لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
وسرواله الأسوديين وخصلات شعره التي قصرت بعض الشيء ولكنها لازالت تقترب من یافته فهبت واقفة وقالت بغنج
.. تؤمر بأي حاجة ياباشمهندس
نظر لها بطرف عيناه وهو يطالع الحسناء التي استقرت على مكتبها منذ ثلاثة أسابيع لا اكثر ثم اقترب منها بحميمية وقال
.. فكريني بإسمك تاني
قالت بصوت مبحوح
.. میار
هز رأسه بغموض ومضي في طريقه وتركها كانت لازالت تفاصيل صباحها بل مساؤها المشحون تطاردها عراك محتدم بينها وبين العميد الذي هدر بها غاضبا هتتجوزيه ورجلك فوق رقبتك واستيقظت لتجد أن والدها قد غادر تاركا لها مظروفا يحمل عشرة آلآلآف من الجنيهات أهكذا يظن يحمل لها حفنة من الأموال لتنصاع لأوامره هي ما عادت طفله كانت تدق بأصابع متوترة على لوحة مفاتيح الحاسوب تراجع قيمة أسهم الشركات المنافسة ومن حين لآخر ترتشف القهوة الساخنة التي حړقت حلقها ولكنها تابعت الشرب غير عابئة العبة عاشق والسؤال الحانق يتردد بداخلها عابثا بسلامها النفسي أيظن أنها لازالت طفلة توقف المصعد وفتح الباب وظهر بهيئته الشيطانية وسار بعنجهية مفرطة متجاهلا النظر إليها فطالعته متعجبة وهو يتجه لغرفة مكتبه التي لم يطأها من قبل واستمعت لنبرة صوته الآمرة قائلا ببرود
اتسعت عيناها پغضب ماجن أهكذا أصبح هو الآخر يتحدث إليها ! وكعادتها عندما تغضب تأخذ شهيقا عميقا وتتوالى الأرقام داخلها حتى العشرون فالعشرة لم تكن يوما كافية طرقت الأرض الرخامية بحذائها المدبب وحاولت مسح ملامح الڠضب المنحوتة بدقة على وجهها مكتفية بتقطيبة جبين واضحة لم تحتاج لطرق الباب فقد كان مفتوحا على مصراعيه إلى أن دلفت منه فأغلقه ورائها بهدوء وبعثر التوتر مشاعر الڠضب داخلها فوجودهما فقط في الطابق سویا خلوة كافية فلم عساه يوصد الباب عليهما وكأنما استمع لمخاوفها فابتسم لها وقال بإستهزاء تام
قطبت جبينها أكثر وقالت معترضة
.. إيه الأسلوب اللي بتكلمني بيه ده
أشار لها بيده مستفهما قائلا بحدة
.. ليه ما أحنا أصلنا جايين نتسامر مش نشتغل
وكانت الحدة من نصيبها هي الأخرى
.. أفندم
اقترب منها صارخا
.. ماهو أنا لما أبعتك مأمورية وبدال ما تتفضلي وتتكرمي وتتعطفي تردي عليا حضرتك تروحی بیتکو ولا كأن فيه أي حاجة يبقى احنا جايين نتسامر ماهو أنا أصبی کنت باعتك تسلي روحك مع العضو المنتدب في شركة الزهري
.. أنا مسمحلكش يا أسامة ولحد هنا وكفاية أنا موافقتش على التمثيلية دي عشان في الآخر اضطر اسمع سخافتك
وهمت بإنصراف ولكن أنامله كانت الأسبق فقبض على ذراعها بحزم وأدارها لتواجهه مرة أخرى فاتسعت عيناها بذهول غاضب
.. أنت اټجننت أنت أزاي تمسكني كده
.. عمل إيه معاكي إمبارح
جذبت ذراعها تلك المرة بقوة وقالت بحزم
.. لما تبقى تهدي وتعرف أنت بتقول إيه يبقى نتكلم
وفتحت الباب ودفعته ورائها بقوة وعادت مرة أخرى إلى حيث مكتبها ووجهها أحمر كقرص الشمس لحظة الغروب وداخلها مكتظ بكل مشاعر الڠضب والجنون وكانت تلك المرة الأولي له التي يراها في تلك الحالة فبادرها بسؤال مهتم
ولم يحتاج لإجابة درية التي عادت لمقعدها وهي تحييه بإقتضاب فقد كان ظل أخيه الذي يندفع من الغرفة تسبقه شياطين السعير خير إجابة فقال بهدوء قدر استطاعته
.. صباح الخير يا أسامة
ثم تناقلت نظراته بين الأثنين وأردف ساخرا
.. ولو أنه مش باين
ثم عاد لتوجيه حديثه لأخيه الذي كان بإنتظار المصعد ببرود
ودخل مكتبه فالټفت الأخير له وأطلق نظرة متوعدة بإتجاه تلك التي تتجاهله متعمدة فاقترب منها هامسا بوعيد
.. كلامنا لسه ماخلصش
أغلق جاسر الباب بهدوء وقال بصوت لا يقبل الجدال
.. عشان نبقي واضحين ياأسامة أيا ما كان اللي في دماغك لحد درية وستوب
الټفت له وضحك ساخرا محدقا فيه بتحد تام
.. وأنت بقى اللي هتعرفني إيه اللي عنده وأقف
أشار له جاسر بإصبعه مهددا
.. أبعد عن درية يا أسامة
هز رأسه وقال بعند
.. ميخصكش یا جاسر أنت اللي لازم تعرف حدودك أنا مش عیل صغير ولا أنا زیاد
كانا على وشك الدخول في عراك محتدم لولا طرقات درية الهادئة التي قطعت لحظاتهما المشحونة دخلت بهدوء لتضع على سطح مكتب جاسر أوراقها التي تحملها قائلة برود متجاهله صراع الأسود الذي يدور في الخلفية
.. دي نسختين من تقرير عملته عن حركة الأسهم والمعلومات اللي وصلتلها من مأمورية إمبارح باشمهندس أسامة
ثم أردفت بحزم
.. زائد طلب أجازة لآخر الأسبوع یا جاسر من فضلك
نظر لهما جاسر حانقا وقال بحدة موجها حديثه لأخيه
.. مأمورية أيه
سدد أسامة نظرة غاضبة نحو درية التي كانت تبادله النظرات متحدية غير عابئة وقال بهدوء غامض
.. هتعرف من التقرير اللي عملته درية لعبة عاشق
ثم انصرف اتجه جاسر لمكتبه وهمت درية بالإنصراف هي الأخرى حتى استوقفها جاسر قائلا بوضوح .
. ياترى الأجازة دي رد فعل على تصرفات أخويا
التفتت له وقالت وهي ترواغه
.. أنا عارفة أنه التوقيت مش مناسب بس أنا مضغوطة من كذا ناحية واتطمن أحنا مع بعض على التليفون وهقطعها لو حصلت أي تطورات
هز رأسه موافقا وقال بصوت لا يقبل الجدال
.. ابعتي البديل وخدي بقية اليوم راحة وبكرة بعده تكوني على مكتبك
ثم طالعت عيناه التقرير الذي أعدته وتعجب من دقة الأرقام فقال وهو يسدد نحوها نظرة ماكرة
.. يظهر أنه من الأفضل معرفش نوع المأمورية
فأشاحت بأنظارها بخجل وخرجت صامتة فماذا عساها أن تخبره أنها قد تقمصت دور إمرأة لعوب للحصول على معلومات بالغة السرية فقط لساعتين زمن ولو استمرت لربما حصلت على ماهو أكثر فهذا العضو المنتدب رجل أهوج قد يورط الشركة في مصائب مقابل رفقة حسناء وبدلا من أن يوجه أخيه الشكر لها بادرها بإتهامات مخزية .
طلته كانت مختلفة بعيناها طلتها هي الأخرى كانت مختلفة بعيناه لم تستاء من التغيرات التي طرأت على مظهره لأنها كانت واثقة تماما من معدنه وطيبة قلبه ولكن الإستياء كان من نصيبه فقال متبرما .
. عمل فيكي إيه الۏحش الكاسر
ضحكت بتوتر وهي ترحب به يإهتمام بالغ
.. اتفضل يا أسامة أزيك عامل إيه
رفت نظراته وهو يطالعها قائلا
.. خسيتي
ابتسمت بحبور وقالت
.. بجد أهوه أديني بحاول
إبتسامتها لم تصل لعيناها قط وسرعان ماغابت عن شفتيها وهي تقوده للداخل قائلة بهدوء
.. أظن أنه سوسن هانم نايمة دلوقت بس هيا ممكن تصحی کمان شوية.
رد بهدوء .. ولا يهمك أنا ممكن أقضي بقية اليوم معاكم ده لو مکنش بدايق
التفتت له وهي تنفي سريعا
.. بالعكس أبدا ده أنت تنورنا
.. سالي أنت بطلة
باغتها بتلك الكلمات عندما همت بالإنصراف للقيام بواجب الضيافة فالتفتت له قائلة بتوتر
.. ليه بتقول كده
قال وكأنما يؤكد لها حقيقة
.. اللي تعاشر جاسر والنسخة الأنثوية
منه لازم تكون بطلة
ثم أردف بلطف
.. متعمليش حاجة وتعالي احكيلي مالك ليه شكلك تعيس کده
توقفت الكلمات عند شفتيها وحشر صوتها في حلقها حتى ظنت أنها ستختنق والدموع هددت بإنهيار مزر أمامه فهزت رأسها نافية وقالت وهي تشدو هروبا
.. تعرف أنت بتفكرني ببابا الله يرحمه كنت ممكن أعرف أمثل على ماما لكن بابا .
وصمتت وجاهدت الدموع التي توالت بالطرق على جفونها بقوة أكبر عند ذكرى والدها الحبيب ثم أردفت بصوت متحشرج
.. كان بيقفشني كل مرة خليها وقت تاني يا أسامة أنا ورايا مشوار مهم الولاد فوق في أوضتهم بيلعبوا لو تحب تقعد معاهم
وتركته ينظر لهروبها بحيره لاعنا أخيه في سره ..قضى فترة لا بأس بها باللهو مع أبناء أخيه سليم كان يتحاشي اللهو بصخب وعندما يهم بفعل ما يتراجع عنه سريعا وكأنما يخشى التمتع باللعب حقا كأي طفل في الثامنة من عمره أما سلمى فكانت فتاة بريئة مرحة لم تكف عن السؤال عن ابنة عمها وإلى أين ذهبت وكيف لها أن تتركهم فكان سليم يقاطعها پعنف عندما تذكرها حتى هدئه أسامة وقال له
.. براحة على أختك يا سلیم أنت لازم تكون حنين عليها وتحميها مش تزعقلها وتتخانق معاها
فرد سليم متبرما
.. ماهي أسئلتها غبية
ابتسم له عمه بدفء وقال
.. عشان بتسأل عن مريم طيب أنت موحشتکش
هز رأسه وقال بحزن
.. وحشتني
فرد أسامة بحنان
.. أنا كمان وحشتني جدا بس اللي مصبرني أنها عند ربنا في الجنة بتلعب ومبسوطة
فقالت سلمى بعقل طفلة في الخامسة من عمرها لا تستوعب معنى الفراق
.. طب ما نروحلها نلعب معاها
هز العم رأسه مؤكدا بهدوء
.. هنروحلها في يوم من الأيام كلنا هنروحلها.
.. عيد كدة تاني اللي قولته
حدق فيه ولازال عقله يحاول إستيعاب ما قاله أخيه الأكبر فقال جاسر بضيق
.. فيه إيه مش مفهوم في كلامي
قبض على لسانه كي لا يتفوه بألفاظ قد تسيء لأخيه محاولا الهدوء ولكن محاولته لم تكن جدية بالقدر الكافي إذ أنه رد صارخا
.. أنا عايز أعرف أنت حدودك فين بالظبط إيه اللي ممكن يوقف جاسر سليم
رد پعنف
.. أنا مافيش حاجة ممكن توقفني ومافيش حد يلوي دراعي
ضحك أسامة بسخرية وقال
.. طب ما أهيه بتلوي دراعك
فرد جاسر بهدوء
.. الجواز مش لوي دراع ده قبول أو رفض بين أي طرفين
التمعت عيناه بحدة وقال
.. وأنت موافق یا جاسر
ضاقت عيناه وقال
.. القرار مش بتاعي لوحدي
حدق فيه غير مصدقا وقال
.. أنت ممكن تعمل كده في سالي فعلا
رفع أنظاره نحو أخيه وقال
.. إحنا في مركب واحدة وهيا پتخاف على مصلحتي
زعق فيه حانقا
.. أومال بتقولي ليه هه لمجرد العلم بالشيء أنت أصلا واخد قرارك ومش محتاج ليا ولا لغيري ولا هامك حتى الأرقام ولا المعلومات اللي جابتها درية
لم يستطع المقاومة أكثر من ذلك فاندفع نحو عبوة السچائر التي تخص أخيه وسحب واحدة وهو الذي أقلع عن الټدخين تماما منذ عام تقريبا ونفثها بقوة
.. مش كفاية وماتضمنش أن الشركة ترجعلي
عندها بهدوء قال ساخرا .. ترجعلك! مش ترجع لزياد
حل ربطة عنقه وهدر
.. ولما ترجع لزياد حيحصل إيه هيضيعها من تاني ونفضل نلف في الحلقة دية لحد أمتي
هز أسامة رأسه وقال وهو ينظر له بضيق قائلا بتهكم مرير
.. أنت أصلا واخد قرارك ومافيش حاجة هترجعك إلا لما تخسر عارف وأنا هسيبك تخسر وافتكر كلمتي ياجاسر افتكرها كويس
واقترب منه ولكزه بإصبعه في كتفه قائلا بتصميم
.. أنت محتاج الخسارة عشان بعد كدة تعرف تقدر قيمة اللي معاك
تمر على المرء لحظات يتمنى لو لم يختبرها قط ولكن للقدر لحظاته الفارقة في زمن قريب بمكان ليس ببعيد خرجت شابة في منتصف العشرينات من بيتها لتتجه لزيارة صديقتها التي انتقلت للحی القريب منذ يومان فقط زيارة لو أطالتها لساعة واحدة فقط في ثرثرة نسائية ما عرفت بخېانة خطيبها الذي كان يجلس في مطعم برفقة أخرى وهو الذي أخبرها يوم الأمس أنه سيكون مسافرا بعمل ولشدة هول المفاجأة عليها تركت الفتاة سيارة الأجرة التي كانت ستقلها عائدة لبيتها وهي تتجه للمطعم لتصب على الخطيب الغادر ڠضبها وكانت المحظوظة التالية بتلك السيارة الخاوية في هذا الوقت المزدحم سالي التي لم تكن محظوظة بقدر كافي إذ عادت لقصر آل سليم
متابعة القراءة