خطوات نحو الهاويه بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


من عمله استقللنا الحافلة عائدين إلى مدينتنا التصقت قدماه بقدمي وشعرت بالسعادة من قربه لي لم أمل للحظة وهو يعيد على مسامعي لحظات طفولته ومشاهد مراهقته العابثة توقفت الحافلة عند المحطة الأخيرة ومعها انتهت تلك المتعة الخفية من قربنا الجميل أدار رأسه في اتجاهي قائلا بجدية.
ناردين سأشتري الطعام الجاهز لنا

وافقته الرأي فلا يوجد بالمنزل أي طعام نتناوله ساعدته في حمل الأكياس البلاستيكية حتى يتمكن من دفع ثمن المشتريات توقعت أن يحملها عني لكنه سار بمفرده واضعا يديه في جيبي بنطاله الجينز اغتظت من تصرفه الفظ فتوقفت عن السير لأهتف بتذمر
لن أحملها كلها
الټفت نحوي مخفضا نظراته نحو الأكياس ثم ابتسم معقبا
أعتذر لم انتبه.
عاد ليحمل عني الأكياس وواصلنا سيرنا حتى بلغنا مفترق الطريق تذكرت ما كان يفعله حينما نعبره وتوقعت أن تشتبك أصابعه بأناملي لنهرول فيه سويا استعدت يدي للامتداد نحوه والإمساك بكفه لكنه خذلني حينما خطا مسرعا ليعبر الطريق قبلي تهدل كتفي بإحباط وخزي وعكست نظراتي حزني الشديد استمر حبيب على تلك الحالة المتجاهلة لي حتى وصلنا إلى المنزل لم أعاتبه ربما الأمر لا يستحق الجدال من أجله لكني افتقدت ذلك الإحساس الذي ملأني ذات يوم بالاهتمام بأدق التفاصيل وأقلها.
لم أتوقف عن البكاء بعد أن أخبرني حبيب بتكليفه بمهام جديدة تتبع عمله الخاص والتي تتطلب السفر إلى خارج البلاد ليس السبب فقط ابتعاده وإنما غيابه لمدة قد تزيد عن الثلاثة أشهر ليعود في عطلة قصيرة ثم يتكرر الأمر من جديد لأشهر أخرى وهكذا بالطبع لن أقف في طريق مستقبله المهني لكني لا أزال عروسة جديدة لم تتمتع بعد مع زوجها حاوطني بذراعيه ماسحا على ظهري برفق وهو يواسني.
لا تبك حبيبتي ستمر الأيام سريعا
انتحبت متسائلة بحزن جلي
كيف هذا ألا يمكنك الرفض
رد بعد تنهيدة مطولة
الأمر صعب أنا أشق طريقي ناردين كيف أخبر المدير أن زوجتي ترفض سفري للخارج
اعترضت بنبرتي الباكية
ولكن...
قاطعني بحزم
ناردين توقفي!
نظرت له ودمعاتي تنساب على وجنتي وجهي بكفيه ماسحا تلك العبرات مضيفا بهدوء وقد تحولت نبرته للين قليلا
لا تقلق سأهاتفك كل يوم لن تشعري بغيابي!
ابتسم مزاحا ليخفف من وطأة الأمر
لندعي أنها فترة خطبة جديدة كي نجدد عهود زواجنا
هكذا أقنعني حبيب ببساطة لاستسلم أمام حبي الجارف له رفعت حدقتاي الباكيتان طالبة منه
أريد ما يذكرني بك
سألني مستفهما
تذكار!
حركت رأسي قائلة
نعم
ظلت ابتسامته التي تأسرني مرسومة على ثغره وهو يقول
اطلبي ما تريدين
تنهدت بعمق قبل أن أضيف
زجاجة عطرك
بدا طلبي غريبا بالنسبة له رمقني بنظرة متعجبة متسائلا
عطري
تابعت موضحة سبب رغبتي في الحصول عليها تحديدا
أحب أن تبقى رائحتك المميزة عالقة في أنفي
رفع يده ليمررها في خصلات شعره حك مؤخرة عنقه قائلا بحرج ملحوظ
للأسف انتهت الأخيرة التي بحوزتي وكنت على وشك إلقائها في القمامة
كدت أن أصيب بالإحباط لكن أضاء عقلي فجأة بفكرة بائسة صحت وكأني أفكر بنبرة مسموعة
سأحتفظ بها مؤقتا كي تكون لي السلوى في غيابك
هز كتفيه قائلا بنفس الابتسامة الجذابة.
كما تشائين حبيبتي
أوه! كم سأفتقدك حبيب
مسح على ظهري بنعومة مؤكدا عن ثقة
ستمر الأيام
تمتمت بخفوت مواسية نفسي
سأكتب لك رسالة
سألني مستوضحا
أتقصدين من خلال البريد الإلكتروني
طالعته بعينين باكيتين وأنا أرد
لا رسالة ورقية
ابتسم مرددا بحماس ظهر عليه
كالعشاق
أومأت باقتضاب
نعم.
داعب طرف أنفي بإصبعه قائلا بنبرة مشجعة لي
وأنا سأنتظرها منك
صححت له بجدية
لا بل ستقرأها حينما تعود إلي من جديد

تم نسخ الرابط