متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه

موقع أيام نيوز

في طفل جاي في الطريق.. والوضع مش مستحمل..
غمغمت بحنق
طفلة هتخلف طفل!
ابتسم بسخرية وهو ينهي الحوار
طفلة يمكن.. بس عرفت ولو بالفطرة إزاي تسكن يزيد وتتمكن منه.. حاولي تتعلمي منها حاجة..
رمقته بحذر وقد جمعهما معا نفس الشعور للمرة الاولى.. فهما يشعران ويالسخرية بالحسد نحو يزيد وعلياء..
كان حسن منهمكا في عمله كعادته.. نائيا بنفسه قليلا عن زملائه.. يحاول جاهدا التأقلم والاندماج معهم والمحافظة على هويته في نفس الوقت.. ويعلم مدى صعوبة هذا.. فإن شعروا للحظة أنه يتعالى عليهم أو يعاملهم على أنه أعلى منزلة لفقد مودتهم الفطرية وتقبلهم الطبيعي له.. يحاول المحافظة على علاقة متوازنة معهم ولكن رغما عنه أصبح يتنازل قليلا.. فيشاركهم جلساتهم وخاصة بعد زيارة تلك السيدة التي تسمى ابتسام وازدياد التعليقات الموحية نحوه.. فاضطر لتبادل المزاح والنكات معهم حول الأمر محولا إياه إلى مزحة سخيفة حتى لا يتحول الموضوع لاتجاه آخر..
دقات لكعب رفيع وعالي وصلت لأذنيه مع همهمات وضحكات مكتومة من زملاؤه.. وصوت يصطنع النعومة
هاي يا أسطى سونة!..
حاول ألا يلتفت نحوها.. ولكنها رفعت أناملها لتحركها على كتفه لتجبره على الالتفاف نحوها.. ليجدها ترتدي أقصر تنورة وقعت عيناه عليها.. حتى أنه ظن لوهلة الأولى أنها نسيت أن ترتدي واحدة تحت البلوزة الخضراء الشيفون التي.
وجدها ترمش بعينيها اللتين تحولتا إلى لون زمردي
شفت عينيا بقيت لون عينيك إزاي..
رمقها بذهول
افندم!
اقتربت منه وهي تتغنج بوقاحة
ما بتردش على تليفوناتي ليه..
أجاب باقتضاب
أنا رديت عليك فعلا.. وبلغتك أني مش فاضي لأي شغل خاص..
ما حلقتش دقنك ليه..
كاد أن ېصرخ بها.. أنت مچنونة يا ست أنت!.. ولكنه بدلا من ذلك.. قرر أن يلاعبها بطريقتها فازاح يدها ببطء وهو يهمس لها
بحلقها بالليل.. عشان بتضايق مراتي..
ابتعدت عنه ولمعت عينيها بسخرية
أنت متخيل كده.. أني هغير... تؤ تؤ تؤ.. أنا ما يهمنيش مراتك.. ولا أيه اللي بيضايقها.. ولاحبها لك ولا حتى حبك لها..
ورفعت أناملها لتداعب صدره بإغراء
أنت عارف اللي أنا عاوزاه..
سألها
واللي هو..
وصمتت للحظة لتردف
ونغير جو.. وبعدين ترجع لمراتك.. ما ترجعش.. براحتك..
أجابها بابتسامة
فكرة كويسة.. حتى هتكون فرصة حلوة أني أفسح منى في الساحل..
سألت پغضب
منى مين..
هز كتفيه بملل
منى مراتي..
أنت كنت فين قبل ما تيجي يا حسن..
تسللت دنيا بخفة من الفراش تاركة مازن ليرتاح قليلا.. ارتدت روبا قصيرا.. واتجهت للمطبخ لتعد له النسكافيه كما يحبه.. بدون استخدام الماكينة.. ولكنها تعده له يدويا حيث تدعك السكر مع حبيبات النسكافيه لفترة طويلة ثم تصب له الماء واللبن.. الثلث والثلثين.. ابتسمت لنفسها ابتسامة حزينة.. فهي أصبحت تحفظ عاداته وما يحب وما يكره كما تحفظ اسمها.. وتسعى دائما لإسعاده وإرضائه..
وضعت يدها على قلبها تريد أن تخرجه من بين ضلوعها لتسأله..
ليه.. ليه ما اختارتش تحبه هو.. ليه اختارت اللي بيوجعك ويجرحك....
كادت أن تسقط دمعة من عينيها.. 
ليه سيبتي السرير..
حاولت أن تبعد يديه ولكنها تعلم مدى إصراره عندما يريد شيئا.. فتركتهما أخيرا
كنت بعملك نسكافيه..
اممممم.. ممكن نأجل النسكافيه شوية..
مازن.. عندي شغل.. لازم أنزل..
حرك يده من خلف رأسها ليزيح قدح النسكافيه فيسقطه في الحوض.. ورفعها بين ذراعيه واتجه بها إلى غرفتهما بسرعة..
بعد فترة.. كان يرتشف قدحا آخر من النسكافيه بتلذذ وهو مستلقي في الفراش.. وهي جالسة بجواره.. تريد أن تعلم ما به.. فهي تشعر باختلافه.. وخاصة بعد ظهوره أمام عتبة شقتها في الليلة التالية لزفافه.. ليلتها همس باجهاد
صداع يا دنيا.. صداع هيفرتك دماغي..
اصطحبته ليلتها إلى الأريكة.. ووضعت رأسه في حجرها وظلت تمسدها لساعة كاملة قبل أن تظهر معالم الارتياح على وجهه..
همست له
أحسن دلوقت..
أجاب باقتضاب
أنا كنت عند حسن..
ولم يقل المزيد.. فقط أغمض عينيه واستسلم للنوم..
علمت ليلتها أنه لن يجيب على أي سؤال.. فاحترمت رغبته.. ولم تجادل.. ولم تناقش.. فقط عدلت من وضع رأسه لتتلقاها على صدرها.. وظلا هكذا.. حتى الفجر.. فنهض ليذهب الى منزله وهو يضمها الى صدره طابعا قبلة على جبينها
متشكر قوي يا دنيا..
تحسست وجنته بحنان
انا موجودة دايما يا مازن.. دنيا صديقتك
قبل ما أكون دنيا مراتك..
أفاقت من ذكريات تلك الليلة على أصابعه تداعب ساقها وهو يسألها
سرحانة في إيه..
رمقته للحظة
عايزة أزور عليا..
ابتسم ابتسامة واسعة.. تحولت لضحكة عالية.. ولم يستطع التوقف عن الضحك.. حتى أن دنيا سحبت منه قدح النسكافيه وهي تلكزه پعنف
إيه!.. هو أنا قلت نكتة!..
هز رأسه وهو يحاول التحكم في ضحكاته
مستغرب بس.. مراتاتي الاتنين.. بيحبوا عليا جدا.. أعتقد أنها الست الوحيدة اللي هتجتمعوا على التعاطف معاها وحبها.. وهي تستحق بصراحة..
وقفت دنيا على ركبتيها ووضعت يديها في خصرها لتطل عليه من علو
سخيف.. على فكرة ما فيش حاجة تضحك.
ثم قطبت حاجبيها
أنت معجب بعلياء بجد
تصنع التأثر
أنت عايزة يزيد ېقتلني صح.. بس دي غيرة دي ولا إيه!.. غريبة.. أنت عمرك ما غيرتي من نيرة!
رمقها بدهشة
عارفة.. على قد وضوحك.. على قد ما أنت لغز كبير..
أمسكت ذقنه بأناملها وهي تداعبه
بس لغز حلو.. مش كده..
تحرك فجأة ووضع القدح بجواره وقلبها على ظهرها وهو يهتف
لغز زي العسل.. وأنا ناقصني عسل اليومين دول!..
ضحكت بعبث.. وتملصت منه لتقف بجوار الفراش مكتفة ذراعيها
عايزة أروح لعليا..
رمى نفسه على الفراش وهو يتحسر متمتما
مكتوب عليك الحرمان من العسل يا مازن.
ثم رفع صوته
بلاش يا دنيا.. يزيد هيتضايق..
رفعت حاجبها
ومين قالك أني عايزة موافقته!
طب وموافقتي أنا!
وأنت مش هتوافق ليه..
اعتدل في جلسته وجذبها لتجلس بجواره
وضع عليا النفسي مش مستقر.. اللي مرت به مش بسيط.. ده غير الحمل.. بلاش.. يا دنيا.. وخاصة إنه المفروض أنك ما تعرفيش تفاصيل اللي حصل..
بس أنا كنت عايزة أساعدها..
يزيد موجود..
رمقته بنظرة ڼارية.. فعادت ضحكاته ترتفع وهو يجذبها لتصبح تحته مرة أخرى
يظهر أنك ونيرة بتشتركوا في حب عليا وكره يزيد..
همست بضعف
مازن..
اقترب منها بخطۏرة
مازن محتاج العسل...
وصل يزيد إلى فيلا والده وهو يشعر بالإجهاد الشديد.. فهو لم يغمض عينيه منذ يومين.. ولن يطمئن ويغمضهما قبل أن يصطحب علياء إلى شقتهما بأمان.. حتى أنه طلب من رئيس الأمن في مجموعته وضع رجلين من أفضل رجاله أمام غرفتها بالمشفى.. وأمرهما ألا يسمحا لأحد بالدخول سواه هو ونيرة فقط.. فبالرغم من سخافة نيرة إلا أنها تهتم بعلياء بصدق..
اقترب من مكتب والده ليخبره بقراره بعدم العودة إلى دبي مرة أخرى.. فهو قرر البقاء ومحاولة إنجاح حياته والتأقلم مع وجود زوجتين.. ضړب رأسه بقوة.. فريناد ما زالت بدبي.. كيف غاب ذلك عن باله.. حسنا.. سيطلب منها العودة.. ولكن أولا.. يحتاج إلى الحديث مع والده.. ثم حوار طويل وحازم مع والدته ليوضح لها وضع علياء في حياته..
قبل أن يمد يده ليفتح باب المكتب وصله صوت والده ېصرخ في والدته پغضب
أنت تعديت السڤالة للإجرام.. ولو كنت فاهمة إني ما اكتشفتش اتفاقك مع أعمام عليا تبقي غلطانة.. السواق بتاع عليا اعترف بكل حاجة.. والقذارة اللي بلغتيها لأهل البنت أنا مش هسكت عليها.. اللي عملتيه ده يا مدام اسمه تحريض على القټل..
تجمدت يدا يزيد على مقبض الباب وهو يستوعب ما وصل لأذنيه للتو...
الفصل العشرون
وقفت منى تمشط خصلاتها السوداء الطويلة يرتسم تعبير غامض في عينيها التي تقابل عيني حسن في المرآة.. منذ عاد من عمله وهي تتهرب منه.. ولكن عينيها تمسح ملامحه بغموض غريب.. وكأنها تبحث عن شيء ما..
تحرك حسن أخيرا من فوق الفراش وقد سأم لعبة تبادل النظرات عبر المرآة.. امتدت يده لتمسك بكفها فتسقط فرشاة الشعر منها محدثة دويا خفيفا.. ولفها نحوه وهو يضمها بقوة هامسا
الجميل زعلان ولا مخاصمني!
لم ترد عليه بل لم ترفع عينيها إليه حتى.. حرك أنامله ليمسك بذقنها يرفع وجهها ليواجه عينيها الحزينة وهو يهمس وقد ظهر القلق واضحا بنبرته
منى.. أنت مش طبيعية.. في إيه..
حاولت الهروب من عينيه.. الابتعاد عن قبضته القوية حول خصرها.. تتناسى تلك المكالمة الملعۏنة.. صاحبة الصوت المغناج التي تتغزل بزوجها ورجولته.. ومتعتها بين ذراعيه..
دفعت منى حسن بقوة تخلص نفسها من بين ذراعيه هاتفة بصوت مجروح
أنت كنت فين قبل ما تيجي يا حسن..
لم يسمح لها حسن بالابتعاد.. وتمسك بذراعيها بين يديه يلمح دموعها التي أبت التوقف ونظرات الألم بعينيها وهو يهز رأسه بحيرة
كنت في الشغل يا منى.. هكون فين يعني..
دفعته للتخلص من ذراعيه.. ومنعته من محاولة الامساك بها من جديد وتعالت شهقاتها
لا يا حسن.. لا.. قولي كنت فين..
تحرك ليتمسك بكتفيها ويتغلب على مقاومتها الواهية ليقترب من عينيها الباكية
منى.. أنا عمري ما كدبت ولا هكدب عليك.. في إيه.. أنا مش فاهم حاجة.. فهميني..
منى.. أنا أعصابي اتحرقت.. في إيه..
مسحت دموعها بظاهر يدها وهي تشير إلى خدشه بإصبع مرتعش
الچرح اللي في رقبتك ده من إيه..
هي دي الحقيقة يا منى..
هزت رأسها بذهول
يعني الست دي.. عايزة... عايزة...
تركت سؤالها ناقص.. بدون أن تكمله.. بينما تضرجت وجنتيها خجلا.. فلم يستطع حسن كبت تعليق مشاكس
لسه خدودك بيحمروا يا منى!!..
صړخت بغيظ
حسن!!..
حسن!!.. حسن زعلان.. حسن مخاصمك.. معقولة تشكي فيا!!..
أخفضت منى نظرها حرجا وهي تهمس
ده مش شك.. دي.. دي..
همس مستمتعا
غيرة..
رفعت عينيها إليه ودموعها مازالت تتعلق بأهدابها.. وهمست بوجل
وخوف يا حسن.. خاېفة أصحى من حلمي بيك.. خاېفة أفوق وأنزل من سابع سما.. ووقتها مش رقبتي اللي هتنكسر.. لا.. ده قلبي..
ضمھا إليه أكثر.. هامسا
بحبك يا منى.. وما حبيتش غيرك..
سكنت بين ذراعيه تستمع لدقات قلبه والتي رغم صخبها إلا أنها كانت تهدئ من مخاوفها.. وتمنحها أمانا وحماية كانت في حاجة لهما.. ظلا هكذا لفترة.. حتى علا رنين
هاتف حسن.. تجاهله في البداية إلا أنه عاد للرنين مرة تلو الأخرى.. حتى اضطر أن يبتعد عن منى لييمسك بالهاتف ويتأمل شاشته المضيئة بغيظ جعل منى تتحرك بدورها لتجواره وهي تسأله
في إيه يا حسن.. مين على التليفون..
أجاب بغيظ
دي الست ال.. اللي قلت لك عليها..
توسعت عينا منى بذهول وهي تستمع إلى اللفظة التي أطلقها حسن على ابتسام.. وسرعان ما توردت وجنتيها حرجا من مجرد التفكير بتلك الكلمة.. ولاحظ حسن ذلك على الفور.. فغمغم معتذرا
آسف يا منى.. الأسطوات اللي معايا بيقولوا الكلمة دي باستمرار.. يظهر أنها مسكت في لساني..
أومأت منى برأسها وظهر اللوم واضحا بنبرتها
بصراحة يا حسن أنت بقيت تكرر كلام كتير من بتاع زمايلك ده.. يا حبيبي.. مش لازم تنسى أبدا أن دي فترة مؤقتة.. و..
قاطعها حسن بضيق
أنا فاهم يا منى.. وآسف إذا كنت ضايقتك بكلمة كده ولا كده..
عاد الرنين يرتفع مرة أخرى.. فما كان من منى إلا أن سحبت الهاتف من يده.. وتأكدت أن تلك السيدة هي من تتصل ففتحت الخط على الفور.. لتصدم أذنيها ضحكة مبتذلة وصوت ابتسام الذي تعرفت عليه من مكالمتها السابقة يهمس في شماتة
أكيد مراتك اللي أنت طالع لي بيها السما دي طينت عيشتك.. عشان تعرف أنك مش قدي.. أظن تعقل كده بقى وتهاودني بدل..
كانت عينا منى
تم نسخ الرابط