ارتواء الروح بقلم ساره فتحي
المحتويات
السيدة نوال بوجهها البشوش فابتسمت نوال قائلة
صباح الخير يا حبيبتى على فين كده على
الصبح !
لحظات تحولت لدقائق ولم تجيبها وهى تحدث نفسها
أى خير هذا ! من الواضح ان تلك السيدة لم تصدق ما سردته لها بالأمس همست بخفوت
وهى تنزل اولى الدرجات
صباح الخير
لم تستسلم السيدة نوال للهجتها وهروبها
فتابعت ثانية لتستوقفها
ومالك مش بتردى ليه !
اجابتها وهى تجاهد أن ترسم ابتسامة شاحبه
معلش ماخدتش بالى بس نازله بدرى ادور على شغل
اقتربت منها تستطرد مبتسمه بحنان
طب ده لسه بدرى . تعالى ادخلى نفطر مع بعض وبعد كده انزلى براحتك
ردت عليها بهدوء يشوبه الحزن
لا شكرا اوى عشان ألحق
مدت يديها تسحبها للداخل معاها رغما عنها وهى تهتف
مفيش اعتراض عندى ...انا زى والدتك وميصحش تقولى لا
تركتها واتجهت صوب المطبخ فجلست ونس على الأريكة وبداخلها مشاعر متضاربة لكن تشعر بسعادة فتلك السيدة رؤيتها تريح قلبها
وتتعامل معاها بحب وحنان أموي افتقدته
لم تخشى أن تصيبها بالنحس مثل خالتها
لانت ملامحها وهى توزع انظارها فى اركان البيت
فى بيته ثم ولج للخارج بخطوات متثاقلة يحارب النعاس يبحث عن والدته فجأة سمع صوت صړاخ
اتسعت عيناه پصدمة لتلك التى تصرخ امامه
فى أيه ! فين امى جرالها حاجه ! انتى ايه اللى جابك هنا !
استدرات توليه ظهرها وهى تهتف بحدة
انت ازاى يا استاذ يا محترم ازاى تخرج كده
التقط سترته من على المقعد يرتديها سريعا
ثم تحدث قائلا بحرج
خلاص خلاص هى فين امى !
استدرات والغيظ يرتسم على ملامحها وهى مازالت مغمضه جفونها لتتحدث بحدة
انت ازاى تخرج كده !
انت مش شايف منظرك
ابتسم وهو يطالع جفونها المغلقة وحركتها العفوية وملامحها البريئة تجعلها فاتنة بإغواء تنهد ينفض تلك الافكار وكاد أن يعتذر لكنه تذكر انه فى بيته وهى الضيفة فاجابها بتهكم
وطبيعى انى انام كده فى بيتنا عادى
خجلت من تعليقه وشعرت بسخافتها فى هذه الاثناء هرولت والدته من المطبخ على صوت صړاخها وجدتها تطرق نظرها للأسفل باحراج
بينما هو عيناه متعلقة بها همست متسائلة بريبة
جرى يا حبيبتى بتصوتى ليه ! مالك !
قاطعها أنس بلهجة مستنكره قائلا
ضړبت نوال صدرها ثم ضحكت قائلة
يووووه نسيت يا أنس .. على سيرة البط بقى
انهارده ونس معزومه عندى على بط
ثم تابعت حديثها بقولك ابقى قول للواد امير يطلع يتغدا معانا بحبه الواد ده اوى
جز أنس على شفتيه وهو يميل برقبته
بحركة مستنكره وكاد أن يشد شعره من الغيظ
بط أيه ! وامير ايه! بقولك مش تقوليلى عندنا ناس وانتي عارفه انا بنام ازاى
ربتت على كتف ونس التى تحاول كبت ابتسامتها
واعادة نظرها إلى ابنها قائلة بغيظ
ما خلاص يا واد انت مش سترت نفسك بلاش غلبه ويلا عشان نفطر وتنزل السوق تجبلى الطلبات
اتسعت عيناه وفاه سويا وبينما هى لم تقدر على كبح ضحكاتها اكثر فأنفلت منها ابتسامة ناعمة وظهرت غمازتها
ثم اسرعت تمضى خلف والدته وقف ينظر فى اثرها وقلبه يدق پعنف يهمس لنفسه
طب عليا النعمة كانت عايشه مع بهايم دي نحس ديه
اومال الوليه الحشريه اللى ساكنه تحت دي ايه
ده بتستجوبنى كل يوم الصبح وبليل
انهوا طعامهم سريعا ثم نهضت واقفة بابتسامة هادئة تستئذن للخروج فاندفع هو دون وعى او ذرة عقل يسألها
انتى رايحه فين كده على الصبح !
ثوان من الصمت
فأسرعت والدته تنهى ذلك الصمت
وتلكزه فى كتفه
رايحه تدور على شغل متتأخريش بقى عشان الغدا
وانت يلا انجز عشان تلحق السوق انت هتقعد تحكى
هزت رأسها وانصرفت بخجل من تصرفت تلك السيدة العفوية التى كادت تصيب ابنها بذبحة صدرية واغلقت
الباب خلفها
عادت تسير بخطوات متثاقلة نحو البنايه
وكل ما يشغل بالها شيئا واحد هو أن تعيد غدا
نفس الجولة فى البحث عن عمل فى تلك المدينه
الكبيره ..
أما هو رأها تخطو من امام الورشه تتجه نحو مدخل البناية بحالة شرود غير واعيه لخطواتها
لحقها مسرعا وهو فى حالة تعجب من ذاته لم يراها سوى مرتين وتشغل باله
يود أن يعرف كل شئ عنها صعدت الدرج لكنها شعرت بأحد يتبعها استدرات مندفعه تضربه بحقيبتها
فوق رأسه رفع يده ليحمى وجه وهو ېصرخ بها
انتى مجنونه !
ميزت صوته وعضت على شفتيها باستيحاء من فعلتها
فهمست بخفوت
اسفه كنت فكراك حرامى
مازال واضعا يده على رأسه من أثر الخبطة ثم اجابها
بتهكم
حرامى !!!!
وحرامى دخل وراكى لحد البيت ليه الحته مفيهاش رجاله
اه
اندفعت فى الاجابة بينما هو توسعت عيناه من الصدمة
نععععم
هزت رأسها يمينا ويسارا تنفى ما وصل إليه قائلة
اه يعنى فيها .. اسفه بس أنا فعلا اټخضيت
انفرجت شفتى انس بابتسامة وهو يمرر نظره على ملامحها
اه افتكرت ..على العموم حصل خير
رفعت عيناها إليه كان يرتدى تيشرت رماديا
وسروال باللون الأسود وعيناه داكنتين وملامحه الرجوليه الخشنه
دقه مغايرة لدقات قلبها عندما وصلت إلى عيناه ابتلعت وهى تكبح نظراتها
حاولت الهروب منه فهمست
اسفه تانى عن اذنك
لم تنتظر رده واسرعت تصعد الدرج وصدرها يعلو
ويهبط بالكاد تلتقط انفاسها شيعها هو بنظراته
حتى اختفت من امامه وضع يده على موضع
قلبه متسائلا
معقول !! طب ازاى ! ولا أمته !
لأ دي اكيد صعبانه عليا
بعد مرور عدة أيام كان انس فى ورشته الخاصة يعمل و عقله ليس معه بل مع تلك الفاتنه مازال يشغل تفكيره بها يراقبها كل يوم صباحا تذهب وتعود عصرا
أما اليوم فالشمس قد غابت وهى لم تعود حاول صرف تفكيره وصب انتباه على السيارة التى يقوم باصلاحها لكنه لم يستطيع فتركها وجلس على مقعده ينظر امامه بشرود كم هى رقيقة للغاية لكن هل هى بالفعل نحس
نهر نفسه ورفض التفكير هكذا
كيف لبشر أن يحكمون على احد انه وجه الخير او الشړ
اللفظ فى حد ذاته صعب ڠضب وضيق عارم يتملكه
عندما يتذكر ذلك لكن لماذا تركها زوجها ايضا !
هل لهذا السبب أم لسببا اخر !
قطع تفكيره ظهورها امامه بفستانها الأسود وحجابها احمر اللون شارده كالعاده بملامح حزينه لكن يبدو انها كانت تبكى
ولجت لمدخل البناية نهض مسرعا خلفها
اتسعت مقلتي عيناها وهو يصعد خلفها الدرج
يحاول اللحاق بها وقفت عاقده ذراعيها امام صدرها
خيررر
بلل شفتيه يسألها بأهتمام جلى
ونس مالك شكلك زعلان !
اجابته باقتضاب وهى تصعد للأعلى ثانية بنبرة تحمل برودة الشتاء
ماليش مش زعلانه عن اذنك
صاح بها پعنف وهو يجذبها من معصمها ليجبرها على الاستدارة له
لما أكلمك تقفى هنا مالك !
جف حلقه عن الكلام عندما طالع دموعها تنهمر على وجنتها ..
يتبع
إرتواء الروح ٣
البارت الثالث
الكلمات الراقية تروى ۏجع القلوب
فكن انت من تروى الأخرين بطيب كلماتك
سحبت يدها منه پعنف وهى تستجمع كل قواها واجابته بحدة
انت ازاى تمسكنى كده هاا!
صعدت الدرج مسرعة ثم الټفت له ثانية قائلة بنبرة اشبه بصړاخ
وبعدين انت مالك بيا هااا !
مش خاېف اصيبك بنحس ابعد عن طريقى بقى
وقف امامها كتمثال من صخر لا يقوى على اى رد فعل وهو يرى اڼهيارها كانت كشعلة من الڼار الملتهبة ألسنتها
قلبه يقطر دما ملامحها ألمته
ويطمئنها أنه بجوارها فجأة انفتح الباب
على اثر صړاخها صدمت نوال من هيئتها
أسرعت تسحبها للداخل سيجن بالتأكيد ليعلم ما بها هل تعرض لها احد !
ما هو سبب انفجارها هكذا !
ولج للداخل خلفهم و اغلق الباب وهو ينتظر حديثها بنفاذ صبر
بينما هى ترتعش بين يد والداته صامته نطقت بجملة واحدة
زى ما قالوا طالعه وشى فقر
هزت نوال رأسها بالرفض وهى تستغفر خالقها
استغفر الله يابنتى وحدى الله ما انتى اديلك اهو معانا فوق الاسبوعين وزيادة وداخلة طالعة عليا واحنا ذى الفل اهو
ايه اللى حصل لكل ده !
اجابتها والدموع عالقة بأهدابها بنبرة حزن
طب لما انا ماليش لازمه فى الحياة ما ربنا ياخدنى
بقالى اكتر من اسبوعين بلف ومش لاقيه شغل تعبت
تعبت
قطبت نوال حاجبيها وهى تبعدها عن حضنها متسائلة
بت يا منيلة بقى كل ده عشان الشغل .. ده رجالة بشنبات قاعدين على القهوة تحت
وانتى عايزه في اسبوعين تنزلى تلاقى شغل .. ده انتى اللى حبيتى اللقب بقى وعايزه ينادوكى بيه
ابعدى عنى كده يامنيلة ابعدى ابعدى ...ده انا عندى سكر
داخله عليا بكل النكد ده هتموتينى عشان تبقى فقر بجد يا منيلة
ابتسامة شاحبة من وسط دموعها وهى
تتمتم بخفوت
بعد الشړ عليكى
ليس دائما رابط الډم هو الأقوى هناك رابط الانسانية
يعلم جيدا حركات والدته دائما ماتفعلها معه لتخرجه من ضيقه
ابتسم بسعادة وهو يستند على الحيطة
لا يعى سبب انه يحمل همها وكأنها احد افراد عائلته
قاطع تفكيره حديث والداته
بصى يا ونس ابو انس الله يرحمه كان فاتح المكتبه جنب الورشة تحت وانا كنت بقف فيها
بس انس من سنتين قالى كفايه عليكى كده.... رجلى بقى والروماتيزم
المهم تأخدى المفتاح من بكرة وتوضبيها وتوقفى فيها
وكل البضاعه فيها تحت ورزقك ورزقنا على الله ده اخر كلام عندى
ثم رفعت عيناها إلى ابنها متسائلة
ولا أيه يا انس يابنى !
يشعر بضيق من طريقة تلك الفاتنة التى تتعمد أن تتجاهله وترفض محادثته وكأنه وحش سيأكلها
واخيرا ما فعلته على الدرج رد بدون مشاعر
اللى شيفاه صح اعمليه ..
اصلا الموضوع مكنش مستاهل كل العياط والصړيخ ده
عضت على شفتيها باحراج وتستشعر اتهاماته وانها صړخت بوجهه فما ذنبه هو تحدثت بنبرة مهتزة
أنا اسفة كان ڠصب عنى اتمنى تقبل اعتذارى
هم بالرد عليها لكن والدته قاطعته قائلة
يابنتى استغفرى ربك كده يزعل منك ده إيه بس فى حد يزعل من اخته الصغيره
انتفخت نواجز انس غيظا من لقب اخته كما انها اضاعت عليه الفرصة الوحيدة للتحدث معاها اجابها بغيظ وهو يلفظ الحروف بنبرة ثقيلة
لا ولا يهمك
يلا بقى قومى اغسلى وشك كده وفوقى هتباتى معايا النهارده
تلك الجملة اردفتها نوال جعلتهم فى حالة صدمة
فرفعت سريعا بصرها إليه لتتلاقى عيناهم لأول مرة بنظرة طويلة ابتلعت وهى تهمس
لا ازاى ميصحش انا هروح الشقه هناك
اجابتها نوال ببساطة
هو ايه اللى مينفعش.. اه اه قصدك عشان الواد انس
متقلقيش مش هيبات هنا ولا حتى فى الشقة التانية
تبدلت ملامح انس من حالة التيه إلى حالة ذهول
نعععم .. ده اللى هو ازاى !
اومال هبات انا فيين بقى !
فى الورشة ولا نسيت ايام ماكنت بعاقبك واسيبك تنام تحت
ثم استرسلت توضح لها
اصله كان مغلبنى وكان تملى سرمحه ويجى متأخر
كنت اقفل باب
متابعة القراءة