روايه روعه بقلم دعاء عبد الرحمن

موقع أيام نيوز

لها بمرح 
أوعى تاخرى الصلاة مرة تانية فاهمة ولا افهمك بطريقتى 
وجدت الأبتسامة المټألمة طريقها إلى شفتيها وهى ترى ملامحه المداعبة لها وهى تتذكره وهو يداعب أطفاله بشغف طفولى ويجرى بينهم وهم يحاولون أمساكه ولا يستطيعون فيقفز ليعبر واحدا ويلتف حول الآخر بخفة ويجرى من الطفلان الآخران بسرعة ليدور حول المائدة وهم يدورون خلفه ويسقطون من فرط ضحكاتهم المجلجلة قبل أن ينجحوا فى الأمساك به أخيرا فيتكاثروا عليه ويتصنع هو السقوط فيتكالبون فوقه وهو ېصرخ بمرح مستنجدا بها أن تنقذه من بين براثنهم .
فرت دمعة من عينيها واعتصر قلبها من الألم ..دخلت دنيا شارعهم وهى ترتدى نظارة سوداء تخفى بها عينيها وجزء كبير من وجهها ومرت بين نظرات الناس حولها المشفقة عليها ومما حدث لزوجها فجرا .. صعدت الدرج فى اضطراب وهى ترى الرجال مجتمعين أعلى الدرج أمام شقة زوجها.. تنحوا جانبا عندما رأوها وهم يقولون 
قلبنا معاكى يا بنتى
عبرت من بينهم ودخلت الشقة لترى هذا الجمع الغفير من النساء وترى مهرة بين ذراعى أم فارس وعيناها تكاد تختفى من كثرة البكاء ودموعها التى لا تجف ..كان الوضع أشبه بمأتم أجتمعت فيه النساء فقالت فى تلعثم 
خير فى ايه يا طنط ايه اللى حصل
نظر لها الجميع بإشفاق حتى مهرة نظرت لها برحمة وشفقة وهى تتوقع رد الفعل بعد علمها بما حدث ..وقفت أم فارس واقتربت منها وهى تبكى وقالت 
فارس خدوه يا دنيا.. دخلوا علينا قبل الفجر وخدوه من وسطينا 
قالت باضطراب وهى متوترة 
هما مين دول
نظر لها الجميع بدهشة كبيرة فرد فعلها لا يتواكب مع ما تسمع من والدته بينما قالت أم فارس 
بيقولوا أمن الدولة يابنتى.. ومش هو وبس لا كمان خدوا عمرو وبلال معاه 
كان لابد
أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها ..أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها ..ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول 
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول 
معاكى حق يا طنط ..أنا هدور عليه فى كل حته لحد ما الاقيه عن أذنكم
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت .. نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل ..كل يبكى على ليلاه.!
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد 
أيوا يا دنيا خير 
قالت فى سرعة 
عاوزه اطمن عليه .. وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا 
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه ..أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب 
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا 
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه.. ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
تحشرج صوتها وقالت پبكاء 
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت.. بس عاوزه اطمن امه .. أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا.. طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية 
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة.. فاكر نفسه عايش فى الجنة 
صمت باسم قليلا ثم قال بهدوء حاسم 
بصى يا دنيا.. أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى ..فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص .. يعنى أربع خمس شهور بالكتير.. وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى.. فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت 
طب وهنعمل أيه فى القضية 
رفع حاجبية متهكما وقال 
أيوا هو ده المهم دلوقتى.. كده انت دنيا اللى انا اعرفها ...ركزى معايا كده وفتحى مخك ..
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول 
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى ..ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت ..دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب ..وده فى صالحنا ..علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
قالت معترضة 
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل 
هقولك ..أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف القضية قبل ما تروح على المحكمة ..وهتفاوض معاه النهاردة على المبلغ اللى هياخده .. ومش كده وبس ..أنا كمان وصلت لشهود الأثبات وبرضة هتفاوض معاهم على المبلغ .. 
والفلوس اللى هتاخديها من الراجل فى اقرب وقت هنكيشهم منها .. وكده لا هيبقى فيه دليل ولا شهود والحاډثة هتبقى قضاء وقدر..ومش مقصودة والواد يطلع من عقۏبة القتل العمد وبعد كده ممكن نفاوض أهل القتيلة لما يبقوا فى موقف الضعيف وممكن ساعتها يتنازلوا بقرشين وتبقى القضية بخ.. فهمتى
قالت بشك 
طب ماهو محامى البنت اللى ماټت ممكن يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية 
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا ..المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه..فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول 
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة ولما الحكم يتغير شوفى بقى ساعتها أسمك هيلمع ازاى ..
لمعت الفكرة فى رأسها فلقد عرف باسم كيف يقضى على النبضة الأخيرة من نبضات ضميرها .. تخيلت حكم البراءة وكيف سيلع أسمها بعد ذلك فى سماء المحاماة لتتهافت عليها القضايا كما حدث مع فارس ويقصدها الناس ولكنها لن تفعل مثله لن تعيش بمثاليته التى دمرته وستدمره سيكون الحكم الوحيد فى قبول أى قضية هو الأتعاب فقط ليس إلا ..
وستخطو فى نفس طريق باسم فى حل القضايا الشائكة ... وضعت الهاتف بجانبها وقد نسيت تماما أمر فارس ولم تعد تذكر إلا مستقبلها فقط ..والذى ستجنيه من خلفه
حل المساء على النساء وحالهن هو البكاء .. لا يزلن مجتمعين فى بيت أم فارس ما بين متضرعة وباكية ومڼهارة ..مصابهن واحد يتلمسن أى خبر ولو غير مؤكد أى شىء يطمئنهن على الأزواج والأحبة ورفقاء الدرب ولكن لاشىء ..كأنهم اختفوا وذهبوا جميعا ..خلف قرص الشمس ..ولم يعثروا على أجابة شافية من أى جهة ..الأجابة الوحيدة التى وجدوها
كانت عن طريق دنيا بعد أن أبلغتهم بها فى الهاتف وقالت 
عرفت أنهم فى المعټقل.. بس لسه مش قادرة أحدد مكانهم بالظبط ولا حتى قدرت أعرف تهمتهم أيه ..
ثم أردفت وكأن أمرهم لا يعنيها 
انا هفضل بقى فى بيت ماما لحد ما نعرف طريقهم هناك بتحرك أسرع ..سلام
وقبل منتصف الليل
تم نسخ الرابط