اقدار بلا رحمه بقلم ميار خالد

موقع أيام نيوز


عملهم في الدار ..
و في اليوم التالي كان يامن يقف في جنينة الملجأ في انتظار براء و بجانبه كريم و كان يبدو على يامن التوتر الشديد فقال كريم
مكنش اعتراف ده يا سيدي 
نظر له يامن بتهكم و قال
خاېف يا كريم .. أنت عارف أن براء حساسه جدا خاېف متتقبلش مشاعري دي و ساعتها هكون خسرتها حتى كصديقة عمري 
نظر له كريم و ظهرت إبتسامة صغيرة على جانب شفتيه و قال ليطمئنه
متقلقش .. أتكل علي الله و قولها اللي في قلبك بس الأهم من كل ده .. أنت قدرت تقنع طنط عاليا بمشاعرك دي براء فاضلها شهرين و تخرج من الدار هتقدر في الوقت ده تظبط كل حاجه

زفر يامن بضيق و قال
لسه مقولتلهاش على الموضوع بس أنا مش صغير يا كريم .. غير كده هي مش هتقولي لا لو عرفت إني بحبها .. من صغري كانت بتعملي كل اللي أنا عايزه معتقدش ترفض المرة دي 
كان يامن يقول تلك الكلمات و لكن بداخله كان يكمن قلق خفي من رد فعل والدته حين تعرف أنه قد وقع بحب تلك الفتاه البسيطة التي اقټحمت حياته منذ عدة سنوات أنه يتذكر ذلك اليوم الذي وقعت عينيه عليها تلك الفتاة الصغيرة ذات الشعر الغير مرتب و دموعها التي ټغرق عيونها و نظرات الضياع و الحزن التي قد خيمت في عينيها كل هذا تجمع في طفلة بعمر ال٦ أعوام لم تكن تعرف أي شيء سوى إسمها فقط .. براء 
و في تلك اللحظة دخلت عليهم براء و قالت حين رأتهم
عاملين ايه .. كريم شكلك تعبان كده ليه
قال كريم 
الكلية مطلعه عيني 
ربنا يقويك .. أنا كمان مشغولة جدا في الدار .. بدأت أعلم أخواتي الصغيرين الخياطه و الكتابة
الكاتبة ميار خالد
و هنا لاحظت سكوت يامن لتنظر له بعيون لامعه أردفت
ساكت ليه 
ها .. لا مفيش 
ثم نظر إلي كريم بنظرة ذات مغزي ليبتسم كريم ثم أبتعد عنهم قليلا أردف يامن
براء كنت عايز أسألك علي حاجه ممكن تستغربي شوية بس عندي فضول
أعرف و يمكن دي أول مره أسألك السؤال ده 
أبتسمت براء و قالت بمزاح و قد حاولت أن تلطف الأجواء قليلا
أنت متوتر كده ليه .. مش عوايدك يعني 
أرجوكي اسمعيني دلوقتي بس 
ماشي أسأل 
أخذ يامن نفسا عميقا ثم قال
أنت وصلتي للملجأ ده ازاي .. أقصد يعني أنت مش فاكره أي حاجه عن اهلك 
و كانت كلماته تلك كفيله حتى تزيل تلك الابتسامة عن وجهها و قد عادت نظرة الحزن إلى عيونها مرة أخرى و لمعت عيونها و لكن بطريقة مختلفة تلك المرة 
يهمك تعرف
أكيد 
تنهدت براء بضيق ثم قالت
من يوم ما اتولدت و أنا علاقتي مش كويسة مع بابا .. يمكن كنت صغيره اه بس فاكره كل حاجه بالتفاصيل .. فاكره الزعيق و الخناق و الضړب اللي كنت بشوفه بعيني بس عشان أنا بنت مش ولد زي ما بابا كان عايز 
صمتت للحظات ثم أكملت
و بعدها بابا و ماما أطلقوا و فجأة بقيت أنا مصدر التعاسه لماما و كل ما تشوفني تفتكر إني السبب في طلاقها .. مش فاكره إيه اللي حصل بعدها غير إني فتحت الباب و نزلت الشارع و بعدها حد لقاني و وصلني للملجأ هنا .. بس هي دي حكايتي 
نظر لها يامن بأسف و قال
أنا آسف إني فكرتك بكل

ده 
كنت عايز تعرف ليا أهل ولا لا .. أنا ليا أهل يا يامن بس للأسف مكنش ليا نصيب أعيش معاهم ولا أحس إني بنتهم بجد 
أنا مكنش قصدي اجرحك بسؤالي .. بس من حقي أعرف 
من حقك ليه
تنهد يامن بحرارة ثم نظر لها و يدها و أردف بهدوء
أنا بحبك يا براء 
نظرت له براء بعيون متسعه من الصدمة ثم سحبت يدها عنه بسرعة و أبتعدت عنه بخطوات و قالت
إيه اللي انت بتقوله ده!
أنا بحبك .. و مش حب صديق أو أخ لا .. أنا بحبك يا براء و عايز أكمل حياتي معاكي 
أنت مستوعب أنت بتقول إيه! و أنت متخيل إني حتي لو وافقت بالعلاقة دي المجتمع هيوافق .. والدتك نفسها هتوافق!
المجتمع و أنا مالي بكل ده .. أنا بقولك إني بحبك أنا مليش دعوة بكل التعقيدات دي 
تنهدت براء بحزن و قالت
عارفه و فاهماك .. بس صدقني كلامك ده هيفتح علينا باب صعب أوي يتقفل تاني 
يامن منها قليلا و لكنه ترك مسافه حتى لا تنزعج و قال بهدوء و هو ينظر إلى عيونها مباشرة
هرجع اقولك إني مليش دعوة بكل ده .. أنا قولت كلمه واحدة و مستني ردك عليا 
نظرت له براء بتوتر و قد خاڼها قلبها ليخفق بشدة و قد احمرت وجنتيها بخجل و تسربت إبتسامة هادئة إلى شفتيها ثم تنهدت و أردفت
أنا مليش غيرك يا يامن .. أنا بس خاېفة .. خاېفة تتخلي عني في يوم زي ما اهلي عملوا .. و أنا قلبي مبقاش حمل فراق تاني
هو أنا اتخليت عنك في يوم لحد دلوقتي
لا 
طيب ليه بتقولي كده 
خاېفة يا يامن 
أبتسم يامن حتي يطمئنها قليلا و قال
مش عايزك تخافي من حاجه أنا معاكي و عمري ما هسيبك خليكي فاكرة ده 
أبتسمت براء بحب و أردفت
و أنا واثقة فيك 
و هنا أتجه كريم إليهم و ابتسامته المرحه علي وجهه و قال
ايوه يا عم و أخيرا .. لو شوفتيه من شوية يا بنتي كان خاېف و متوتر و أنا ضحكت .. لأني كنت عارف أنك هتوافقي 
ليه يعني و أنت عرفت منين 
يا حبايبي أنتوا الاتنين واقعين 
ضحك يامن على كلام كريم و خجلت براء قليلا و بعد أن انتهت ضحكاتهم تلك نظر يامن إلى براء بعيون تشع بالحب و قال
أنا هروح أبلغ ماما بقراري ده .. و بأذن الله لما توافق قبل ما تتمي ال ١٨ سنه و تخرجي من هنا هتكوني على إسمي أنا عارف أنه فاضل كام شهر خلاص بس مش عايزك تقلقي 
نظرت له براء بعيون متسعة ترسل له نظرات بألف معني و كأنها تريد ان تقول له إنني أثق بك أرجوك لا قلبي و تخذله بك 
أنا واثقة فيك .. متتأخرش عليا 
ابتسم لها يامن ثم خرج من المكان مع كريم و أتجه إلى منزله حتي يقول لوالدته!
رواية أقدار بلا رحمة
الكاتبة ميار خالد
الفصل الثالث
توقف كريم بسيارته أمام منزل يامن طالعه يامن بتوتر و كالعادة كان كريم يشجعه بشده و حاول أن يزيح هذا التوتر عنه فقال له كريم
ليه القلق ده كله .. أنت مش قولت أن طول ما أنت عايز الحاجه والدتك مش هترفض
عارف بس في قلق جوايا .. حاسس أن الأمور مش هتمشي زي ما أنا عايز 
متقلقش وخليك واثق في ربنا واتكل علي الله يلا 
أخذ
يامن نفسا عميقا ثم ترجل من السيارة وأتجه الي بيته تاركا كريم بداخلها دلف إلى بيته وظل يبحث عن والدته للحظات حتي وجدها بغرفتها وكان حولها الكثير من الناس و من الواضح أنها تجهز نفسها لحدث ما 
في إيه يا ماما إيه كل الناس دي 
حبيبي أنت وصلت .. أنت نسيت أن النهاردة عندي تكريم ولا إيه 
ضړب يامن رأسه بخفه و قال
آسف جدا نسيت 
إيه اللي شاغل بالك للدرجادي خلاك تنسى ماما 
ده اللي كنت عايز أكلمك فيه 
أنت شايف ده الوقت المناسب طيب ألغي أي كلام دلوقتي 
لا مش هينفع ألغي الكلام يا ماما .. أنا عايز أكلمك على انفراد يا إما هتكلم دلوقتي في وجود الناس برضو 
نظرت له عاليا پحده ثم أمرت الجميع أن يخرجوا من الغرفة قليلا وبعد لحظات كانوا وحدهم في الغرفة أردفت
عايز إيه يا يامن 
نظر لها يامن للحظات وبدون أي مقدمات قال
أنا بحب براء وعايز اتجوزها 
نظرت له عاليا بعدم فهم و قالت 
براء مين
نظر لها يامن وقال بتوتر 
و هو أنا أعرف كام براء يا ماما 
نظرت له عاليا للحظات ثم ضحكت ضحكه عالية وقالت
أنت شايف ده وقت هزار طيب مش معقول يا يامن أنت لسه مخك صغير كده 
أنا مش بهزر! أنا فعلا بحب براء و عايز أكمل معاها 
نظرت له عاليا پحده ثم انتفضت من مكانها بفزع و أردفت
ده إللي هو ازاي يعني .. أبني أنا يحب تربية الملاجئ دي أنت عايز ټفضحني !
اڤضحك 
ايوه ټفضحني .. أنت أزاي سمحت لنفسك تحس بكده إتجاه البنت دي

اصلا 
و فيها إيه مش فاهم
فيها إنها من ملجأ يا يامن .. فيها إنها مش من نفس مستوانا تعرف إيه أنت عنها ولا عن عيلتها دي ممكن يكون وراها مصېبه 
و هو من أمتى الملجأ كان عار يا ماما غير كده مش أنت طول عمرك مخلياني اعاملهم كويس و بتقولي أنك ضد العنصرية إيه كلامك ده 
تعاملهم كويس اه عشان شكلي قدام الناس لكن تروح تحب منهم لا وكمان عايز تتجوزها .. مستحيل أسمح أن ده يحصل 
بس أنا بحبها .. لو مش هتكون ليا مش هيبقي في غيرها في حياتي 
أنت لسه صغير على الحاجات دي .. و ده مجرد إعجاب بلاش تدي الموضوع أكبر من حجمه بكره تنساها لما تشوف الأحسن منها 
مستحيل!
أفهم من كده إيه يعني .. هتقف في وشي عشانها 
أنا عمري ما أقف في وشك لأنك امي .. بس أرجوكي فكري فيا و لو للحظة أنا بحبها و مش هقدر أشوف غيرها في حياتي 
نظرت له عاليا بتكبر و عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت
و أنا قولت اللي عندي 
نظر لها يامن بعناد و إصرار أكثر و قال
و أنا كمان قولت اللي عندي .. و لو أنت مش موافقة بيها أنا هسيب البيت ده 
نظرت له عاليا بسخرية و ضحكت باستهزاء و قالت 
والله ولما تسيب البيت ده هتروح فين اصلا .. لو أنت فاكر أنك ممكن تعمل حاجه ڠصب عني تبقي غلطان .. من اليوم اللي أبوك فيه أتوفى أنا اللي بقيت كل حاجه و لو فاكر أنك هتقدر تبني حياتك بعيد عني تبقي غلطان جدا 
نظر لها يامن پحده و صړخ
أنت ليه بتعملي فيا كده!!
أنا قولت إللي عندي .. واتفضل على الاوضه بتاعتك يلا 
و أنا مش موافق بالكلام ده! مينفعش تمنعيني أنا مش صغير 
لا صغير ! و لو البنت دي اقنعتك بالكلام اللي أنت بتقوله ده على اساس إني اقتنع تبقي غلطان .. صحيح هستني إيه من واحده زي دي 
بلاش تتكلمي عنها بالطريقة دي .. هي متستاهلش كده منك 
أنا مش عارفه إزاي عيله زي دي تضحك عليك .. لو فاكر أنها بتحبك بجد تبقي غلطان .. كل اللي هي بتعمله ده عشان فلوسك و مركز! 
يا ماما لا ..
براء مش كده أنت غلطانه
نظرت له عاليا پحده و قالت بنبرة ټهديد
يامن .. بلاش ټعصبني أكتر من كده بدل ما أستخدم معاك طريقة أنت مش هتحبها 
أنا ميهمنيش كل ده .. عن أذنك 
قال تلك الجملة ثم خرج من الغرفة بسرعة زفرت عاليا بعصبية ثم هاتفها و اتصلت بالأمن حتي يمنعوه من الخروج و بالفعل بمجرد أن نزل إلى الاسفل به قبل أن يصل لكريم الذي كان ينتظره في السيارة و حبسوه في غرفته ظل كريم مكانه حتي أحس بتأخر صديقه فترجل من السيارة واتجه الي البيت و قبل أن يصعد اتجهت إليه عاليا وقالت بنبرة قاطعه
تروح تقول للبنت دي أنها احسنلها تبعد عن حياة ابني .. و إلا هيكون ليا تصرف تاني معاها مفهوم 
هو
يامن قالك 
ايوه قالي و أعتقد قراري واضح 
طيب هو فين 
في الاوضه بتاعته هو اضايق من كلامي جدا بس مش عارف أن كل ده لمصلحته و مش عايز يخرج منها 
بس أنا لازم اشوفه
هو قالي أنه مش عايز يشوف حد 
بس ..
مفيش بس .. تروح تبلغها بالكلام ده بدل ما أنا اللي أبلغها بنفسي 
حاضر
قال تلك الكلمة ثم خرج من البيت بحزن شديد واتجه إلى الملجأ ولا يعلم ماذا يفعل وبعد أن خرج من المكان رفعت عاليا هاتفها و أتصلت بمديرة الملجأ و بمجرد أن ردت عليها حتى صړخت بوجهها
أنت نايمه على ودنك ولا كان عاجبك اللي بيحصل 
نعم أنا مش فاهمه حاجه
أبني أنا اللي اول مرة يتعصب عليا يكون بسبب البنت دي 
ممكن تفهميني براحه إيه اللي حصل طيب 
براء 
مالها براء دي هاديه و طيبه عمرها ما عملت مشاكل
اه ما هي دي طريقتها في السيطرة علي الناس .. بس الكلام ده مش هيدخل دماغي .. هي مش البنت دي كملت ال ١٨ سنه خلاص يعني المفروض تخرج من الملجأ
لسه كمان شهرين 
البنت دي تخرج بكره من الملجأ انت فاهمه
ازاي بس مينفعش 
لو كلامي متنفذش التبرعات اللي بتجيلك كل شهر انسيها .. بكره البنت دي تكون برا الملجأ و ياريت لو اخبارها تتقطع خالص
صمتت المديرة للحظات ثم قالت بحزن
حرام عليكي دي يتيمه بلاش تيجي عليها هيبقي انت و الدنيا 
زفرت عاليا بضيق وقالت
أنا كلامي واضح .. البنت دي تطرد من الملجأ بكره و إلا انت عارفه أنا ممكن أعمل ايه 
ثم انهت المكالمة في وجهها لتقول المديرة بقلة حيله
حتي اليتيم مش بيرحموه .. عملتي إيه يا براء في حياتك عشان تقابلي كل الحاجات دي .. سامحيني يا بنتي بس مفيش قدامي حل تاني .. يارب أنت كريم و عادل وقفلها ولاد الحلال 
قالت المديرة

تلك الجملة ثم خرجت من مكتبها واتجهت إلى غرفة الخياطة حيث تتواجد براء و دلفت إليها لتجدها تصمم إحدى الفساتين تنحنحت المديرة لتنتبه لها براء و نهضت من مكانها بسرعه احتراما لها فقالت لها المديرة
ارتاحي يا بنتي 
كنت لسه جايه لحضرتك .. أنا عملت شوية فساتين للبنات من القماش اللي كنتي جيباه بدل ما نشتري جديد أنا حاولت اوفرلك شوية 
أبتسمت المديرة بحزن و قد ظهرت بعض الدموع في عيونها أردفت براء
مالك بټعيطي ليه .. في حاجه حصلت
بعيط عشان هتوحشيني 
أبتسمت براء وقالت
لسه فاضل شهرين معقول بټعيطي من دلوقتي 
جهزي هدومك يا براء عشان هتمشي بكره 
نظرت لها براء پصدمة وأردفت
بكره!
ايوه .. العدد زاد اوي و أنا مش هستحمل شهرين في الزحمة دي
بس أنا لسه مش مستعده أنا قولت في خلال الشهرين دول كنت هحاول اظبط دنيتي لكن بكره صعب اوي 
أنا مش باخد رأيك أنا جايه ابلغك .. ابدأي لمي حاجتك يلا 
نظرت لها براء برجاء و قد تكونت بعض الدموع في عيونها لتقول
اديني فرصة أسبوع طب 
لا يا براء .. بلاش تضيعي وقت يلا 
قالت تلك الجملة ثم خرجت من الغرفة بحزن لتترك براء في حاله يرثي لها وبعد لحظات وصل كريم الي الملجأ و عندما رأته براء اتجهت إليه سريعا و كانت الدموع ټغرق عيونها ليفزع هو حين يراها بتلك الحالة قال
في إيه!
المديرة جت بلغتني إني هسيب الملجأ بكره 
أزاي مش لسه فاضل شهرين!! 
مش عارفه إيه اللي حصل 
شرد كريم قليلا و قال
يبقى أكيد قالتلها حاجه! 
نظرت له براء بعدم فهم و قالت
هي مين و فين يامن هو مجاش معاك
طالعها كريم بحزن و أردف
والدة يامن .. للأسف هو قالها على حبه ليكي و هي رفضت و عملت مشاكل 
أبتسمت براء پقهرة و قد خانتها دموعها المعلقة بعيونها لتتساقط و قالت
كنت عارفه أن ده هيحصل و إنها مش هتوافق بيا .. بس هو وعدني 
انا طلبت أشوفه بس هو مش عايز .. حابس نفسه في الاوضه بتاعته و مش عايز يشوف حد
قالت براء و كأنها لم تسمع كلماته تلك
هو وعدني أنه مش هيتخلي عني و مش هيسبني .. أنا وثقت فيه و قولتله إني مليش غيره .. معقول كل ده ملهوش قيمه عنده حتى مش قادر يجي يبص في عيني .. أختار أنه يهرب 
بلاش تظلميه يا براء متعرفيش إيه اللي جواه و هو حاسس بأيه
و أنا إيه أنا مين يحس بيا و يحس بقلبي اللي اتكسر و كرامتي اللي اداس عليها بس علشان من ملجأ .. ذنبي إيه أن اهلي يتخلوا عني و الشخص الوحيد اللي وثقت فيه و حبيته برضو يتخلي عني .. أنا بريئة من كل الظلم ده 
صمتت للحظات ثم أكملت بدموع
أنا
كنت عارفه أن ده هيحصل .. بس كان عندي أمل أنه ميسبنيش
أنا مش عايزك تفقدي الأمل .. أوعدك إني هجمعك بيه في يوم من الايام صدقيني 
كفاية وعود بقى .. أنا مش عايزه حاجه 
مهما تقولي هفضل عند وعدي و أنتوا الاتنين هتتجمعوا في يوم بسببي!
نظرت له براء بدموع ثم التفتت لتعود إلى الملجأ و لكنه وقف أمامها فمنعها من السير
هتخرجي بكره الساعة كام
فكرت براء للحظات ثم قالت 
الساعة ٣ العصر 
تمام أنا هكون موجود قدام الملجأ هنا .. أنا مش هسمح أنك تفضلي في الشارع لحد ما نلاقي حل تاني .. هتعيشي مع الداده بتاعتي في بيتها الفتره دي هي عايشة لوحدها لحد ما تنتقلي لمكان تاني 
ماشي يا كريم .. شكرا على كل اللي بتعمله معايا 
إحنا اخوات .. بلاش الكلام ده 
نظرت له براء بابتسامة حزينه ثم دخلت الى الملجأ وذهب كريم الي بيته كان يامن في غرفته يطالع الفراغ بعدم اهتمام و قد وعد نفسه أنه إذا خرج من هذا البيت لن يعود له مرة أخرى و قال بصوت مسموع
سامحيني يا براء .. أنا مكنتش قد الوعد اللي وعدتهولك .. أنا مكنتش قد ثقتك بيا .. بس كل اللي عايزك تعرفيه أنك لو مكنتيش ليا محدش هيقدر ياخد مكانك .. أنا شوفت نفسي زي عيون الناس عيل صغير بس لما مقدرتش احافظ عليكي .. سامحيني
في اليوم التالي ..
الساعة الثالثة عصرا 
ذهب كريم الي الملجأ و أنتظر براء حتي تخرج و لكنها تأخرت كثيرا حتي اتجهت إليه مديرة الملجأ
خير يا ابني 
مستني براء .. مش المفروض كانت تخرج الساعه تلاته
براء خرجت من الساعه ١ 
نعم! أزاي يعني دي قالتلي هتخرج الساعه ٣ 
زي ما بقولك كده هي خرجت الساعه ١ 
هتكون راحت فين دي ملهاش حد!!
نظر حوله بعدم تركيز و قلق ثم نظر إلي السماء وقال
أنت فين يا براء ..
رواية أقدار بلا رحمة
الكاتبة ميار خالد
الفصل الرابع
بعد مرور سبعة أعوام ..
تململت في سريرها بإنزعاج بسبب ذلك الصوت الذي يعكر مزاجها كل صباح نهضت من مكانها و أنهت رنين هذا المنبه المزعج تنهدت بتعب ثم اتجهت الى الحمام و غسلت

وجهها و رتبت شعرها ثم خرجت و اتجهت الي المطبخ لتعد لها بعض القهوة و جلست علي إحدى المقاعد به لتحتسي قهوتها الساخنه وهي تقرأ إحدى الجرائد وبعد لحظات فابتسمت بهدوء والتفتت لها أردفت
ماما فاطمة .. صباح الخير
صباح النور يا حبيبتي .. صاحيه بدري ليه ده أنت نايمه متأخر
أعمل إيه ما انت عارفه أن عندي شغل كتير 
ربنا يقويكي يا حبيبتي .. هو فين بابا جمال صحيت الصبح ملقتهوش جمبي
خرج يتمشي شوية .. انت عارفه أنه بيحب يخرج بدري كده يستمتع بأول النهار
ضحكت المرأة المسنه بحب وقالت
طول الاربعين سنه اللي عيشتهم معاه وهو متعود يعمل كده .. بس ولا مره قالي تعالي اتمشي معايا الصبح بدري
يمكن عشان مش عايز يزعجك في عز نومك 
اقنعتيني يا ستي 
ضحكت براء ثم نهضت من مكانها وقالت
تحبي احضرلك إيه على الفطار النهاردة 
نظرت لها فاطمه بحب و قد تكونت بعض الدموع في عيونها لتلاحظها براء منها بسرعه ومسحت دموعها وقالت بقلق
مالك في ايه! ليه الدموع دي
دي دموع الفرحه يا بنتي .. مكنتش أعرف أن ربنا بيحبنا اوي كده علشان بعتك لينا .. من سبع سنين للنهارده و أنا بحمد ربنا كل ما أبص في وشك كل يوم الصبح .. بحس أد إيه ربنا عوضني بيكي عن كل حاجه في الدنيا .. أنا مكنش مكتوبلي إني أخلف بس برضو ربنا رزقني بإحساس الامومه و كمان أداني زوج عظيم و..
قاطعتها براء لتقول
و أب عظيم كمان .. عمري ما هنسي اليوم اللي اتجمعت معاكم فيه 
حبيبتي ربنا ما يحرمنا منك .. سيبيني بقى أنا اللي أحضر الفطار النهاردة .. ارتاحي 
أبتسمت لها براء و جلست على إحدى الكراسي في المطبخ وسرحت بذاكرتها قبل سبع سنوات لتعود الى اليوم التي تركت فيه الملجأ 
قبل سبع سنوات ..
خرجت براء من الملجأ بعد أن ودعت جميع أخواتها وسط دموعهم الغزيرة وقبل أن تخرج من باب الدار ركضت حنين نحوها لترتمي في پبكاء وقالت
بالله عليكي ما تمشي .. خليكي معايا 
ڠصب عني .. لو عليا مش عايزه اسيبك ابدأ .. خلي بالك من نفسك و مهما حصل في الدنيا مصيرنا نتجمع تاني .. خليكي فاكره ده 
نظرت لها حنين بدموع ثم أبتعدت عنها براء وخرجت إلى الشارع و ظلت تجوله بعدم تركيز وقالت في نفسها
أنا أسفه إني كدبت عليك يا كريم .. بس أنا قررت إني أبعد و أقلب صفحة يامن
من حياتي لأني مش هستحمل ۏجع تاني .. يارب أنا عارفه أنك مش هتسيبني لوحدي أنا مليش غيرك 
ترقرقت الدموع في عيونها مع اخر جملة لتتساقط علي وجنتيها الشاحبه مسحت دموعها بسرعه حتي لا يلاحظها أحد و نظرت أمامها لتجد أنها قد وصلت إلى محطة القطار دلفت إلى المحطة و أخرجت كل ما تمتلكه من نقود من حقيبتها الصغيرة المصنوعة من الصوف و التي قد صنعتها بيدها و وجدت أنها تمتلك بعض النقود فقط و التي تكفي لشراء
 

تم نسخ الرابط