المطارد بقلم امل نصر
المحتويات
المطارد
الفصل الأول بقلم أمل نصر
في بلدة صغيرة في أقصى الصعيد وقريبة من الجبل و ليلة شتاء باردة لدرجة الصقيع ملبدة بالغيوم الكثيفة وموحشة بهذه الأصوات الصادرة من الذئاب الجائعة والباحثة عن طعامها فتجعل من سكان القرية بعد صلاة العشاء مباشرة أسرى منازلهم كما تخلو شوارع القرية تقريبا من المشاه إلا ممن خرج مضطرا.. ملتزمين بحصن منازلهم مهما كانت ضعيفة متهالكة وقديمة أو مصنوعة من الطوب الأخضر ولكن يكفي الدفء الأسري فيها والأمان رغم انه هو الاخر اصبح مهددا بفعل مجموعات من البشر استحلت الحړام وهددت أمن الأمنين!
تختلط يمنى يوميا بالعديد من الأشخاص الغرباء ولكنها لا تسمح لعواطفها أبدا بالتدخل في عملها رغم طيبتها المفرطة واخلاصها الامتناهي في علاجهم.. مما يجعل هذا السؤال المحير يدور برأسها بغير هوادة كيف تحلم بشخص غريب يناجيها ويرجوها بعيناه وكأنه يعرفها وتعرفه وكأنه يعلمها وتعلمه كيف تشعر بألمه كيف تتعلق روحها بمن لم يسبق لها رؤيته اطلاقا على الحقيقة ام انها تهذي وقاربت على الجنون
أجفلت منتفضة من هذا الصوت الأنثوي الصارم لتكمل المرأة بصياح
ما تردى يازفته سرحانه فى ايه
وضعت يدها على قلبها المرتجف وهى تحدثها
فى ايه بس يا أمي خضتيني
هتفت والدتها بوجه عابس
سلامتك ياختي من الخضة ابوكي ليه مدة طويلة بينده عليكي وانتي ولا كانك في البيت اساسا دا انا الصوت وصلني جوا في اؤضتي وانتي برضك ماسمعتيش خبر ايه يابت كنتى سرحانه فى ايه
يعنى هاكون سرحانة في ايه بس ياما عادي.
رددت نجيه خلفها بعدم تصديق
اممم عادى! طب أخلصىي قومي أعملي كوبايتين شاي وطلعيهم لعمك وأبوكي فوق على السطح.
أومأت برأسها تجيب بطاعة
صاحت عليها مرة أخرى بحزم
اخلصي يا يمنى! متتأخريش على ابوكي وعمك هو انتي لسة هاتفكري وتتمطعي مكانك
قايمه اهو على طول يا أمي والله .
قالتها وهي تنهض عن مقعدها بسرعة مما جعل نجيه تتركها وتدلف إلى الداخل تنفست يمنى صاعدا ثم همت لتذهب وتعد ما طلب منها ولكن قبل أن تتحرك وقعت عينيها على ماكانت ترسمه لتجدها نفس العينان التي تراها في أحلامها منذ فترة .
طب أقول لأمي أيه أقولها إني بشوف واحد في منامي مش باين منه غير عنيه وأنا اساسا معرفوش على الحقيقه أكيد هتقول عليا مچنونة ! أكيد!
صعدت يمنى إلى السطح بعدما أعدت الشاي كما طلبت منها والدتها لأبيها وعمها الساهران جالس أمام الڼار التي أشعلها مع أخيه يونس لتعطيهم بعض دفئها وحراراتها ألا يكفى للرجل شقاء النهار في عمله وزراعة الأرض ليحرم من النوم ليلا ويقضي معظمه في حراسة المنزل ايضا!
يمنى تعالى يا بابا.
قال سالم بعد أن أجفل لرؤيتها وهي تتقدم نحوهم فخاطبها ايضا عمها يونس وهو يفرك بيديه أمام الڼار
توك واصله! دا احنا بقالنا فترة مستنين يابنت أخويا.
معلش ياعمي بس والنعمة أنا قومت على طول أول أما قالتلى أمي.
قالتها وهي تناول الاثنان كاساتهم من الشاى
يونس وهو يرتشف من الكوب الزجاجي ويتلذذ بمذاق الشاي
تسلم أيدك يابت يا يمنى كوباية عنب تعمر الدماغ بصحيح.
قال سالم هو الاخر
يونس وهو يتطلع برأسه حولهم في جميع الأنحاء
اهي الليالي دي بتبقى عيد للحرامية.
أومأ سالم برأسه يوافق أخيه الرأى بغصة مريرة في حلقه وقال
انت هتقولي ! يعنى مش كفاية التعالب اللى بتنزل ليلاتى تاكل الطيور من داخل بيوتنا كمان يطلعلنا أولاد الحړام دول ويسرقوا البهايم إللى ساترانا أحنا وعيالنا! منهم لله حرموا علينا النومة في قلب بيوتنا.
جلست يمنى بجوارهم أمام الڼار تستمع بتركيز وأكمل يونس.
امال لو تعرف أني سمعت من جماعة صحابى من يجى يومين كده أنهم شافوا ديب نازل من الجبل.
خرج صوت سالم بنبرة جزعة
يانهار أسود دا تلاقيه جاع وملاقاش أكل في منطقته استرها علينا يارب استرها.
هم يونس بالرد ولكن أوقفه هذا الصوت القوي والذى أجفل الثلاثة منتفضين .
تكلم سالم وهو يتناول ببندقيته لينهض بسرعة ليتفقد الوضع من سور السطح
ياساتر يارب! ضړب الڼار دا جاي منين!
دا لازم الحرامية نزلوا البلد تاني دي باينها ليلة مجندلة من اولها الواحد كان قلبه حاسس
قالها يونس وهو ينهض أيضا مع أخيه ليتفقدا الطريق المؤدي للجبل والمنازل والطرقات المتفرقة على مرأى أبصارهم.
أردفت يمنى پخوف وهي تقف على مسافة قريبة منهم
يابويا تعالى أنزل شوية وأعملوها دوريات انت وعمى.
سالم وهو ممسك بسلاحھ بحذر وعينيه تنظر بعيدا بترقب وتركيز
انزلي أنتي يا يمنى وأتأكدي من قفل الشبابيك والأبواب كويس.
همت لتجادل أباها ولكن مع انطلاق سيل الطلقات الڼارية مرة ثانية اللجمها الخۏف عن الحديث فصمتت تنظر بالقرب منهم بقلق
ياساتر يارب صوت الضړب مش راضي يوقف هو أيه اللي حاصل بالظبط
قالها يونس وهو ينظر لأخيه الكبير سالم بړعب جلي والذى بادله الاخر نظرته بقلق بالغ.
ربنا يستر يايونس دا انت بينك صدقت لما قولت عليها ليلة مجندلة من اولها.
يمنى وهي تنتفض من الخۏف خرج صوتها بارتعاش
يا بويا أرجوك تنزل أنت وعمي دلوقتي وبعدين اطلعوا على ما يسكت ضړب الڼار دا شوية في الليلة اللي ما راضية تعدي دي !
نهر سالم ابنته بعد أن أجفل لرؤيتها ثانية يخاطبها بنبرة حانقة
أنت لسه جاعدة مكانك يا يمنى أخلصي يابت انزلي وأعملي اللي جولتلك عليه.
لكن يابويا..
اخلصي يا
________________________________________
يمنى وأكدي كويس على قفلهم.
قالها سالم بقوة وحسم فأذعنت يمنى مضطرة ونزلت الدرج بخطوات مثقلة وذهنها مشتت خوفا وإشفاقا على أبيها وعمها الشاب وبداخلها تردد في الأدعية الحافظة حتى ينجي الله الاثنان
تنفيذا لقرار أبيها بدأت يمنى بغرفة أخواتها البنات سمر و ندى شقيقاتها الصغار اقتربت من فراش كل واحدة منهن تعيد عليها الغطاء وهي نائمة وبعدها توجهت للنافذة الخشب وأغلقتها باحكام ثم خرجت لغرفة أخيها الصغير وجدته نائما هو الاخر فعلت معه نفس الشيء وكررت كذلك بجميع نوافذ المنزل والابواب ولم يتبقى
متابعة القراءة