روايه روعه بقلم دعاء عبد الرحمن

موقع أيام نيوز

وهى تقول بهمس
من مصلحتى انه يخاصمنى ومش عاوز يرد على تليفوناتى ويتهرب مني ..من مصلحتى أنه قلع الدبلة وقالى اقلعيها خلاص
هزت عبير رأسها نفيا وهى تقول
لاء من مصلحتك انك تعرفى قيمة الراجل اللى هتجوزيه .. أيا كان مين الراجل ده.. من مصحلتك أنك تشيلى من قلبك أى رواسب قديمة كانت هتسبب فى مشاكل بينكوا بعدين وانا شايفة بقى اللى حصل ده هو اللى هيشيل الرواسب دى
قالت عزة بصوت مخټنق بالدموع 
والدبلة اللى قلعها
قالت عبير بثقة
ولا تسوى حاجة.. أنت عارفة أنه بيحبك والدبلة اللى اتقلعت تتلبس تانى .. المهم قلبك انت يكون صفى ومستعد لاستبقال البشمهندس اللى هيجننك ده
وكأن عبير قد استدعته بكلامها عنه تعلقت عينيى عزة بمنحنى الطريق ورأته وهو يدلف منه واضعا يديه فى جيبيى بنطاله ويسير ببطء . يركل كل حصى تقابله وكأنه يتعارك معها ويتوعدها ألا تصادفه مرة أخرى وتتنحى أمام قدميه المتحفزتين يظهر الحزن على قسماته وتعابير وجهه وكأنه فقد شخصا أو شيئا أو قلبا !
فى كل مرة كانت تقف هكذا تتمنى أن يرفع رأسه ليراها واقفة تنتظره ولكنه لم يكن يفعل أبدا ولكن هذه المرة وبتلقائية شديدة رفع رأسه وكأنه يتوقع أن يرى نافذتها مغلقة فى هذا التوقيت رآها تطل عليه بعينين زائغتين معتذرتين دامعتين تلاقت نظراتهما مع خفقان قلبها وشعوره بالحنين لفقدانها دار حوارا سريعا بين عينيهما كان عنوانه الأول والأخير ... أعتذر منك ..أشتاقك ..عد إلي
دوت الزغاريد فى نفس المنزل للمرة الثانية على التوالى ولكن هذه المرة كانت العروس مختلفة كانت عبير عبير ذات العبير المعتق فى صدفته ينتظر نصفه الآخر المقدر له استنشاقه وملىء رئتيه بنسيم العذراء القابعة أسفل أمواج خجلها .
أحمر وجهها وهى تجذب والدتها من ملابسها لتجلسها مرة أخرى ووالدها يكمم فمها هاتفا بها
أسكتى بقى الناس تقول علينا ايه
جلست أم عبير وهى تلهث من فرحتها قائلة
يقولوا عندنا فرح هيقولوا ايه يعنى
نهرها قائلا
مش لما العروسة توافق الأول يا ام مخ مهوى انت
نظرت إلى أبنتها وهى تقول 
عبير موافقة طبعا هى دى عايزة كلام
قالت عزة بحماس وهى تنظر إلى أختها 
صح يا ماما
صوب الجميع نظره إليها فى انتظار كلمتها وبعد فترة من الصمت قالت بارتباك 
لما أقعد معاه الأول وبعدين استخير.. ده جواز يعنى لازم يكون منهجنا واحد وإلا هيبقى فيه مشاكل كتير بينا بعد كده.. الحكاية مش حكاية لحية وخلاص
تم تحديد ميعاد للقاء عبير وبلال للرؤية الشرعية بعد يومين وتم تجهيز المنزل لإستقبال بلال ووالدته لن نستطيع أن نتهم عبير بالسعادة لأنها لم تكن تجرؤ على هذا الأحساس بل كانت تئده كلما حاول الظهور على السطح كل ما كانت تشعر به هو التوجس والإنتظار لا تعلم لماذا اختارها هى بالذات للتقدم لطلب الزواج بها فهى ليست مميزة عن غيرها نعم هى ملتزمة ولكنه بالتأكيد صادف قبلها كثير من الفتيات الملتزمات وبالتأكيد شاهدهن خلال الرؤية الشرعية وكانت منهم الجميلات والأصغر سنا منها ولكنه لم يتزوج بواحدة منهن فماذا يميزها عن غيرها ليختارها هى كانت خائڤة بل ووجلة ليس من تلك الهواجس فقط ولكن خاڤت أن يكون على غير المنهج الصحيح الذى اختارته لنفسها ووافق السنة الصحيحة
دخلت عليها والدتها لتجدها على حالها تلك الذى تركتها عليه منذ قليل جالسة على فراشها ترتدى كامل ملابسها التى تخرج بها إلى الطريق لم يختلف شىء غير أنها قد أزاحت غطاء وجهها عنها ليستطيع رؤية وجهها بوضوح وهي تردد بعض الأذكار لتخفف من توترها وارتباكها وخفقان قلبها وقالت تستعجلها
يالا يا عبير الضيوف وصلوا ..
تبعتها عزة التى دلفت خلف والدتها مباشرة وهى تهتف بها 
يالا يا ستى مامته بتسأل عليكى
وقفت عبير وهى تشعر بالألم فى ساقها الذى لم يتعافى بعد ورغم أنها رؤية شرعية ولابد أن تكشف عن وجهها ليراها إلا أنها شعرت وهى تخرج أمامه هكذا بوجهها المكشوف كأنها عاړية أمامه فزاد حيائها وخجلها وحمرة وجنتيها وإطراق رأسها أرضا أكثر وأكثر هبت والدته واقفة عندما ظهرت عليهم وأقبلت عليها فى ترحاب تقبلها وتعانقها وتساعدها فى الجلوس على أقرب مقعد جواره هذا الحياء الذى علق قلبه بها فى الأمس هو نفسه من علق عينيه بها اليوم وهو ينظر إليها بشغف ويتأمل أحمرار وجنتيها الصافية وعينيها الخجولة الناظرة إلى أى شىء وكل شىء إلا هو خوفا من اللقاء ! ظل يتأملها قليلا فى صمت وعلى ثغره ابتسامة ناعمة تحمل كل الرضا والقبول
أرادت والدته أن تقطع هذا الصمت أو بالأحرى أرادت أن تعطيه طرف الحديث معها فقالت
رجلك عاملة أيه دلوقتى يا عبير
قالت بصوت لا يكاد يكون مسموعا 
الحمد لله يا طنط أحسن شويه
تحرك لسانه أخيرا وتحرر من صمته ووجد نفسه يقول
بتعملى التمارين 
أومأت برأسها إيجابا ولم تجبه شفاهتا وكما فعلوا مع عزة وعمرو فى السابق فعلوا مع عبير تركوها مع بلال فى الخارج وانتقلوا لغرفة استقبال الضيوف وجلس والدها نفس المجلس فى المرة السابقة ليستطيع رؤية ما يحدث فى الخارج
كان لهذا أثر كبير على بلال الذى تحرر من خجله لمجرد أن أصبح وحده معها ولكنه فى داخله شكر فعل والدها أنه يحرص عليها مع ترك مساحة من الحرية لا تسمح إلا بالحديث معها فقط فكم سقط فى عينيه آباء كثر أغلقوا الباب عليهما بدعوى حرية الحديث لولا أنه كان يرفض ويأبى هذا بل ويكون سبب خروجه من البيت بلا عودة .
ظلت عبير صامتة مطرقة الرأس ولكنه لم يظل صامتا ..قال في حنان وهو يتأملها 
على فكرة ..الرؤية دى يعنى احنا الاتنين نشوف بعض كويس مش انا بس اللى اشوفك
جاهدت على أخراج صوتها من حلقها وكأنه يعبر الأحبال الصوتية فى مشقة وقالت 
منا شوفتك قبل كده
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى
شفتيه وشعر أن الأمر يتطلب جرأة أكثر فقال
طيب ممكن ترفعى راسك شوية مش عارف اشوفك كويس
خفق قلبها بشدة وشعرت أنها لو تركت العنان لنفسها لهبت من مقعدها لتجرى إلى غرفتها وتغلقها عليها لتختبىء من نظراته المصوبة إليها ولكنها تعلم أنه من حقه أن يراها جيدا وينظر إليها رفعت وجهها ببطء ولكنها لم تقدر على النظر إليه مباشرة نظر إليها مليا ثم قال 
عبير
شىء ما بداخلها لا تعلم ماهو جعلها ټخطف نظرة إليه ثم تعيد عينيها إلى حيث كانت ربما كانت تريد ان ترى ردة فعله وهو ينظر لها هل أعجبته أم لا ..لم تكن عبير تلك الفتاة الفاقدة الثقة فى نفسها رغم أنها فتاة عادية ليست بارعة الجمال بل وليست مميزة فى جمالها فتاة عادية بكل المقاييس ولكنها أرادت أن ترى نظرة سابحة فى عالمها منصهرة فى وجودها كانت قد رأتها فى عينيه مرة واحدة حينما كان يستمع لصوتها وهى تسبح وتكبر فى عيادته سابقا وهى تؤدى التمرين ولقد وجدتها وعثرت عليها للمرة الثانية واستشفت ما وراءها من قبول ورضا
أستردت نفسها حينما سمعته يقول
والدك
كان قالى انك عاوزه تتأكدى من حاجات معينة ..أتفضلى انا تحت أمرك
حاولت عبير أن تقذف بخجلها بعيدا بل وترميه
تم نسخ الرابط