لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
سريعا وارتسمت بدلا منها مشاعر الڠضب والضيق فتابع زیاد بنبرة متوترة
.. برغم كل اللي بينا يا جاسر أنا فعلا مشفق عليك
رد جاسر بصلابة
.. مافيش حاجة بينا يا زياد أنت هتفضل أخويا مهما كان وأنا کویس الحمد لله وفر شفقتك
ابتسم له زیاد وقال وهو يدفعه لأحضانه
.. من قلبي بتمنى تكون كويس
.. والله بقينا مشغولين ومش فاضيين يا ست سالي
.. والله يا آشري بجد معنديش وقت خالص وبالعافية بلاقي وقت للولاد حتى بقالي أسبوع معتبتش النادي
عبست آشري وهي لا تزال تشعر بالحنق من صديقتها
.. ولا حتى تليفون وبعدين ليه كل ده
فمضت سالي تسرد عليها مجريات حياتها مؤخرا وما توصلت له و حتى اليوم فهتفت آشري بحماس
ابتسمت سالي بود وقالت
.. بس متتخيلیش الموضوع مرهق أد إيه ولولا كريم أنا كنت ضيعت
التفتت لها آشري وقالت بنبرة ماكرة
.. کریم مین کریم
احمرت وجنتا سالي رغما عنها وقالت بتوتر لا تدري سببه
.. ده مدير المركز اللي بشتغل فيه وصاحب الفكرة الحقيقة وصمم إنه يكون المدير المالي ده غير أنه ساهم معايا بمبلغ كده بس هوا شخصية محترمة جدا
.. سالي وشك أحمر خالص
عقدت سالي حاجبيها غاضبة وقالت
.. ده من الشمس على فكرة وبعدين مافيش اللي في دماغك ده
نظرت لها آشري بحنان وقالت بتصميم
.. على فكرة ده من حقك تعيشي حياتك بالشكل اللي تحبيه من غير قيد ولا شرط كفاية جاسر عايش حياته بالطول والعرض
جلست سالي على أقرب مقعد وقالت بهدوء
هزت آشري كتفها وارتشفت القليل من قنينة المياه التي تحملها وقالت
.. أنا بتكلم إن جينرال مستقبلا متحسيش بتأنيب ضمير ولا تعقدي الدنيا يا سالي موف أون الدنيا مبتقفش على حد
.. حاليا واقفة على ولادي نفسي أغمض عين وافتحها الأقيهم في حضڼي
ربتت آشري على كتفها
.. هيرجعهوملك وبكرة تقولي آشري قالت
نفضت سالي رأسها وكذلك نفضت الدموع بعيدا عن عيناها ووقفت قائلة
.. أنا أتأخرت يادوب أقضي نص ساعة في الجيم عشان ألحق أطلع على المشروع
.. وأنا هاجي
معاكي وأتمنى تقبليني شريكة متواضعة وتقبلي الشيك اللي هيديهولك ولا أخلي كلامي مع دکتور کریم
وکزتها سالي بغيظ وسارتا ضاحكتان وكلا منهما تفكر بالشريك الغائب الموصوم بلعڼة آل سليم رغما عن كرامتهما الجريحة
ما كانت تخشاه بالفعل واقعا متجسدا أمامها فقط بهيئة أكثر إثارة متمثلة في جسد فارع وحلة رياضية ونظارة شمسية تخفي ورائها نظرة ماكرة وأبيها يعلنها واضحة
.. طارق عرض عليا ياخد الولاد في رالي
کررت ورائه ببلاهة وهي تحاول إستيعاب الأمر وكيفيه سوق رفض لائق وقاطع في الوقت ذاته خاصة مع أعين صغارها المشټعلة بحماس
.. رالي !
استطرد طارق وهو يخلع نظارته وإبتسامة تعلو ثغره
.. رالي ده سباق عربيات
قاطعته بحدة
.. أنا عارفة الرالي السؤال فين
اقترب منها مهدئا قائلا بصوته العميق وعيناه تبلعان تفاصيلها البسيطة والمغرية في الوقت ذاته
.. متقلقيش على بعد خمسة كيلو بس من المزرعة وياريت تيجي معانا هتنبسطي أووي
تعالت صيحات ابنها الأوسط مشجعا
.. ياريت يا ماما هتنبسطي جدا صدقيني
تبعها تأكيد من الأكبر أن الأمر مشوقا أما الصغير فلم يتسنى لها فعل أي شيء تجاه حماسه المنقطع النظير إذ قفز يتسلق کتف طارق صائحا بابتهاج والتفتت لأبيها ونظرتها المخيبة للآمال استقبلها هو ببراءة تامة قائلا
.. ما هو الولاد أخدو الأجازة ومش معقول هيفضلوا محبوسين في المزرعة وفرصة أنت النهاردة أجازة
نعم بالفعل الكثرة تغلب الشجاعة بل ما غلبها حقا في تلك اللحظة عيناه الباسمتان وصوته الذي خصها فقط بهمس صادق لم تلتقطه سوى أذنيها
.. أرجو متعتبريهاش تطفل مني لأن في الواقع دي طريقتي للاعتذار
انسابت ضحكاتها العذبة تحملها نسمات النسيم ورغم الفراق لم يكن لينساها وزاد إفتقاده لها فسار ببطء نحوها فهو يعلم أنها عندما تراه سوف تخفت تلك الموسيقى وتبهت إبتسامة وجهها ولم تكن تلك رغبته أشارت له صغيرته بتحية من قبضتها الصغيرة وتدافعت خطواتها نحوه والتفتت لتراقب تقدمه الحذر بدهشة فعبست رغما عنها وساورتها الشكوك رفع سلمي في الهواء بقوة ودغدغها تحت أنظارها المحملقة به بغرابة فهيئته كانت غريبة بعض الشيء إذ تخلى عن حلته الرسمية بل وسرواله الكلاسيكي ليستبدله بآخر كاكي قصير وقميصا قطنيا بلون أزرق اقترب أكثر ولاحظت لحيته النبتة واشتاقت رغما عنها لملمسها الخشن ولم يسعها إلا أن تلاحظ أيضا نظرة عيناه الماكرة تبا له يعلم جيدا تأثيره عليها ونبرة صوته تمتع بالعبث إذ قال بابتسامة جانبية
.. إزيك يا سالي
پغضب متصاعد ودت أن تقول أحسن منك ولكنها ستكون كاذبة وسترقد في ظلمات الچحيم بكذبتها تلك فتنحنحنت واستجمعت أعصابها المتقافزة قالت بهدوء رصين بعد برهة
.. الحمد لله
جذب کرسيا بالمقابل لها وجلس بأريحية متسائلا
.. فين سليم
ردت صغيرته بالنيابة عن أمها
.. لسه ماخلصش تمرین
قامت سالي فجأة وقالت وهي تهرب بدقات قلبها التي فقدت إيقاعها السليم
.. أنا هروح أشوفه خليكي هنا مع بابا يا سلمی
قام بدوره وقال ببساطة
.. نيجي معاكي أنا عاوز أشوفه أنا كمان
عبرا البوابة المعدنية ليدلفا سويا عبر المكان المخصص لتدريب الكارتية وتشاغلت سلمى باللعب مع فتاة أخرى تماثلها عمرا تحت أنظار سالي التي تراقبها صامتة وفي الوقت ذاته تمنح بكفها تحية مشجعة لسليم والذي كان يبلي بلاءا حسنا بتمرینه خاصة بعد أن رأى طيف جاسر يراقبه هو الآخر ويمنحه تشجيعا إضافيا ظلا صامتين وإن كانت عيناه كالصقر لا تخفي عنه شاردة منها حتى قال بصوته الأجش
.. سليم لعبه اتحسن في الكام دقيقة اللي إحنا واقفين فيها سوا أنا وأنت
ردت بعند متجاهلة تلميحه المبطن
.. هوا سليم دايما كده بيبتدي التمرين عنده رهبة وبعدين بيكمل کویس
الټفت لها وقد ضاقت عيناه وقال
.. قاوحي يا سالي واعندي وأركبي دماغك زي ما أنت عاوزة وكل ده وأنا صابر عليكي عشان مسيرك ترجعي ليا وللولاد
احمرت وجنتها بشدة الغيظ واحترق قلبها پألم الغدر وقالت بمرارة النبذ مستنكرة
.. أنا ! أنا اللي بعند وأنت أنت اللي صابر یا جاسر! كتر خيرك هقولك إيه غير كده
زم شفتيه وقال مؤكدا
.. هترجعي إمتی یاسالي مش كفاية كده أنا كل ده وسايبك بكيفك
نفثت بلهيب الڠضب
.. مش هرجع يا جاسر
وضع ساقا فوق الأخرى بعنجيهته الفطرية
.. عند يعني مش أكتر
مضت تراقب أطفالهما لترسل أنظارها بعيدا عنه في محاولة فاشلة للتجاهل قائلة بسخرية
.. آه عند
ضحك متهكما فيهدي محاولتها صڤعة مدوية إذ بائت بالفشل
.. وهتترهبني من بعدي ياسالي خليكي حقانية عمرك كله هتقضيه وأنت بتحاولي تنسيني ومش هتقدري إستحالة تقدري
عادت أنظارها لتستقر دون تصديق على ملامح وجهه الواثقة والتي أهدتها إبتسامة واسعة ولجم لسانها وفتأت تحاول أن تجد ربما ولو شق كلمة لترد بها على غروره الوقح فتمحي بها آثار إبتسامته الواثقة دون رجعة ا ولكنها بائت بالفشل فاحمر وجهها أكثر وأكثر فأشفق عليها واستحوذ على كفها فجأة وربت عليه برفق ورفعه
ليلثمه مرة أخرى في غضون أيام قليلة ويرسل المزيد من الشحنات التي أتت على ما تبقى من تماسكها الضعيف ورغما عنها أغلقت عيناها بقوة لتمنع سقوط مزر لدموع لا تستطيع التحكم بها وقامت فجأة قائلة بقوة
.. أنا هروح أسأل لسلمي عن معاد تمرینها...
أتراها تنساه يوما كيف وقلبها معلق بقطعتان تشبهانه راقبت انصرافهما بصحبته بقلب ينوح بعذاب صامت وأعين صغارهما معلقتان بظلها كرهته في تلك اللحظة أيما كراهية هو من يمزقهم بعناده ويدعي بعد كل ذلك الصبر ! فأني لها هي بالعودة والتراجع عن حياتها الجديدة!
سارت ببطء دقات قلبها عائدة لمنزل عائلتها مشيا على الأقدام صراعها الداخلي كان أكبر من سعة صدرها والدموع تنهمر من مقلتيها بلا حساب ولا رادع حتى مع نظرات المارة المتعجبة نهرت نفسها مرارا وتكرار ولكن لا فائدة لحسن حظها عندما وصلت للمنزل لم تجد أمها في انتظارها فلابد وأنها في زيارة لأختها الكبرى فاتجهت قدميها دون أن تشعر لملاذ والدها الراحل حاولت الاعتناء بزهوره وزروعه ولكنها لم تكن ناجحة بقدره ومع ذلك استطاعت الإبقاء على بعض المزروعات القوية والتي لا تتطلب جهدا في الرعاية.
مرت سريعا وهي تتفقد حالتهم وانشغلت أناملها بحالهم وكذلك عقلها لكن القلب كان لا يزال يأن من وقع كلماته القاسېة تمتمت لنفسها بحنق جم صابره ثم جلست على الأريكة الخشبية لترتاح قليلا وربما يرتاح عقلها من تكرار كلماته على مسامعه ثم أتاها صوت العظيمة كوكب الشرق لكأنما تواسيها وتشد من أزرها وهي تصدح بأغنيتها الرائعة فات الميعاد وتجد نفسها رغما عنها تنساب دموعها من جديد تحت وطأة كلمات أم کلثوم العذبة المعذبة بيني وبينك هجر وغدر وچرح في قلبي داريتوه آآآه بيني وبينك ليل وفراق وطريق أنت اللي بيدتوه آآه وهمست لنفسها وهي تمسح دموعها بقوة أنت اللي بديت ياجاسر والبادي أظلم لا تعلم إن كان رد فعل على حوار الأمس أم هو بالفعل الطريق الذي يجب أن تنشد لتتخطاه نحو حياة بلا رجوع موافقتها الفورية أثارت تعجبه ودهشته إذ توقع أن ترفض بحمرة خجل وتحفظ عهده دائما بها فقال مرة أخرى ليتأكد
.. یعني على تلاتة كده نروح سوا بعربيتي!
هزت رأسها قائلة
.. خليها تلاتة ونص یا کریم أكون خلصت كل الحالات اللي عندي
هز رأسه ضاحكا
.. خلاص تلاتة ونص نروح نقابل صاحب الشركة وإن شاء الله التوريد خلال أسبوع بالكتير
ابتسمت له وهي تعود مرة ثانية للحالة التي تتابعها
.. إن شاء الله
خرج من غرفة العيادة منتشيا بسعادة لا يعرف سببها الفعلي يعلم بأنه يخطو بخطوات متسرعة على أرض متصدعة ولكن ليس هنالك على الفؤاد سلطان
وبغرفتهما كانت تدلك بتدليك صباحي سريع لكتفه رفضه بضيق أنفاس قائلا
.. أنا اتأخرت یاداليا
عبست بوجهه بدلال وقالت
.. إن كان عليا مش عاوزاك تروح الشغل النهاردة فيه مشوار مهم لازم نعمله سوا
قضب حاجبيه متعجبا وقال
.. مشوار إيه
وضعت يدها على كتفيه من جديد وقالت بعيون راجية
.. جاسر من أول ما حملت وأنت مروحتش معايا ولا مرة للدكتور إيه منفسکش تشوف البيبي
ابتسم ساخرا وتمتم
.. وهشوف فيه إيه ده لسه يادوب
عبست پغضب وقالت بدموع تماسیح
.. أنا كان قلبي حاسس أنك مش هتحبه قد حبك ل
فقاطعها زاعقا
.. داليا من
متابعة القراءة