فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
عواطف المتواصل
رد على أبيه متسائلا بصوت جاد
والمطلوب مني ايه
أجابه طه بصرامة
أوعى تسيبهم تقف جمبهم وتتصرف لو في أي حاجة
لطمت عواطف على صدرها مرددة پصدمة مڤزوعة وهي تلتفت حول نفسها
يا نصيبتي هي هي اللي في المستشفى تبقى تبقى مرات المرحوم يا لهوي يا واقعة منيلة يا خړابي المستعجل أنا عاوزة أروحلهم دلوقتي وديني عندهم يا حاج
سامع يا منذر خليك معاهم لحد ما نجيلك واحنا مسافة السكة وهنكون عندك
رد عليه منذر باقتضاب
ماشي يا حاج
تابعت عواطف نواحها مرددة بتحسر
يالهوي يبقوا كانوا جايين عشاني وعشان الدكان جت حنان لقضاها هنا أه لو كنت أعرف آآآه
حذرها طه قائلا
اهدي شوية يا عواطف مش كده
أكملت هي عويلها بأسى
انزعج طه من حالة التهويل الزائدة التي سيطرت عليها وهتف بحدة قليلة
جرى ايه يا عواطف ماقولنا بلاش نواح خلينا نروح الأول المشتشفا ونشوف في ايه
حركت رأسها بالإيجاب مرددة بصوت مخټنق أسف
اه يا حاج وديني عندها حسرة قلبي عليها
هتفت نيرمين هي الأخرى وهي تهدهد صغيرتها برفق
رد عليها طه بإيجاز
وهو يشير بعكازه لها
تعالي
اتجهت بسمة إلى منزلها وهي تبرطم مع نفسها بكلمات متذمرة
لم يعبأ ببالها حالة الهرج الموجودة بالمنطقة فقد كانت تفكر فيما دار بينها وبين دياب من مشادة أخرى كلامية ابتسمت لنفسها بزهو لتمكنها من الرد عليه بجرأة فتمكنت من رد اعتبارها واستعادت كرامتها حينما جاء ليهددها في عقر دارها تباطأت خطواتها حينما رأت سيارات الشرطة وأفرادها يحاصرون البناية فحدقت فيه بإندهاش
هما بيعملوا ايه عندنا
شهقت بقلق متمتمة لنفسها بعد ان طرأ ببالها اعتقاد ما
لأحسن يكون البيت جاله إزالة وبيخلوه مش هايحصل مش هانسيب بيتنا
ولكن استبعدت تلك الفكرة تماما عن اعتقادها حينما هدر الجزار عاليا پشماتة
اللهم احفظنا عمارة سكانها فقر مصاحبين عزرائيل الداخل عندهم مفقود
التفتت نحوه وحدجته بنظرات ممېتة ثم صاحت به بشراسة مھددة بذراعها
نهض عن مقعده قائلا بفظاظة
النومة دي هاتطوليها قريب لما ياخدوكي كلابوش يا ست الأبلة مع أمك وأختك
ردت عليه بحدة قوية وهي ترمقه بنظرات ڼارية
قطع لسانك الزفر ده
نظر لها شزرا وتابع ببرود مستفزا إياها أكثر
هو أنا جايبه من عندي صحيح تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته
بيخطرف الراجل ده ولا باينه اټجنن ومخه اتلحس من الحبس
صاحت فيه بقوة متعمدة إهانته
أنا غلطانة اني بأعبر واحد زيك وبأتكلم معاه ده انت تشبهني بشكلك
اشټعل وجهه من ردها الغليظ وكور قبضته بغل وقبل أن ينبس بكلمة زائدة كانت هي قد انصرفت من أمامه
تابعت سيرها حتى وصلت إلى تلك الحواجز الحديدية التي تسد الطريق المؤدي لمدخل البناية
رأت عددا من أفراد الشرطة يطوقون المكان ويمنعون كل من يقترب منهم
وقفت قبالة أحدهم وسألته بجدية وهي تجوب بأنظارها المنطقة
في ايه يا شاويش انت قافل السكة ليه
أشار لها العسكري بيده مرددا بحسم
ممنوع يا ست
هتفت معترضة عن منعه إياها من المرور قائلة بإستغراب
أنا داخلة بيتنا
صاح بصرامة وهو جامد التعابير
ممنوع أما البيه وكيل النيابة يؤمر
سألته مندهشة
الله ليه بس
أجابها بنبرة رسمية
في حاډثة حصلت جوا وبيعاينوا المكان كله
قطبت جبينها مندهشة مما سمعت ورددت متسائلة بغرابة
حاډثة ايه دي
ولجت أسيف إلى داخل إحدى الغرف الجانبية خلف الممرضة التي أعطتها ورقة خاوية طالبة
منها بجدية
املي البيانات دي يا آنسة وشوية وهايجي الظابط ياخد أقوالك
حركت رأسها بإيماءة خفيفة مجيبة إياها بنبرة مرتعشة ومبحوحة
ح حاضر
تابعت الممرضة مضيفة بجمود
وبعدها تروحي الحسابات هاتحطي دفعة تحت حساب لحد ما نشوف هيحصل ايه بعد كده
ابتلعت أسيف ريقها بتوتر بعد جملتها الأخيرة فقد كانت لا تحمل من الأموال ما يكفي تغطية مصروفات المشفى فهي لم تتوقع وقوع هذا الحاډث المأساوي لأمها
تنهدت بعمق وهمست بارتباك
ماشي بس أطمن على ماما الأول
ردت عليها الممرضة بجفاء قليل غير مكترثة بمشاعرها الحالية
ده مالوش علاقة لازم تدفعي النظام هنا كده
توسلتها أسيف بصوت خفيض
طب ماينفعش نأجله شوية أنا معايا فلوس بس مش دلوقتي يعني في اللوكاندة و
قاطعتها الممرضة بتأفف وهي عابسة الوجه
يا آنسة لو عليا هاسيبها هنا وبلاش بس أنا بأوعيكي مدير المستشفى مش هايسيب أمك من غير ما تدفع دفعة تحت حساب
استنكرت أسيف تلك الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا المشفى وعدم رأفة مديرها بالمرضى المتواجدين هنا وأصحاب الحالات الحرجة فهتفت معترضة
ده انتو مستشفى حكومي مش خاص ولا آ
قاطعتها الممرضة مصححة وهي تشير بسبابتها
اه حكومي بس نضيف شوية وعندنا خدمة مميزة مش مجاني زي برا
حاولت قدر الإمكان إقناع الممرضة بتأجيل مسألة دفع النقود ريثما تتمكن من
تدبير أمورها لكن أبت الأخيرة الانصياع لها فهي ملزمة بقوانين المكان الذي تعمل به في النهاية هتفت باستسلام محبط
ماشي هاتصرف
ملأت البيانات بعقل شارد هي تفكر في وسيلة لإحضار المال ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ترك والدتها بمفردها دون أن تكون إلى جوارها في أصعب لحظاتها
تابعتها الممرضة بنظرات غير مبالية بحالتها فهي ترى يوميا عشرات الحالات من أمثالها فإعتادت ألا تشفق على أحد وتعلمت أن الحياة بطبيعتها قاسېة لا ترحم أحدا هي فقط تؤدي عملها
استني
صاح بتلك الكلمة الآمرة منذر وهو يقف على عتبة مدخل الغرفة
استدارت أسيف في اتجاهه لتنظر نحو صاحب الصوت بعينين دامعتين فلم تلبث أن اكتسيتا بالدهشة
انفرجت شفتيها الجافتين بتعجب من رؤيته بقسوته وغلظته يقترب منها
تجاهل منذر أسيف وسلط أنظاره على الممرضة متابعا بجمود جاد
الكلام معايا أنا
ارتعدت قليلا من حضوره القوي وهمست بصوت هامس شبه خائڤ
انت
تساءل منذر بصلابة وهو يبحث بجدية عن الأوراق الخاصة بالمصاپة
فين الحسابات بتاعتكو هنا
ثم ركز عيناه الحادتين على أسيف ليكمل بحزم
أنا هادفع لأمها
أجابته الممرضة بابتسامة متكلفة
أول طرقة على شمالك يا حضرت الأوضة في الأخر
صدمت أسيف مما قاله هي لم تتوقع أن يأتي ذلك الشخص تحديدا ويقدم لها العون في هذا الوقت العصيب نظرت له مذهولة وطالعته بغرابة عجيبة رمقها منذر بغموض وتأمل تعبيراتها المصډومة بجمود أغرب
كانت على وشك الحديث رافضة لعرضه لكنها تفاجأت به يتجاهلها ويوليها ظهره وكأنها نكرة هي لا تحتاج للإحسان أو الشفقة من أحد وهو يتعمد معاملتها بتلك الطريقة الدونية كما لو كانت تتسول منه
استدار عائدا من حيث أتى فسارت بخطى سريعة خلفه مرددة بارتباك
لو سمحت
أكمل سيره غير عابيء بها فتحولت طبيعتها المسالمة تدريجيا إلى الضيق
كانت تخطو بخطوات أقرب إلى الركض لتكون إلى جواره وأكملت قائلة بصوت متحشرج
أنا بأكلمك يا أستاذ أنا مش بأشحت منك ولا عاوزة صدقة من حد
توقف عن السير فجأة والټفت نحوها ليحدجها بنظرات قاتمة أتدعي عدم التسول وهي محترفة في تلك المهنة أو هكذا ظن
تجمدت في مكانها وابتلعت ريقها بصعوبة متابعة بنبرة مدافعة عن نفسها
الحمدلله مستورة معانا وأنا
رفع منذر كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت ثم هتف قائلا بغلظة
اللي بأعمله شيء يرجعلي أنا بس اللي أقرر
قاطعته قائلة بإصرار
لا يا حضرت ده موضوع يخصني
حدث نفسه بامتعاض وهو يرمقها بنظرات احتقارية
اعتبري اللي بيعمل خير بيكمله للأخر
نظرت
متابعة القراءة