فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
بنبرة ودودة محاولة تلطيف الأجواء بعد أن لاحظت نظراته المتسائلة في صمت
اعذرنا إن كنا جينالك من غير ميعاد
أشار لهما بكف يده لتجلسا قائلا بجدية
ولا يهمك اتفضلوا اقعدوا
ثم إشرأب بعنقه صائحا بصوت آجش آمر لأحد عماله
الشاي بسرعة ياض
رد عليه أحدهم
تؤمر يا سي منذر
اعترضت أسيف قائلة بجمود غريب
احنا مش جايين نضايف هنا
قبضت عواطف على ذراعها قائلة بابتسامة مصطنعة ومانعة إياها من التفوه بالمزيد
احنا مش عاوزين نتعبك يا بني هما كلمتين هانقولهم ونمشي على طول
اضطرت أسيف على مضض أن ترضخ لتوسل عمتها وصمتت مجبرة
بدا غير مقتنع بما قالته عواطف لكنه مرر الأمر ولم يعلق عليه كثيرا
لم يخطر بباله مطلقا أنها حضرت إليه لأجل سبب أخر
همست عواطف لها برجاء خفي
اهدي يا بنتي الأول وخليني أنا أتكلم
جلس منذر خلف مقعد مكتبه منتصبا ثم استند بمرفقيه على سطحه متسائلا بهدوء وموجها حديثه إلى عواطف
أجابته بإبتسامتها المتكلفة
بخير والحمدلله
أضاف قائلا بجديه وهو يشير بكفه الأيمن
الحاجة جليلة قالتلي على موافقتكم كلكم على بيع الدكان وإن شاء الله زي ما عرفتكم قبل كده مش هانختلف
نظرت
عواطف إلى أسيف بنظرات زائغة ثم عاودت النظر إلى منذر مبتسمة بصعوبة وهي ترد بارتباك
أكيد بس بس
استدار منذر نحوها مضيفا بنبرة عقلانية
حرك وجهه لينظر في اتجاه أسيف موجها حديثه لها
ولا إيه رأيك يا
صاحت فيه مقاطعة بحدة
مش هايحصل
اندهش من ردها الغريب وتصلبت قبضتي يده نوعا ما
لم يحد بعينيه بعيدا عنها وحدق فيها بنظرات مطولة متفرسة
كررت هي عبارتها مؤكدة بنبرة حاسمة
الدكان مش هيتباع
كان متحكما في أعصابه رغم الفضول الذي يعتريه لمعرفة سبب رفضها المفاجيء لمسألة البيع فسألها بجفاء مريب
مش فاهمك يعني ايه مش هيتباع
أجابته بنبرة قاتمة وقد قست نظراتها نحوه
سألها بهدوء حذر محاولا ضبط انفعالاته بعد صډمته في إلغاء صفقة البيع وما سيترتب عليها من تبعات مزعجة للكل
عملت ايه بالظبط
هبت واقفة من مكانها وهي تجيبه بصوت متعصب
فين فلوسي اللي كانت في الشنطة
رفع حاجبه للأعلى مرددا پصدمة قليلة
فلوس
لم يفهم مقصدها جيدا وحاول استيعاب جملتها الغامضة
أجابته بنفس النبرة العصبية وهي تهز رأسها بالإيجاب
ايوه كانوا في شنطتي في اللوكاندة وانت بنفسك قولت إنك الوحيد اللي لم الحاجة
نهض واقفا بهدوء من مقعده متذكرا ما فعله بداخل غرفتهما المؤجرة بالفندق هو لم يجد سوى الثياب وجمعها بعناية واضعا إياها بداخل الحقائب دون أن يدقق النظر في باقي محتوياتها
بدت نظراته حادة لكنه كان بارعا في إخفاء عصبيته وأجابها بصوت شبه ثابت
ايوه أنا لمېت الحاجة بس لا فتشت في شنط ولا شوفت فلوس من أصله
هدرت فيه صاړخة بإتهام شديد اللهجة
انت كداب
هنا احتدت نظراته وعبس وجهه بصورة مقلقة
هتف فيها مستنكرا إتهامها الباطل
نعم
تابعت مؤكدة بعزم وهي تشير بسبابتها
ايوه كداب تلاقي ده ملعوب عامله عشان تجبرني أبيع الدكان
فشلت عواطف في السيطرة على ابنة أخيها هي عقدت العزم على تنفيذ ما قالته حرفيا دون أي مقدمات ممهدة وبدأت ثورتها في وجهه
سمع جميع نزلاء السچن صوت فتح أحد الأقفال الموصدة لعنبر حبسهم بالسجن العمومي وتعلقت أنظارهم بذلك الصول الضخم الذي ولج للداخل
صاح هو بصوت جهوري غليظ
المسجون مجد مهدي أبو النجا
أتاه صوته من بعيد وهو يعتدل من متكأه
ايوه يا شاويش
هتف فيه بصوت آمر
قوم معايا كلم المأمور
نهض بتثاقل من مكانه قائلا بصوت بارد
طيب
همس له من خلفه أحد المساجين قائلا بحماس
بينها البشارة يا كبيرنا
رد عليه مج بحذر
الظاهر كده
ربت على كتفه قائلا بسعادة
ربنا معاك
صاح الصول بحدة بعد أن لاحظ تباطيء حركته
اتحرك يا مسجون
رد عليه مجد برخامة
جاي يا شاويش بس رجلي منملة شوية
رمقه الصول بنظرات احتقارية وهو يرد ساخرا
تحب أخليهالك تفك
تقوس فمه للجانب قائلا بصوت خشن
وعلى ايه هي هاتفك لوحدها
ركضت أروى ناحية باب المنزل لتفتحه بعد أن سمعت صوت قرع الجرس معتقدة أن الطارق أحد أخويها
وجدت رجلا غريبا ممسكا بأوراق ما فيه يرمقها بنظرات عادية فنظرت له بتعجب متسائلة
انت عاوز مين يا عمو
أجابها بنبرة جادة
ناديلي حد كبير من جوا يا شاطرة يكلمني
لوت ثغرها قائلة بامتعاض
طيب
ثم استدارت برأسها للخلف صائحة بنبرة عالية
ماما في واحد كبير على الباب عاوزك
أتاها صوت والدتها مرددا بتوتر
يا ساتر مين ده اللي عاوزني
جذبت ابنتها الصغرى من كتفها للخلف لتقف هي على
عتبة الباب متسائلة بتوجس محدقة فيه بغرابة
خير يا حضرت انت عاوز مين
أجابها بنبرة رسمية وهو يخرج ورقة ما من وسط الأوراق الموضوعة بداخل الملف الذي يمسكه
ده بيت الأستاذ دياب طه حرب
انقبض قلبها نوعا ما خافقا بدقات سريعة وهي ترد بالإيجاب
اه هو خير في حاجة أنا أمه
رد عليها متسائلا بنفس النبرة الخالية من التعابير
هو فين
أجابته متوجسة
جاي في السكة طمني بس في حاجة حصلت
ناولها تلك الورقة قائلا ببرود معتاد
معايا إخطار من المحكمة للسيد دياب
أخذتها منه متسائلة بحيرة
إخطار ايه ده
رد عليها بنبرة جافة وهو يقرب دفتر ما منها مشيرا إلى مكان ما فيه لتوقع به
معرفش اتفضلي امضي هنا بالإستلام
طيب
قالتها وهي توقع باسمها بجوار إصبعه ثم طوت الورقة الرسمية التي بحوزتها
أغلق المحضر دفتره مرددا
متشكر
ثم انصرف بعدها تاركا إياها في حالة حيرة وتخبط
أغلقت الباب خلفه محاولة قراءة وفهم ما هو مدون في ذلك الإخطار
وقفت قبالتها ابنتها متسائلة بفضول
مين ده يا ماما
ردت عليها جليلة بحدة معنفة إياها
خشي شوفي مذاكرتي بدل ما انتي مضيعة وقتك كده على الفاضي
عبست أروى بوجهها قائلة بتذمر وهي تركل بقدمها الأرضية
حاضر مافيش إلا المذاكرة وبس
قرأت بتأني ما كتب بداخل الإخطار فانفرجت شفتاها پصدمة كبيرة
شهقت غير مصدقة ما عرفته وتسمرت في مكانها محاولة استيعاب الأمر
بقيت على حالها للحظات حتى سمعت صوت فتح باب المنزل بالمفتاح
استدارت برأسها عفويا في اتجاهه فرأت ابنها دياب يلج مبتسما وهاتفا
سلامو عليكم
لم ترد عليه فقطب جبينه مستغربا حالة الوجوم الظاهرة عليها
نظر لها متعجبا ثم دنا منها متسائلا
مالك يا أماه واقفة كده ليه مبلمة مش بتردي السلام
رفعت الورقة أمام وجهها قائلة
الإخطار ده جالك من شوية
ردد بغير فهم وقد زاد انعقاد ما بين حاجبيه
إخطار
هزت رأسها بإيماءة مترددة وهي تجيبه
اه من المحكمة المحضر لسه جايبه انتو ماشفتوش
حرك رأسه نافيا
لأ مخدتش بالي
ثم مد يده نحوها متسائلا باهتمام
فيها ايه الورقة دي
أعطته إياها فبدأ في قراءة ما بها على عجالة
تبدلت تعابير وجهه من الاسترخاء للتشنج وازدادت حمرة عيناه يمكن القول بإختصار أن أحواله تغيرت من الهدوء للعصبية الشديدة
طوى الورقة بغل وهو يصيح بسباب لاذع ومهين
بنت ال ضحكت عليا
متابعة القراءة