني هاكله في البيت بس بما إني جيت هنا فناكل مع بعض
لم يجيبها ولكن اكتفى بنظرته التي تتحدث بدلا عنه متأملا إياها بابتسامة خفية وهو يراها تأكل بشراهة كأنها لم تأكل منذ يومين ثم

التقت خاصته وبدأ هو الآخر يأكل ولكنه استقام واتجه ليجلس بجوارها عندما اشارت بيدها له أن يأتي بجوارها لتريه شيئا على الهاتف كانت بيد تمسك الشطيرة وبالأخرى الهاتف وتقلب في الصور تريه مجموعة مختلفة من الأحذية التي رأتها اليوم في تسوقها تأخذ رأيه وأيهم أجمل ثم تنتقل لقسم آخر في الصور وتريه إحدى مغامراتها مع أخيها وتشرح كل صورة وموقفها فيعم في المكان جو مرح يشوبه الضحك المتبادل بينهما !! 
على الجانب الآخر من العالم تحديدا في أحد منازل المانيا الفاخرة تجلس امرأة سبعينية على مقعد وثير وبيدها أحدى الكتب باللغة الإلمانية تقرأ بها في تركيز شديد وترتدي نظراتها الطبية بدت امرأة شامخة وذات قسمات وجه صارمة تنضج بالشدة والقوة بها قليل من جمال الشباب نتيجة لاهتمامها المفرط بمظهرها وصحتها تملك جسد بصحة جيدة ومتوسط الحجم ولوهلة من يراها لا يعتقدها تخطت عقدها الثامن أبدا 
سمعت صوت حفيدتها الجميلة تهتف برقة 
_ Guten morgen oma صباح الخير ياجدتي 
التفتت برأسها لها وقالت بابتسامة حانية 
_ صباح النور ياحبيبتي يلا عشان تفطري قبل ما تطلعي
قالت ميار في عجالة من أمرها وهي ترفض رفضا قاطعا 
_ nein ich kann nicht لا لا استطيع 
قالت الجدة في حزم وضيق 
_ مش هينفع ياميار تخرجي من غير فطار افطري بسرعة مش هتتأخري على الحفلة
هرولت ناحية الباب وقد كانت ترتدي فستان بحمالات يصل إلى ركبتيها بالضبط وتترك العنان لشعرها الاسود فارسلت قبلة في الهواء لجدتها تجيبها بالمصرية أخيرا وهي تضحك 
_ باي يانينا مش هتأخر متقلقيش
ثم خرجت واستقلت بسيارة صديقها الذي كان ينتظرها بالخارج بعد أن تبادلا أما الجدة فكانت تفكر في ابن أخيها التي اسرعت أمه وزوجته قبل عودتها حتى لا تتعقد الأمور أكثر !! 
فتحت شفق الباب ظنا منها أن الطارق هو كرم ولكنها عقدت حاجبيها باستغراب حين رأت رفيف أمامها فافسحت لها الطريق بالعبور وهي ترحب بها بسعادة امتزجت بنظرات الحيرة 
_ ادخلي يارفيف عاملة إيه .. ليه متصلتيش بيا تقوليلي إنك جاية 
قبضت على رسغها وسحبتها بعدما اغلقت الباب خلفها وجلسوا على الأريكة لتقول رفيف في وجه مضطرب 
_
تم نسخ الرابط