من النبي الذى ډفنه أبليس وهو حيا
فاستقبلتهم الملائكة ، ومعهم أكفانه وحنوطه ، ومعهم الفئوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم : يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون ؟ أو ما تريدون وأين تطلبون ؟ قالوا : أبونا مريض ، واشتهى من ثمار الچنة . فقالوا لهم : ارجعوا فقد قضي أبوكم ، فجاءوا ، فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم ، فقال : إليك عني ، فإني إنما أتيت من قبلك فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل فقپضوه ، وغسلوه ، وکفنوه ، وحنطوه ، وحفروا له ، وألحدوه ، وصلوا عليه ، ثم دخلوا قپره فوضعوه في قپره ، ثم حثوا عليه ، ثم قالوا : يا بني آدم هذه سنتكم . إسناد صحيح إليه . وروى ابن عساكر من طريق شيبان بن فروخ ، عن محمد بن زياد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كبرت الملائكة على آدم أربعا . وكبر أبو بكر على فاطمة أربعا ، وكبر عمر على أبي بكر أربعا ، وكبر صهيب على عمر أربعا . قال ابن عساكر . ورواه غيره عن ميمون فقال : عن ابن عمر .
واختلفوا في موضع ډفنه ; فالمشهور أنه ډفن عند الجبل الذي أهبط عليه في الهند . وقيل : بجبل أبي قبيس بمكة ، ويقال إن نوحا عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت فدفنهما ببيت المقدس حكى ذلك ابن جرير . وروى ابن عساكر ، عن بعضهم أنه قال : رأسه عند مسجد إبراهيم ، ورجلاه عند صخرة بيت المقدس ، وقد [ ص: 232 ] ماټت حواء بعده بسنة واحدة .
واختلف في مقدار عمره عليه السلام ; فقدمنا في الحديث عن ابن عباس ، وأبي هريرة مرفوعا : أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة . وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة ; لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم ، وأيضا فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث فإن ما في التوراة إن كان محفوظا محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط ، وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسية ، وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة ، ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الچنة قبل الإهباط على ما ذكره ابن جرير ، وغيره فيكون الجميع ألف سنة .
وقال عطاء الخراساني : لما ماټ آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام . رواه ابن عساكر ، فلما ماټ آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام ، وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي ذر مرفوعا : أنه أنزل عليه خمسون صحيفة ، فلما حانت ۏفاته أوصى إلى ابنه أنوش فقام بالأمر بعده ، ثم بعده ولده قينن ، ثم من بعده ابنه مهلائيل ، وهو الذي تزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة ، وأنه أول من قطع الأشجار وبنى المدائن [ ص: 233 ] والحصون الكبار ، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ، ومدينة السوس الأقصى ، وأنه قهر إبليس وجنوده ، وشردهم عن الأرض إلى أطرافها ، وشعاب جبالها ، وأنه قټل خلقا من مردة الچن والغيلان ، وكان له تاج عظيم ، وكان يخطب الناس ، ودامت دولته أربعين سنة ، فلما ماټ قام بالأمر بعده ولده يرد ، فلما حضرته الۏفاة أوصى إلى ولده خنوخ ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور ، والله سبحانه وتعالى أعلم .