متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه

موقع أيام نيوز

طالبة وصالها.. ولكنه للأسف لا يستطيع التلبية..
دوى صوت ريناد في أذنيه وهي تشير نحو حسن وعروسه
يزيد.. حسن بيشاور لك..
الټفت لحسن فوجده يشير له برغبته في الذهاب.. فتحرك نحو الفرقة الموسيقية يتفق معها لتصدح نغمات الزفة الشعبية.. دقوا المزاهر..
فتحرك حسن مع منى ليتوجها نحو والدها ووالدتها.. التي أخذت توصيه بابنتها وتطلب منه أن يطمئنها عليها باستمرار.. فارتمت منى بين ذراعيها وبدا أن الدموع ستصبح سيدة الموقف..
ضم حسن منى إلى صدره بعدما رفعت نفسها من بين ذراعي أمها.. ليطمئن والديها
ما تقلقوش على منى.. مش هقولكوا منى في عينيه.. لا منى هي عينيه اللي بشوف بيها.. وهي قلبي اللي بيدق.. وهي عقلي اللي مش بيفكر غير فيها..
تضرجت وجنتي منى بشدة وهي تهمس بخجل
حسن!!!..
ضحك والدها بسعادة بينما شعرت والدتها بخجل ابنتها ولكنها
ابتسمت براحة وهي تدعو لهما
ربنا يسعدكوا يا بني ويهدي سركوا..
وعادت لتضم منى إليها بقوة فابتعد حسن قليلا ليسمح لهما بوداعها..
اقترب منه يزيد ليضع في راحته علاقة مفاتيح..
سأله حسن بتعجب
ايه ده يا يزيد.. مفاتيح ايه دي..
مفاتيح الشاليه بتاعنا اللي في المعمورة.. أنا جهزته ومليت التلاجة.. وكمان هتلاقي في عشا ليكم.. مبروك يا كبير.. وما تنساش الجمايل دي..
أنا متشكر قوي يا يزيد.. بس أنا كنت مخطط نروح الشاليه بتاعنا في الساحل..
شهق يزيد بذهول
تروح فين.. ووالدك.. أنت فاكر أنه هيعدي اللي حصل ده بالساهل.. روح الشاليه بتاعنا أفضل.. هو مش هيفكر يدور عليك هناك.. افرح وفرح عروستك يومين.. قبل ما المواجهة معاه..
أومأ حسن موافقا
أنا عارف أنه مش هيسكت.. أكيد وصله كل اللي حصل الليلة وطبعا مفاجأته من تصرف نيرة لخبط له حساباته.. وكمان معرفته بجوازي في نفس الليلة.. أنا متوقع إعصار.. بس ربنا يستر..
ردد يزيد
ربنا يستر..
ما فيش أخبار عن مازن..
هز يزيد رأسه نفيا
ما اعرفش أي حاجة.. آخر مرة كلمته قبل ما أمضي على قسيمة جوازك.. قالي.. أنه مش هيقدر يوصل في الميعاد.. وطلب مني أكون الشاهد مكانه..
ربت يزيد على كتف حسن وأردف
أنا عارف وجوده جنبك الليلة كان يفرق معاك قد ايه.. بس يا سيدي اعتبرني زي أخوك..
أنت أكتر من أخ يا يزيد.. ووقوفك جانبي الليلة جميل فوق راسي.. وأنا مش متضايق من عدم وجود مازن.. بالعكس.. وجوده كان هيأثر جامد على صورته قدام نيرة.. هو ساعدني كتير.. من حقه بقى يحاول يظبط أموره شوية..
يعني أنت مش متضايق من اللي نيرة عملته..
هز حسن رأسه
لا.. أبدا.. يمكن فوجئت.. بس كان لازم أتوقع أنها بتحب تكون الكلمة الأخيرة لها.. بس أهوه.. كله جه في مصلحة مازن..
سأله يزيد بحيرة
تفتكر فعلا أن اللي حصل كان في مصلحته..
تبادلا النظرات الحائرة ولم يعلما بأن مازن نفسه كان في ذلك الوقت يرمق نيرة الجالسة بجواره بحيرة بالغة.. يتساءل عن صحة تصرفه.. عندما وافق على هذيانها المچنون..
فمنذ أن قرر حسن الرضوخ لوالده وإعلان خطبته على نيرة وهو يحرص بشدة على أن يبقى بعيدا في خلفية الصورة ويحاول اخفاء مشاعره بداخله حتى لا تسبب شرخا بينه وبين شقيقه حتى وهو يعلم بابتعاد حسن بعقله وقلبه عن نيرة.. ولكنه الليلة وهو يلمح دموعها تبرق في عينيها وحسن يتلاعب بالدبلة الذهبية بين أصابعه لم يحتمل البقاء في الخلفية وظهرت مشاعره واضحة على ملامحه رغما عنه وهو يحاول منع نفسه من الاقتراب منهما ومنع حسن من التسبب بإيلامها حتى لو تسبب ذلك في ابتعاده عنها للأبد.. حركة خاڤتة من يزيد وهو يمسك بذراعه أوقفته عن التقدم فالټفت له وملامح وجهه تصرخ بالصراع الدائر بأعماقه..
لم يعلم إذا كان حسن لاحظ ما حدث ولكن الأكيد أن نيرة لمحته.. فتبدلت ملامحها في ثوان وتحول بريق الدموع في عينيها إلى بريق تحدي وهي تنهض بكبرياء وتنزع خاتم خطبتها من يدها بهدوء لتلقيه في وجه حسن وهي تهتف بصوت مسموع
أنا آسفة يا حسن.. مش هقدر أكمل مسرحية خطوبتنا أكتر من كده.. أنا وافقت على الخطوبة دي بس عشان كنت عايزة أعقاب الراجل اللي بحبه.. لكني مش قادرة أكمل معاك.. أرجوك ما تجبرنيش على حاجة مش عايزاها..
وصمتت قليلا لترقب أثر كلماتها على الحضور الذين صمتوا تماما وكأن على رؤسهم الطير..
ثم رفعت رأسها نحو مازن وهي ترسم ملامح الأسف والعتاب
مازن.. حبيبي.. أنا آسفة على تصرفاتي المچنونة.. أرجوك سامحني.. أنا أتعلمت الدرس خلاص يا حبيبي.. مش قادرة أبعد عنك أكتر من كده..
سمعت الشهقات تتردد في كل مكان بالقاعة تقريبا وهي تعلن حبها وأسفها لشقيق خطيبها..
استمر تبادل النظرات بينها وبين مازن الذي لمح وسط بريق التحدي بعينيها نظرات استغاثة خفية.. أو ربما ذلك ما أوهم نفسه به فتخلص من ذراع يزيد وتحرك نحوها بخطوات بطيئة حتى وصل إليها ووقف أمامها تماما ليرى نظرات الانتصار بعينيها.. ويلمح نظرات حسن الذاهلة..
شعر بجميع من في القاعة ينتظر خطوته القادمة..
هل سيوافقها في ادعائاتها ليظن الجميع أنها هي من تركت حسن بسبب حبها اليائس لشقيقه.. أم سيخذلها ليحافظ على كرامة أخيه ورباط الأخوة الذي يجمعهما..
الفصل العاشر
أوقف مازن سيارته في إحدى البقع الهادئة أمام كورنيش المعادي.. والټفت إلى نيرة التي ظلت على حالة الصمت التي تلبستها بعد ما تلقت تلك القبلة المچنونة منه.. وكأن تلك القبلة كانت بمثابة مخدر لها فانساقت خلفه بهدوء وهو يسحبها خارج القاعة ويضعها بسيارته.. وكلما اقترب من منزلها.. تهز رأسها رافضة.. وتطلب منه أن يستمر في تحريك السيارة...
لقد منحه القدر الليلة فرصة لا تعوض ليكون مع حبيبته أخيرا.. بعد ما كان يفكر في أي طريقة ليتمكن من الاقتراب منها بعد انهاء شقيقه تلك الخطبة البائسة وكان كل مرة يجد خطأ ما.. يجعله يعيد النظر مرة أخرى.. حتى قدمت هي له الطريقة المثلى ليكون معها.. بدون أن يكون في موقف ضعف أمامها والأهم أنه لن يجرح شقيقه..
فقط عليه التعامل معها حاليا بهدوء شديد حتى يمتص ڠضبها ويحجم من كل الأفكار السوداء التي تموج في عقلها الآن وأغلبها تتمحور حول شقيقه مذبوحا.. أو مشنوقا...
أخيرا الټفت لها يتأمل وجهها الفاتن الذي يعشق به ملامح الكبرياء التي تحاول أن تستدعها الآن بكل قوتها..
سقطت نظراته على شفتيها تلك التي تذوقها لأول مرة منذ قليل.. ليجد أن طلاء شفتيها يلطخ تلك المنطقة الرقيقة حولهما.. فسحب المنديل من جيب بذلته وقدمه لها بهدوء..
نظرت نيرة إلى
المنديل بتعجب.. ثم لمحت اتجاه نظرات مازن.. فانطلق كل ڠضبها وحقدها المكبوت منذ اللحظة التي واجهها حسن بحقيقة الحفل الذي أقامه لها وحتى سحبها مازن كالشاه العاجزة بلا حول ولا قوة.. وتمثلت مشاعرها كلها في قبضتي يديها اللتين انطلقتا نحو مازن كالقنابل وهي تصرخ به
أنت خدعتني.. استغلتني.. خدعتني.. وخلتوني نكتة بين الناس..
تنهد ببرود
أنت قلت خدعتني مرتين على فكرة..
كادت أن تصرخ من جديد فعاد يخبرها بهدوء
وبيتهيألي أني لا خدعتك.. ولا ضحكت عليك.. بالعكس.. أنا..
بيتهيألي برضوه أنك ما كنتيش ممانعة..
كټفت ذراعيها تسأله پغضب
والحل..
أعاد كلمتها باستفزاز
الحل!!
صړخت به پجنون
مازن.. أنت ناوي تجنني.. هنعمل إيه في الورطة دي
أخذ يتأملها لوهلة وعادت عينيه تتجه إلى طلاء شفتيها الملطخ فأمرها بحسم
نضفي الروج من على شفايفك..
مسحت شفتيها پعنف وألقت المنديل نحوه پعنف صاړخة
خلاص.. ارتحت!..
هز كتفيه بخفة وهو يجيب سؤالها السابق بهدوء
أعتقد أنه أفضل حل أننا نهدى خالص ونسيب العاصفة تمر.. وبعد فترة الناس هتنسى وهيلاقوا حاجة تانية تشغلهم..
قصدك ڤضيحة تانية..
هز كتفيه بهدوء مستفز.. فصړخت به
معقولة هتسكت وتسيب الناس يجيبوا سيرتي.. ويقولوا..
قاطعها بجدية
هيقولوا أن الأخين لعبوا بيكي.. ونقلوك بينهم.. وفي الآخر رموك.. بعد ما اتبسطوا شوية وبعدين
زهقوا منك..
اتسعت عيناها پذعر تستشعره للمرة الأولى.. فلم تتصور في أي وقت أن تكون نيرة غيث مضغة تلوكها أفواه النميمة وجلسات السيدات التافهات.. ولكن.. هذا لن يحدث.. مازن لن يسمح بهذا.. أنه يحبها.. أم تراها قد أخطأت في قراءة مشاعره.. كلا.. كلا.. أنها متأكدة..
اعتدلت في جلستها بهدوء وهي تخبره بعجرفة
ما فيش حاجة من دي هتحصل!
سألها بتعجب
ليه بقى..
أشارت له بسبابتها
أنت مش هتسمح بكده!
والسبب..
أنت بتحبني..
رمتها في وجهه بقوة وكأنها تصمه بسبة ما فدفعه ذلك للابتسام بسخرية..
صړخت متهمة اياه
أنت بتحبني صح..
أجابها بهدوء
لازم يكون في حد بيحب نيرة.. مش كده..
سألته بتردد
يعني إيه..
يعني أنك دايما بتدوري على اللي بيحب نيرة.. وإذا كان في حد لا سمح الله اتجرأ ومحبهاش يبقى لازم يحبها.. حتى ولو بالعافية!!!
ارتبكت بشدة وتعثرت الكلمات بين شفتيها
أنت عايز توصل لإيه
عايز أعرف... ليه نيرة مش بتحب نيرة!..
توسعت عيناها بدهشة.. فأردف وهو يلوح بيده
كل اللي حواليك وبيتعاملوا معاك فاهمين أنك بتحبي نفسك لدرجة النرجسية.. لكن الحقيقة غير كده..
أدار وجهه لها ومد يده ليرفع وجهها ويحدق بعينيها
الحقيقة أنك مش بتحبي نفسك.. دايما بتدوري على أي حد يحبها بدالك.. ليه.. ليه يا نيرة..
ارتسم الذهول على ملامحها.. فهي لم تعتقد أبدا أنه سيستطيع قراءة أعماقها بمثل ذلك الوضوح.. فجذبت وجهها من بين أنامله وهي تصرخ به
كفاية فلسفة يا مازن.. وقول..
قاطعها بهدوء وهو يبدأ تشغيل السيارة
هحدد ميعاد الجواز مع والدك وأبلغك.. أنا لحد الوقت ما طلبتكيش منه.. وما يصحش أنه يسمع من بره أن بنته بدلت خطيبها!..
سألته بوجل
يعني..
يعني.. هنتجوز على طول يا نيرة.. لا خطوبة ولا كلام فارغ من ده..
والټفت إليها ليضغط على كل حرف
يعني ما فيش حسن.. ما فيش منى... تطلعيهم من دماغك اللي عاملة تدور على أي مصېبة تسببها لهم ولا أي کاړثة تفرقهم عن بعض..
رددت بتوتر
تفرقهم!!
أجابها بهدوء
حسن ومنى اتجوزوا.. وهما دلوقت في طريقهم لشهر العسل..
صړخت بذهول
إيه!.. لا.. لا مش ممكن مستحيل..
جذبها من ذراعها بقوة
نيرة.. بقولك لآخر مرة.. تنسي كل حاجة عن اللي فات.. أنا مش هعرض نفسي واسمي وكرامتي لأي كلام سخيف عشان حضرتك ترضي نزعة الإنتقام اللي جواك.. وخليك فاكرة.. أني قدام أبويا وأبوك بقدم لهم خدمة.. يعني لو تراجعت عن جوازنا في أي لحظة نتيجة أي تصرف متهور منك.. ما فيش حد هيقولي تلت التلاتة كام.. فهماني..
رددت بتأكيد
بس أنت بتحبني..
أغمض عينيه بقوة.. واجابها بهدوء
أيوه.. بحبك يا نيرة.. وعارف أنك عارفة من زمان..
فتح عينيه فجأة والټفت لها
بس مش هسمح تاني أنك تستخدمي الحب ده عشان تستردي كرامتك أو ټنتقمي.. كفاية قوي اللي حصل الليلة.. ولو عاوزة الحق.. أنت اللي استغلتيني.. مش العكس..
أدار السيارة بحركة عڼيفة.. وهو يسألها
هتروحي دلوقت..
هزت رأسها نفيا
وديني عند عليا في المزرعة..
أومأ بصمت متفهم بينما هي ترمقه مذهولة بشخصيته.. بمازن الرجل الذي تواجهه للمرة الأولى وقد أدركت أنها دخلت بقدميها إلى حياته بل هو من جرها جرا إليها..
ذلك الرجل الذي اكتشفت أنها لا تعلم عنه شيئا.. ولكنه يعلم عنها الكثير..
حمل حسن منى برقة ليدخل بها
تم نسخ الرابط