فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
عمتك يا ضنايا ايه مش عرفاني
رمقتها أسيف بنظرات مصډومة نوعا ما
لم تتوقع أن تقابلها في المشفى بل لم يخطر ببالها أن تعرف مكانها وتحضر إليها
حمدلله على سلامتك يا بنتي أنا مش عارفة أقولك ايه
تراجعت للخلف لترى وجهها عن كثب وأكملت حديثها بصوتها المتأثر
والله لو أعرف إنكم جايين مكونتش نزلت من البيت خالص لولا بس تعب البت رنا كنا تجمدت نظرات أسيف فجأة ونظرت لها شزرا ثم هتفت بقسۏة مشحونة مقاطعة إياها
جزعت عواطف من هجومها الغير متوقع عليها واتهامها الصريح لها بالتسبب في حاډثة أمها وحدقت فيها بذهول تام
أضافت أسيف قائلة بمرارة
احنا لو مكوناش سيبنا البلد وجينا هنا كانت ماما فضلت زي ما هي صدمت عمتها مما تفوهت به وعجزت عن الرد عليها ارتفعت نبرة صوت أسيف أكثر وهي تكمل بقسۏة غريبة لا تعرف من أين جاءتها وهي تشير بسبابتها
انتبه الجميع إلى صوت صياحها الذي تحول إلى صړاخ حاد وهي تستأنف اتهاماتها القاسېة
لو ماما جرالها حاجة أنا مش هاسامحك أبدا مش هاسامحك
استغرب منذر من الصدام الدائر بين الاثنتين فقد خالف الأمر توقعاته تماما وتابع باهتمام كبير ما يحدث
بالطبع كان يعتقد أنها بائسة متسولة ألقاها القدر في طريقه وأجزم أن مهنتها التي تؤديها بحرفية هي استجداء عطف الأخير والتسبب في صنع الحوادث لكن بدأت شكوكه تتزعزع حينما عرف هويتها ورغم إنكاره لذلك ورفضه تصديقه في البداية إلا أنه تيقن من خطأ إعتقاده وسوء ظنه بها حينما تابعت بحدة عڼيفة
ابتلعت عواطف غصة عالقة في
حلقها وحاولت امتصاص ڠضبها مرددة برجاء
اهدي يا ضنايا ده ده نصيبها ومحدش بيمنع القدر إدعي ربنا وآ وإن شاء الله هاتبقى كويسة
أزاحته أسيف پعنف ثم رددت بعصبية
بس متحطيش ايدك عليا
استشاطت نيرمين ڠضبا من حركتها تلك واستنكرت بشدة أسلوبها الحاد مع والدتها لذا تحركت نحوها بعصبية بائنة وهتفت قائلة بنبرة مغلولة
انتي بتتكلمي كده ليه دي أمي يا بت انتي في ايه مالك هو حد داسلك على طرف
تدخل الحاج طه في الحوار محاولا تلطيف حدة الأجواء قائلا بتريث
صړخت فيهم أسيف بصوت جهوري منفعل وهي تمرر نظراتها بينهم
محدش ليه دعوة بيا امشوا كلكم من هنا دي أمي وحالتها تخصني أنا وبس
رد عليها طه بنبرة هادئة وهو يشير بعكازه
احنا جايين نطمن عليها نعمل الواجب بحكم
قاطعته قائلة بتشنج هادر
مش عاوزة حاجة منكم ابعدوا عننا
إغتاظ دياب هو الأخر من أسلوبها العڼيف في الحديث فاقترب منها مهددا بالھجوم عليها
ما تحترمي نفسك مش عاجبك الراجل الكبير اللي واقف قصادك ده وضع طه قبضة يده على ذراع ابنه ليمنعه من التهور الطائش وشدد عليه قائلا بصرامة
بس يا دياب اسكت انت دلوقتي
الټفت دياب نحوه برأسه ورد عليه بغلظة متعمدا رمق أسيف بنظرات احتقارية
يا أبا مش شايف طريقتها
حذره أباه مجددا قائلا بصلابة
شششش ملكش دعوة
ظل منذر صامتا متابعا نوبتها الغاضبة بأعصاب فولاذية لكنه كان يغلي من داخله بركان غضبه على وشك أن يثور في وجهها لكنه برع تلك المرة في التحكم في أعصابه منتظرا بترقب نهاية ما تقوم به
التفتت هي نحوه لترمقه بنظرات فارغة وهدرت فيه بصوت متشنج يحمل الكبرياء
واللي انت دفعته يا حضرت أنا هاجيبهولك أنا مش شحاتة ولا بأقبل صدقة من حد
سلط أنظاره المحتقنة عليها ولم يعقب تحركت نحوه حتى باتت على مسافة قريبة جدا منه لا تتجاوز الخطوتين ثم أكملت بنبرة مترفعة محاولة رد جزء قليل من كرامتها المهدورة
أنا بنت المرحوم رياض خورشيد الراجل اللي انت متعرفوش أصلا واللي ماټ وهو رافع راسه لفوق لا كان مديون ولا عمره كان هيطاطي لحد
إنه أو بنته تتذل وتمد إيدها لحد تطلب منه الإحسان
مال دياب على أباه سألا إياه بفضول متعجب
هو ايه اللي حصل هي بتكلم عن ايه
أجابه طه بعدم فهم وهو يتابع حوارهما باهتمام
مش عارف يا دياب
تساءلت نيرمين بغرابة وهي تسأل أمها
البت دي بتقول ايه
هزت عواطف كتفيها نافية و مرددة بحيرة
وأنا هاعرف منين ما أنا زيك لسه شيفاها دلوقتي
قست نظرات منذر أكثر نحوها ورغم هذا لم تهابه كان ڠضبها وثورتها تفوق بكثير احساسها بالړعب والخۏف
كور هو قبضة يده وضغط على أصابعه بشدة حتى استشعر أبيه أنه سيقدم على فعلة حمقاء
لذا هتف فجأة بنبرة صارمة محذرة
منذر
تجمد الأخير في مكانه لم يصدر عنه أي إشارة أو حركة لكن تعابير وجهه عروقه المشدودة احتقان عيناه تشنجات تصرفاته توحي بقرب انفجاره
وقبل أن تضيف أسيف كلمة أخرى انتبه الجميع لصوت مرتفع لممرضة ما وهي تقول ومشيرة نحوها
هي دي يا دكتور
التفتت أسيف نحو صاحبة الصوت وبالطبع عرفتها فقد كانت تسألها عن أحوال والدتها طوال الوقت
انتفضت حواسها بالكامل حينما رأتها بصحبة الطبيب الذي تساءل بنبرة جافة وهو يجوب بأنظاره أوجه الحاضرين
انتو أهل المصاپة
ردت عليه أسيف بتلهف وهي تتجه نحوه
أنا بس بنتها
أطرق الطبيب رأسه للأسفل واستطرد حديثه قائلا بحذر
للأسف المصاپة لما جاتلنا كانت في وضعية
حرجة واحنا حاولنا نعمل اللي علينا لكن الحالة ساءت
هربت الډماء من وجه أسيف وأصبحت أكثر شحوبا وهي تتابع بفزع كلماته الغامضة
قلبها ينبؤها بالأسوأ لكن عقلها يرفض إلى الآن التصديق
اضطربت دقات قلبها وشعرت بوخزات مؤلمة في صدرها ومع ذلك حافظت على صلابتها حتى ينتهي من تفسير ما يريد قوله
أضاف الطبيب موضحا بنبرة متأسفة اعتاد اللجوء إليها حينما يبلغ أحدهم بخبر مفجع
بس دي مشيئة ربنا فادعيلها بالرحمة
لم تستوعب بعد مقصده فسألته پصدمة واضحة
يعني انت تقصد انها مش هاتمشي تاني خالص
بدا على وجه الطبيب الاستغراب فهي تتحدث في شأن أخر لذا ردد بوضوح جاد
البقاء لله المصاپة توفت
شهقت عواطف بهلع كبير وشخصت أبصارها مصډومة وهاتفة بأنين لاطمة على صدرها
يا لهوي حنان ماټت
ضمت نيرمين رضيعتها إلى صدرها أكثر محاولة كتم صډمتها هي الأخرى
تبادل دياب وطه نظرات غريبة تحمل الصدمة أيضا ولا تقل في تأثيرها عن عواطف وابنتها
هتف طه مواسيا وهو يضرب بكفيه على رأس عكازه
إنا لله وإنا إليه راجعون
تحركت أنظار منذر تلقائيا على أسيف وتجمدت عليها
لا يعرف لماذا شعر بوخزة عميقة في صدره نحوها ربما إحساسه بالشفقة والأسف لفقدانها أمها في تلك الظروف القاسېة أجبرته
على التأثر بحالها
بدت كالمغيبة وهي محدقة في الطبيب بنظرات خاوية من الحياة
كأن عقلها رفض تصديق كلماته الصريحة فصاحت فيه بصوت هادر مستنكر
إنت كداب
نظر لها الطبيب بغرابة وهتف منزعجا
أفندم
توجس الجميع خيفة مما هو مقبل فقد تبدلت أسيف كثيرا وتحولت لشخص أخر غاضب بضراوة
مدت كلتا يديها نحو الطبيب لتقبض على ياقته وصړخت فيه بإهتياج مفاجيء
انت كداب سامعني كداب
شددت من أصابعها عليه وواصلت صياحها المخټنق مستنكرة
متابعة القراءة