مزيج العشق المر بقلم سامى المصري
المحتويات
الثانية عشر ما فعله يوسف
كيف تدنس براءته فى الخوض فى هذه الأمور حتى وان كانت تحتاج صداقته واحتوائه لها كما فى الماضي فلم يعد لها بعد الان غيره بعد أن ذهب يوسف وعائلته ولكن علي فاجئها بقوله
انا عارف يا ايلينا عارف وفاهم يوسف عمل ايه عارف انه غلط وارتكب ذنب كبير بس ياترى انتي كمان فكرتي فى ذنبك
مالت اليه هاتفة
ذنبي ده خاني يا علي عارف يعني ايه خاني بتقول فاهم يبقا عارف هوا عمل ايه
امسك كفها يضغطه بقوة
وانتي فضحتيه وكشفتي ستره عارفة ده ذنب كبير ازاى عند ربنا
تحررت دموعها هذه المرة فانهمرت فى غزارة وهي تحاول أن تبرر لنفسها ربما قبل ان تبرر له
تحسس بيده حتى وصل الى وجنتها ليهمس فى حنان
انتى عارفة انه بيحبك يا ايلينا كان لازم تسمعيه
هتفت في مرارة تخبره بما ذبحها به
راحلها برجليه يا علي خاني معاها الانسان الوحيد اللى حبيته وسلمتله نفسى ومشاعري جرحني باقسى طريقة ممكن حد يتخيلها ومش بس كدة ده فضل مخبي عليا سنين وجود ابن ليه
للاسف يا ايلينا انتى بتسمعي اللى انتي عاوزاه عايزة كلام يريحك وخلاص عايزة حد يقولك انت صح برافو عليكي لكن لا انتي غلطانة كان ممكن تنفصلي عنه بهدوء لكن انتي فضحتيه ربنا ما امرناش بكدة انتى بتاخدي الدين بالظاهر وبس غيرتك عمتك ونستك كلام رسولنا لما قال من ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والاخرة وانتى مش بس فضحتيه يا ايلينا انت دمرتيه فى شغله وسط اهله واصحابه كل حاجة كل حاجة هدتيها فوق دماغه ومتحاوليش تضحكي على نفسك انتى كان عندك النية لده كله من الأول مكنش لمجرد ان يوسف نرفزك يوميها
اسكت بقا اسكت
ونظرت الى الباب حيث خرج يوسف لتهز رأسها في حړقة
خلاص اهو راح ومش راجع تاني حكايتنا خلصت لحد كدة خلاص مش عايزة اشوفه تانى فى حياتى ابدا
جلس علي فى بطء الى جوار اخته وقد رق بالفعل لحالها تحسس شعرها وقرب رأسها بكفيه الصغيرين ليضمه الى صدره يعلم انها تكذب وتتألم تماما كما يتألم يوسف تتألم لالمه ولبعده
همست بصوت مزقه النحيب وهى تتشبث بأخيها
مش هشوفه تانى يا علي ابتدا يوحشني من دلوقتي مش عارفة هقدر اعيش من غيره ازاي ازاي مش هصحى على صوته ازاى مش هسمع منه كلمة حبيبتي تاني ازاي كل اللى فات هعتبره أصلا كأني معشتهوش جرحنا بعض يا على أوي ورغم كل ده لسه بحبه لسة يا علي
الأنثى التى دق قلبه لها واخرجته من صومعة معتقداته وقاومت معه اشباح ماضيه
ايلينا التى تمنى المۏت ألف مرة على أن تبتعد لحظة واحدة عن ناظريه حبه الكبير الذى دفع ثمنه من حياة أمه ومن حياة طفل لم يرى النور بعد ومن سمعته التى اصبحت تتراكلها الصحافة كل يوم لقد انتقمت منه بشكل لم يفعله حتى ألد اعدائه
نهض الجميع يطالعونه بتلك النظرة التى يراها فى عيونهم منذ ۏفاة سميرة خيبة امل حزن لوم قهر حسنا لن يضر الشاه سلخها بعد ذبحها فقد ذبحته حبيبته وانتهى الامر ولن يضره ابدا ان اشترك الكل فى سلخ جلده
انا كلمت جينا وهتيجي تستقر هنا مع ادم ابني وهعلن جوازي منها قدام الكل
نظر الجميع الى بعضهم البعض كأن كل منهم يوكل مهمة الرد الى الاخر فتولت ايتن تلك المهمة عنهم قائلة
انت ناوى تجيبهم هنا بعد
كل اللى حصل
جلس على مقعد قريب كأنه لا يكترث بشىء مطلقا
ماتنسيش ان اللى بتتكلمي عنهم دول يبقو مراتي وابني
ردت وهي تلوى فمها في اعتراض
مراتك وابنك انت ازاي نسبته ليك اصلا وانت عارف انه
ضړب يد المقعد بقبضته يقاطعها هاتفا
ابني عارف انه ابني اتأكدت بدل المرة مليون الحړام اللي كلكو عايزين تنسبوه ليه ده انا اللي عملته مش هوا غلطة هوا ليه يتحملها ليه يكبر من غير اب ليه يواجه الناس ويسألوه انت جيت الدنيا ازاي كنتو عايزيني اسيبه لجينا تربيه زي ما هيا عايزة على اي دين واي اخلاق ده اصلا لو كانت احتفظت بيه ومرمتهوش في اي ملجأ تقدرو تقولولي هوا ذنبه ايه في كل ده غلطتي وكان لازم اتحملها ومرميهاش عليه هوا كنت عارف اني هخسر كتير بس اخترت اني اواجه وما اتخلاش عنه
نهض في بطء وأضاف وهو ينظر الى الجميع فى صرامة يحاول ان يستر بها وجعه وانكساره
اسمعوني كلكو أنا عارف انتو عاوزين تقولو ايه عاوزين توصلو لأني السبب فى كل اللي حصل صح انا فضحتكو ووطيت راسكو و
واشاح برأسه مضيفا بصوت بدأ يتهدج رغما عنه
بس ده ابني وحقيقة مقدرش انكرها لازم اعلن قدام الكل اني متجوز أمه والغي الوصمة اللى اتوصم بيها من غير ذنب
تمنى لو اشتبك معه احدهم أراد ان يلتهى بالدفاع عن نفسه معهم فلا يوجد مجال لأن يدافع عن نفسه امام نفسه التي يجلدها كل لحظة
شعر محمود بما يعانيه ولده
عڈاب ضميره مما حدث وعذاب فراقه لأمه وفراقه لحبيبته كان يعلم ان ولده يقاوم وأنه سيسقط حتما
غلبت شفقة الأب غضبه فقال وهو يحاول التماسك بدوره
ابنك يبقا ابننا يا يوسف ولازم ترجعه يتربى وسطينا
مسح يوسف وجهه في تعب واستغرق لحظات يبحث عن أي كلمة
كل حاجة فى الشغل هترجع لأصلها والخسارة هعوضها أوعدكو ان شاء الله
ربت محمود على كتفه فى حنان
كله فداك يا يوسف
دمعت عينا ايتن في تأثر عز عليها أن ترى أخاها هكذا لم يكن يوسف لها مجرد أخ بل أنه ظل لسنوات عمرها كله أبا ثانيا لها اغدق عليها من حنانه وعطفه اكثر من ابيها نفسه جابت ذكريات طفولتها معه في رأسها وتذكرت حين كان يحملها على كتفيه وحين كانت تختبيء خلفه اذ اخطأت لتفر من عقاپ والديها
مسحت دمعتها سريعا واقتربت تمسك بذراعه قائلة في حب
كله فداك يا أبيه المهم تكون بخير
نظر محمود الى زين ليقترب بدوره مربتا على ذراع اخيه قائلا
المهم انت يا يوسف
لم يحتمل يوسف كل هذا تمنى لو عڼفوه لينشغل بجلدهم له عن جلده لنفسه فليس هناك عڈاب فى الدنيا يوازى عڈاب النفس للنفس
نظر لهم حوله وفرت نظراته رغما عنه الى صورة معلقة جمعتهم بأمهم لينهار ما تبقى منه ويسقط فى النهاية بين ذراعى ابيه وهو يهتف في حړقة
انا السبب انا السبب فى مۏتها ماټت وهيا زعلانة مني ماټت بسببي
ضمھ محمود بشدة بينما اخذت ايتن تربت على ظهره وهي تبكى بدورها فللمرة الأولى يرى أحد دموع يوسف وانهياره
شدد محمود من ضمھ له وهو يهمس
ده نصيب يا يوسف ادعيلها بالرحمة يا حبيبي
يشعر بأنفاسها المضطربة
بنظراتها الحائرة التى استقرت على الورق امامه تنتظر توقيعه
وجهها الذابل
حزنها الذي اختطف طفولة ملامحها
يشعر بهذا وأكثر دون أن يحتاج ان يرفع رأسه ليتأكد منه
او ربما يخشى تأثيره ان تأكد منه
يعرف كم أثر بها كل مامر
يعرف كم الحزن الذي تعانيه من فقدان أمها
يعرف وحدتها وألمها الان فالكل غارق في عالمه
محمود في حزنه على زوجته
ويوسف في محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه
وزين الدين في صومعته المنعزلة التى عاش فيها عمره بأكمله
انهى توقيعه على كل الاوراق فحملته من أمامه دون أن تعلق
راقبها وهي تعطيه ظهرها وقبل ان تذهب ناداها
ايتن
أغمضت عينيها بقوة تقاوم طريقته القديمة في النطق باسمها
تقاوم هلاوسها في عودة كل شىء بينهما كما كان التفتت اليه في ضعف وهي تضم الملف الى صدرها
نعم
نهض في بطء تمعنها رغما عنه ليتأكد من كل ما رسمه خياله
تنهد في عمق فضيقت عينيها في انتظار سؤاله الذي طرحه في تردد
انتي كويسة
تصنعت ابتسامة بائسة أجابته بها وهي تهز رأسها بصوت متحشرج
الحمد لله هبقى كويسة
اقترب منها في بطء حتى صار في مواجهتها تماما ازدرد ريقه يقاوم ألما حادا في حلقه يمنع كلماته من الخروج دموعها الحبيسة تصيبه بالاختناق كأنها ستنفجر من مقلتيه هو
تحررت دمعة من عينها فأشاحت بوجهها تخفيها عن نظراته
مسح وجهه بيده يحاول ان يتماسك ويخبرها في حنان نسته أذنها منذ زمن
لو تعبانة ومحتاجة راحة قولي بلاش تضغطي على نفسك انا عارف ان اللي حصل مكنش سهل
اجابت دون أن تنظر اليه
راحتي دلوقتي بقت في التعب في اني ارمي نفسي في حاجة بكرهها في حاجة تاخد كل طاقتي وتركيزي وقتها جايز ملاقيش وقت افكر في شيء تاني ولو خاېف على الشغل انا حابة اطمنك
مد كفه في تردد الى جانب وجنتها كأنه مسير تماما لما يحدث ليجعلها تنظر اليه مجددا
مسح بابهامها دمعتها حاولت ان تشتت نظراتها في اي اتجاه بعيد عنه
لقد اهدرت كثيرا من كرامتها ولن تجعله يراها تبكي مطلقا
ستكون قوية على الدوام
ستثبت لنفسها انها تغيرت من اجلها لا من اجله
أنا خاېف عليكي انتي مش على الشغل يا ايتن
قالها في هدوء غريب اتسعت له حدقتاها ولم تعرف بعدها سببا واضحا لما حدث
كيف اندفعت لتلقي برأسها على صدره وتبكي بحرارة لاتعرف
تحركت كل ذرة فيها الى هذا الوضع دون ارادة منها
بكت بحړقة على كل شىء
بكت دون أن تعرف حتى سببا واضحا للبكاء
هل تبكي أمها
أم حبها الضائع معه
كل ما تعرفه انها احتاجته دون أن تفكر في رفضه من عدمه
فجر حنانه معها
افتقادها لكل شىء أحبته وفقدته بكل طريقة
حاول أن يكتم أنفاسه حتى لا تلاحظ اضطرابها من قربها الزائد
ولكن ماذا عليه أن يفعل بنبضات قلبه المتمردة تكاد ټحطم ضلوعه تلك
كيف يوقفها هي الأخرى
اخترقت احدى دمعاتها قميصه فتحسس حرارتها جلده ليغمض عينيه مقاوما الما يعصف بروحه وينكره على نفسه
مد يده في تردد ليربت على شعرها فتوقف كفه في منتصف الطريق وهو ينظر الى دبلة فضية لنور في خنصره
الايمكن ان يسمي ما يحدث الان خېانة في حقها
هل يقبل الم الخېانة الى ارق قلب صادفه ومع من حطمت قلبه مسبقا
شاء أم أبى لازالت الذكرى تلوح بخياله بين الحين والاخر
انحرف كفه الى كتفها يبعدها عن صدره في رفق
ازدردت ريقها وهي تطرق أرضا قائلة
انا اسفة محستش بنفسي
تصنع ابتسامة باردة على شفتيه يخبرها فيها بحنان أكثر برودا
متعتذريش يا ايتن مفيش اخت بتعتذر لاخوها انها اترمت في حضنه وقت ما احتاجته
همست في ألم تنكر جملته رغما عنها
تتذكر يوم ألقى مثلها في وجهها منذ سنوات يا لقسوته
متابعة القراءة