انا لنفسي وبك بقلم منى احمد حافظ
المحتويات
يا بابا بعد ما حققت حلمي وحلمها وحلم تيتة.
شدد قبيصي من أحتضانه لها وأجابها
بصوت وضحته فيه مشاعره الجياشة
.. أكيد يا حبيبتي ومش هي وجدتك الله يرحمهم بس لأ دا كل اللي يعرفوك فخورين بيك وباللي وصلتي له أنت يا دعاء نيشان شرف يزيد جبين العيلة وتاج فوق الراس غير مفاهيم الكل إن خلفة البنات معدتش تخوف ولا بتجيب العاړ بالعكس دي بتجيب الفخر والفرحة وبترفع الراس أنت يا بنتي لو تعرفي قد أيه فالبلد فرحانين بيك هتقدري اللي جوايا ومسيرك تشوفي بعنيك الكل أتغير إزاي بسببك.
.. الكلام دا عني أنا يا بابا طب أزاي ومحدش أساسا فالبلد يعرف عني أي حاجة من وقت ما رجعنا احنا لينا أكتر من سبع سنين مروحناش هناك يبقى هيسمعوا عني من مين
ربت فوق وجنتها بحنو وأجابها
.. لما سالم يتغير ويراجع نفسه عن الطريق اللي كان ماشي فيه لما يسمع إن بنت عمه ذاع صيتها بين المحافظات بتميزها وتفوقها وسعيها لخدمة الغير رغم دراستها الصعبة ولما صورها تنزل مع أكتر من جمعية خيرية ويلاقيها بتساعد القرى البعيدة والنائية وهو واقف محلك سر فيقرر إنه لازم يتغير قبل ما عمره يضيع على الفاضي ويقول إن السبب فتبدل حاله هي دعاء بنت عمي يبقى لازم أفتخر بيك لما صالح اللي طول حياته عايش لمزاجه يتوب ويلتزم ويتجوز ويدرس شريعة ويقول إن حياته كانت بتنحدر قصاد ما كانت حياة البنت بتعلى يبقى لازم أحس إن تربيتي وتربية والدتك ليك أثمرت صحيح كنت غلط فالبداية بتعاملي معاك وبمنعي ليك عن الحياة وكنت بقسى علشان خاېف لكن كلام والدتك معايا قبل ۏفاتها كان سبب إني ألحق نفسي ومكاني فحياتك يا دعاء أنت قدرتي تغيري فينا كتير لإنك كنت البنت البارة بينا واللي أتمنى تكون ليا الولد الصالح اللي يدعي لي ويفتكرني بعد مماتي.
انصتت باهتمام وهي تحدق بوجه والدها لتعود ببصرها تنظر لجه الفارس وهو يراقص فرسه على أنغام المزمار ولم تدر لما غمرها الأرتياح فاستندت برأسها إلى كتف والدها وقالت
.. أنا حياتي عمرها ما هتتأثر بالمكان اللي هعيش فيه يا
أحس بالراحة لكلماتها فحاوط كتفها بذراعه وهو يبتسم لتتسع ابتسامته فجأة وتلمع عيناه ويقول
.. مسألتيش يعني مين صاحب الفرس الدهبي اللي هرعاه مع الفرس اللي أشتراه عمي عبد العليم.
رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت
.. وياترى يا بابا مين صاحب الحصان الروعة دا
لم تنتبه دعاء في خضم حديثها مع والدها بأن صوت المزمار خفت لتأتيها الأجابة من خلفها بصوته الأجش يقول
.. أنا ..
التفتت لتحدق بوجهه فتلاشت ابتسامتها وتغضن جبينها وهي تبادل النظر بين والدها وبينه وقبل أن تبتعد أوقفها والدها قائلا
.. بهي عايز يتكلم معاك يا دعاء وهو أستأذن مني ومن عمي عبد العليم وإحنا وافقنا فياريت يا بنتي تديله الفرصة وتسمعيه.
مرت الذكرى سريعا أمامها فأغمضت دعاء عينيها لتخفي ألمها عنه ولم تدرك بأنها تبكي إلا حين سمعت صوتها الحزين يقول
.. لو سمحت أنا معنديش أي أستعداد إني أسمعك ولا حتى أشوفك.
ألقت بقولها بوجهه وأستدارت إلى والدها وقالت بوجه متجهم
ياريت بعد كده حضرتك تعفيني من الموقف دا يا بابا لإني مش متقبلة وجوده ولو حقيقي الأستاذ هيبقى له شغل مع حضرتك فأنا مش هقدر أقولك متشتغلش ولا تستقر فبلدك لكن أنا كمان مقدرش أقعد فمكان البني آدم دا موجود فيه علشان كده بعد إذن حضرتك لو تسمح لي أرجع مع أخواتي.
آلمته دموعها ورفضها رؤيتها له فزفر بيأس وأدرك بأن انتظاره لها كل تلك السنوات كان بلا جدوى ولكنه ليس بالنادم فهي تستحق بأن ينتظرها عمرا فوق عمره ولكنه لن يرتضي أبدا بأن يجبرها على تقبله فخفض بهي رأسه وقال بصوت مكلوم
.. معقول مش طايقة حتى تبصي فوشي وأنت بتكلميني عموما أنا أسف لتطفلي عليك وأوعدك إني مش هضايقك تاني عن إذنكم.
استدار بهي وخطى باتجاه الباب الرئيسي وغادر وهو يهمهم بأعتذاره لوالدها فتابعته رغما عنها وهي تشعر بشيء ما يؤلم قلبها غير ذلك الحزن القديم ليأتيها صوت والدها يلومها بهدوء
.. ليه يا دعاء اتصرفتي كده معقول دا تصرف الدكتورة دعاء اللي لو جالها مين بالذي وهو محتاج لمساعدتها هتساعده مكنتش متخيل إنك مش بتسامحي بسهولة يا بنتي.
لم تقو على البقاء ولا التحدث فأستأذنت لتصعد إلى غرفتها وما أن ولجت إليها حتى شعرت بالحاجة إلى قراءة رسائل دعمه إليها فمدت يدها المرتعشة والتقطت هاتفها من فوق تلك الطاولة الصغيرة وفتحته تبحث عن رسالته إليها التي تتسلمها بمثل هذا الوقت وللمرة الأولى منذ بدأ يراسها بانتظام لم تجد أي رسالة منه فعقدت حاجبيها وشعرت بأنها تفتقده كثيرا لتنتبه لانجراف أفكارها فنهرت نفسها بقوة وألقت هاتفها فوق فراشها وأتجهت سريعا نحو مرحاضها تتوضأ لتشرع دعاء في صلاتها وسجدت طويلا تدعو الله بأن يهون عليها ما تشعر به من فقد وأن يرشدها إلى الصواب.
غفت دعاء دون أن تدرك فوق سجادتها ليوقظها صوت آذان الفجر فأعتدلت وهي تتحسس عنقها واستندت إلى المقعد القريب منها ووقفت تتثائب وزفرت لتطرد إحساسها بالنعاس وما أن وقعت عينيها على هاتفها حتى ألتقطته وبحثت عن إشعارا برسالة منه لتغزوها خيبة الأمل فاستغفرت الله بصوت عال وما أن صدح صوت الآذان الثان حتى توجهت للوضوء وعقلها يبحث عن سبب لتوقفه المفاجيء عن مراستلها ولم تتمكن من النوم مرة أخرى فانشغلت بقراءة رسائله القديمة لتبتهج فجأة حين أتاها إشعار باستلامها رسالة منه فأسرعت وضغطت لتقرأها لتتجهم ملامحها حين طالعتها حروف قاتمة تشكل كلمات مظلمة كالليل تقول
.. تلك رسالتي الأخيرة إليك فقد أنقضت رحلتي معك ووصلت إلى نهايتها نعم تلك هي النهاية لكل ما تمنيته بأن يكون بيننا ولم يكن ولم يعد بيدي فعل أي شيء لك بعد الآن فأنت اليوم لم تعودي بحاجة لي مرة أخرى لذا سأتجرأ وأطلب عفوك لتطفلي طوال تلك الأعوام الماضية عليك دون مراعاة مني لحياتك ولكن
قبل أن أختم كلماتي وأرحل أسمحي لي بأن أخبرك بأخر أعتراف فأنا يسكنني حبي لك والذي سيبقى بداخلي ولن يبارح صدري لمماتي فوداعا يا حبيبتي وسامحي حماقتي.
.. لا لا إنتظر إلى أين ستذهب وتتركني بمفردي أرجوك أبق معي وأعلن عن وجودك وطالب بي لعلك تفوز في النهاية ويكون لقائنا هو القدر الباقي بيننا أرجوك أبق فأنا لازلت أحتاج لك.
ودت لو تصيح بصرخاتها تعلن عما يجيش بصدرها الذي بدأ يضيق بأنفاسها بعدما صدمها بحظره لها فسارعت بفتح شرفتها تنتهل الهواء وكأنها حرمت منه هو الأخر وتعالت شهقاتها لتتوقف فجأة وعيناها تحدق بعينا بهي الذي وقف يحدق بها من خلف سور المنزل بحزن تجمدت بمكانها وعيناها ټصارع عيناه فلم تتمكن من نزعها بعيدا عنه وما أن ولاها ظهره ليخطو مبتعدا حتى صړخ عقلها يرفض تصديق تلك الفكرة المستحيلة التي لاحت كضوء مبهر غشاها ولم تع دعاء بأنها غادرت غرفتها وهبطت سريعا للأسفل وركضت للخارج وما أن وصلت إلى باب المنزل الرئيسي حتى تتوقفت وبدت وكأن قوى خفية تمنعها عن الحركة ليبدأ عقلها بالعودة إلى رشده فأستعاد سيطرته مرة أخرى وتهدلت كتفيها والتفتت لتعود وهي منكسة الرأس تشعر بالخزي لتصرفها فهي كانت على وشك اللحاق به وإلحاق الأڈى بأسرتها أنهمرت دموعها وغشت بصرها ليكفكفها عنها والدها فارتمت بين ذراعيه تنتحب وتعتذر ليربت فوق ظهرها بحنو ويسألها
.. ما روحتيش وراه ليه يا دعاء ليه متمسكتيش بيه وسبتيه يمشي
شهقت بفزع وتراجعت للخلف وهي تحدق بوالدها بأعين متسعة لتصدمها ابتسامته الهادئة واقترابه منها مرة أخرى ليحيط وجهها بكفيه ويجيب تساؤلها الصامت
.. تفتكري راجل زي بهي يعرف الأصول وبيحبك هيبعت لك رسايل من غير ما يكون واخد الأذن مني شخصيا يا دعاء.
بدت نظراتها تائهة لا تفقة كلمات والدها فعقلها لازال يبحث عن منطق يصدق به بأن أسير الشتاء هو بهي أيعقل بأن يوقف أحدهم حياته من أجل آخر دون بينة ووسط تيهها أتاها صوته الأجش يقول
.. وه
متابعة القراءة