قلبي وعيناك والايام بقلم رحاب ابراهيم

موقع أيام نيوز


.... وأولهم هو .... ڼزفت عينيها دموع منهمرة وقالت بحسرة ومرارة _ أنت أزاي ناسي أن ربنا موجود ! أزاي مش خاېف منه ومن كل سنين الظلم اللي دوقتني مرارها كل يوم في العشر سنين اللي فاتوا ! منك لله....منك لله ..... اسرعت للخارج وهي تبك.....كانت أبنتها الصغيرة تحتمي بذراعيها ....الصغيرة لا تفهم معنى ما يقال....لا تفهم سوى لغة الصړاخ والعڼف التي طالته على يد أبيها ..... بالطريق ...... خرجت ليلى وهي تضم صغيرتها بقوة واستطاعت بصعوبة أن توقف سيارة أجرة من الطريق ..... جلست بالسيارة وكادت أن تخبر السائق العنوان حتى رأت من يفتح باب السيارة المجاور لمقعدها ويجلس بجانبها ...حتى أن السائق تفاجئ ...... قال وجيه بصوت متعصب وأخبر السائق بالعنوان ...... تحركت السيارة تحت نظرات ليلى المصډومة من مجيئه ... أرادت بقوة أن تبتسم ...! ترتمي بين ذراعيه وتطلب أن يبقى إلى الأبد ....! أن تخبره بكل ما تستطع تذكره من تيهتها .... ولكن ....أين المسير والمصير بعد هذا ! يجب أن يبقى بعيدا ....لابد أن يبقى بعيدا ...... انتبهت الصغيرة لصوت وجيه فبدأت تبك مرة أخرى بعدما توقفت بعض الشيء..... بكائها عتاب ! كأنها تعاتب والدها أنه ترك يديها بين الزحام ! تنقلت نظرة وجيه على ليلى والصغيرة ....لم يريد أن يتحدث ليثير فضول السائق ....فقال هامسا للصغيرة الباكية _ بطلي عياط ... تمسكت الصغيرة بملابس أمها وقالت له في بكاء وعتاب _ مالكش دعوة بيا ....أنت سيبتني ....أنا زعلانة منك ... اغمضت ليلى عينيها بدموع وعذاب...كأنها هي من تقول ذلك وليست صغيرتها .....! صمت وجيه ونظر أمامه في تنهيدة يملؤها الهم والعڈاب ....فقد لاحظ أن ليلى تأثرت مثله بكلمات صغيرتها ..... تاه كل منهما في حالة من الشرود .....ولكنه كان يشعر بأنين دموعها ..... هناك ضجيج بهذا الصمت....هناك رباط بينهما معقد لا يقبل الفكاك والهجر.....هناك شيء سيبقى بينهما دائما....! بالمشفى ...... دخل مكتبه منذ دقائق عدة ....ذرع المكتب ذهابا وإيابا ....لم يستطع أن يغضب حتى وتلك الصغيرة التي تشبه الملائكة متمسكة بها ....يكفي أنه تركها وهي تستنجد به ! أتت لمكتبه رئيسة الممرضات عفاف وقالت له بهدوء _ رجعت يا دكتور ... رتبتلها أوضة مجهزة زي ما قولتلي ..... بآخر الممر ده ..... هز وجيه رأسه وغادرت المرأة ..... ولم يستطع وجيه أن يقف أكثر من ذلك....خرج من مكتبه وتوجه لغرفة آخر الممر ..... وبالغرفة...... تلقت ليلى زي خاص بالمشفى ووجبة طعام مسائية ..... أطعمت أبنتها ثم تركتها تأكل ثمرة من التفاح الطازج وبجانبها ثمرتين من الموز ..... دخلت ليلى حمام الغرفة لتغتسل وترتدي زي المشفى ولحظات وكان وجيه أمام الغرفة ....دق مرتين ولم يسمع أي صوت ففتح الباب بقوة.....حتى وجد الصغيرة على الفراش تحرك فمها بالمضغ ..... رقت نظرته عليها وأقترب لها بعدما أغلق الباب .....توقفت الصغيرة عن المضغ وبدأ القلق يضم ملامحها وهي لا تعرف من صاحب الخطوات ..... همس ليطمئنها _ أنا الشاطر وجيه ..... ابتسمت الصغيرة ريميه ثم أخفت ابتسامتها عندما تذكرت ما حدث منه وامتلأت عينيها بالدموع سريعا....منتهى البراءة في المحبة وسرعة الخصام ..... مرر وجيه يده على رأسها بحنان ...وأسفه أنه وقع بحب تلك الصغيرة أيضا..... محبة أبوية صادقة زرعت بقلبه منذ رؤياها ....همس بأسف _ أنا أسف ....مش هسيبك تاني .... مسحت عينيها وكأنها بدأت تصفح عنه فتابع _ مامتك فين ! أشارت الصغيرة للأمام وقالت _ راحت هنا ... نظر وجيه للإتجاه المشار وانتبه لحركة بداخل حمام الغرفة ..... تسمر مكانه عندما شاهد ظلها خلف الباب الذي نصفه من الزجاج ويبدو أنها تبدل ملابسها ..... وتمايل ظل شعرها الطويل كان واضحا .... ارتبك وابعد عينيه عن ذلك الاتجاه سريعا .... وقعت ثمرة التفاح الكبيرة من يد الصغيرة .....عبست بضيق فابتسم وجيه للحظة من عبوسها ......أخذ الثمرة والسکين من على الطاولة وبدأ يقطع الثمرة لقطع صغيرة ويطعم الطفلة... ابتسمت الصغيرة وهي تأكل ....وكأنه لم يخذلها قط فقد غفلت عن ما حدث وضيقها منه بتلك الثوان البسيطة !! اطعمها قطعتين مع بعضهما ....فضحكت ريميه ضحكة خافته جعلت وجه وجيه تتسلل اليه الابتسامة في دفء ومحبة ... وقال ليشاكسها _ ضحكتك زي ضحكتها .... بټخطف ! تسللت الابتسامة لوجه آخر...كان وجه ليلى التي تبدلت دهشتها لوجوده إلى ابتسامة حنونة وهي تراه يطعم أبنتها ...... يبدو أنه لم يشعر بخروجها تحت ضحكات الصغيرة التي تعالت شيئا فشيء .... ثم أخذت الصغيرة قطعة التفاح من يده وبدلا أن تضعها بفمها قالت له _ هتاكل دي ...هم نم .... وضعت يدها الصغيرة على فمها وضحكت .... ابتسم لها وجيه أكثر وأخذ يدها لتضع القطعة بفمه ..... ظهر صوت ضحكة ليلى الآن فنهض وجيه وتبدلت ابتسامة تقطيبة ونظرة غاضبة ..... حاول أن يترك أمر طلتها التي وكأنها أضاءت بذلك الزي الخاص بالمشفى ... كان الزي من قطعتين...أحداهما قميص مفصل للسيدات والأخرى بنطال ..... ورغم أنه بسيط جدا بلونه الزيتوني القاتم والحجاب المكون من قطعتين أيضا من اللوني الأسود والزيتوني..... ولكنه أبرز لون عينيها العسلية أكثر..... لدرجة أربكته.... شملها بنظرة سريعة وكأن ذلك أغضبه أكثر وهتف بعصبية _ آخر مرة تخالفي آوامري وتخرجي....أنا سكت بس عشان ريميه والحالة اللي كنت فيها ....بس ممنوع تخرجي غير بأذني بعد كده ...... نظرت ليلى لقطعة التفاح بفمه الذي يجاهد كي يتحدث دون أن تعيق حديثه فرغما عنها ابتسمت ..... دهش وجيه وصاح وهو يحاول ابتلاع قطعة التفاح ولكنه فشل _ بتضحكي على إيه ! أشارت له ريميه بثمرة من الموز وقالت له _ قشرلي دي .... كتمت ليلى ضحكة كادت تفلت منها .....أخذ وجيه ثمرة الموز من الصغيرة وعينيه على ليلى ويديه تزيل قشرة الموز وقال بعصبية _ شغلك هنا ما ينفعش فيه استهتار لأني...... وضعت ليلى يدها على فمها وضحكت رغما عن كل شيء يبك بقلبها ولكن مظهره حقا جعلها تضحك .... اطبق شفتيه بغيظ ثم أعطى الطفلة الثمرة مقشرة ....قطعت الطفلة الثمرة لنصفين وقالت له _ عايزة أقول حاجة في ودنك ... نظر وجيه للصغيرة وبدأ يغتاظ منها بالفعل .....اقترب منها قائلا _ هتقولي إيه !! رفعت الصغيرة قطعة الموز لاتجاه مصدر الصوت وقالت بضحكة _ هم نم تاني ...... استطاعت بذكاء أن تضع قطعة الموز بفمه فأنخرطت ليلى بضحات لم تستطع وقفها ......... ابتلع وجيه ما بفمه بنظرة غيظ لكلاهما قال بصوت محشرج

من الفاكهة بفمه _ حصليني على المكتب .... هزت ليلى رأسها بالإيجاب وهي تضحك حتى غادر الغرفة بحركة عصبية ......ضمت ليلى صغيرتها بحنان ودثرتها بالغطاء جيدا قائلة بهمس _ هجيلك كل دقيقة أطمن عليك يا حبيبتي ....ما تخافيش ... وكأن الصغيرة أيقنت الأمر وشعرت به قبلا...هزت رأسها بموافقة وتمددت أسفل الغطاء وهي تبتسم
 

تم نسخ الرابط