فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
عشان ترتاحي
كټفت بسمة ساعديها أمام صدرها وردت بتبرم
لأ بس مش في أوضتي انتي عارفة إن أنا مش برتاح في نومتي مع حد
بررت عواطف تصرفها قائلة
اعتبريه وضع مؤقت بعد كده هاخليها تنام معايا
غمغمت بسمة مع نفسها بازدراء
أه مۏت يا حمار وأنا أتسوح لحد ما ده يحصل
رمقتها عواطف بنظرات متأففة ثم تجاهلتها وتعمدت عدم الرد عليها تاركة إياها باقية في مكانها لتتجه نحو المطبخ
ماقولتليش هاتعملي ايه
ردت عليها عواطف بضيق
بطلي زن فوق دماغي وخليني أعمل لقمة للغلبانة دي
زفرت بسمة قائلة بسخط
ماشي يا ماما براحتك
ثم تركتها وانصرف من المطبخ وهي تبرطم بكلمات متذمرة
هزت عواطف رأسها مستنكرة جمود ابنتها وتنهدت قائلة بعشم
ربنا يهديكي يا بنتي ويحنن قلبك عليها
الفصل الخامس والعشرون
الټفت نحو صاحبها ليستطرد حديثه بجدية
سيبهالي يومين يا ريس منذر وأنا هاظبطلك كل اللي فيها
نفخ منذر بضيق كبير ودس يديه في جيبي بنطاله ورد عليه بامتعاض
أنا محتاجها ورايا شغل وماستغناش عنها
عارف يا ريسنا بس هي متبهدلة على الأخر ده غير الإزاز اللي هايغيره والفوانيس اللي ورا والكابوت عاوز يترد و
قاطعه الأخير قائلا بضجر وهو يخرج يديه من جيبيه ليضعهما على منتصف خصره
طب شوف المناسب وانجز على طول
هز الميكانيكي رأسه بإيماءة واضحة وهو يرد
أوامر يا ريس منذر
دس يده مرة أخرى في جيب بنطاله الخلفي ليخرج حافظة نقوده ثم سحب مبلغا ماليا منها وطواه في قبضته
خد دول دفعة تحت الحساب
تناوله الميكانيكي منه ووضعه سريعا في جيب أفروله الكحلي الداكن بدلة عمله ليردد بحماس وقد اتسع ثغره
متشكرين يا ريس منذر
اقترب منهما عامل أخر بالورشة قائلا بجدية وهو ممدد يده بكيس بلاستيكي
يا أسطا الحاجات دي كانت على الكرسي اللي قدام
هاتهم يا واد
قالها الميكانيكي وهو يأخذ الكيس منه فقد قام الأخير بتفتيش السيارة من الداخل ليتأكد من خلوها من أي مقتنيات شخصية ثمينة تخص صاحبها في حال تركها عند الورشة للإصلاح حتى لا تفقد فوجد ذلك الكيس بها
قطع شروده صوت الميكانيكي وهو يردد
اتفضل يا ريس منذر
أمسك بالكيس البلاستيكي في يده وأضاف بجدية
هاعدي عليك كمان يومين ولو خلصت قبلها كلمني
رد عليه الميكانيكي بصوت مرتفع
لوح له منذر بكف يده وهو يودعه قائلا
سلامو عليكم
أجابه الأخير بصوت نخفض نسبيا
وعليكم السلام
سار منذر للأمام متطلعا إلى الكيس باهتمام ثم رفع رأسه ليحدق أمامه محدثا نفسه بضيق بائن على ملامحه
مجاش في بالي خالص أديها الحاجة بتاعة أمها
نفخ بصوت مسموع وهو يكمل حديث نفسه
بكرة أبقى أعديهم عليها مع أي حد من الوكالة
مط مازن ذراعيه في الهواء ثم طقطق فقرات عنقه بيده بعد أن أنهك نفسه كثيرا في العمل ليتأكد من إتمام المطلوب في طلبية الطعام
انتبه لإهتزاز هاتفه المحمول الذي كان موضوعا على الوضعية الصامتة وبدا متأففا وهو يقرأ بعينيه الاسم الظاهر على الشاشة
تكرر الإتصال مرة أخرى فأجاب عليه قائلا باقتضاب
خير يا ولاء
ردت عليه بتساؤل روتيني
مش ناوي تيجي
زفر بعمق وهو يقول بعبوس
لأ عندي شغل
سألته بدلال محاولة التأثير عليه لإثناءه عن قراره بالبقاء في العمل
يعني مش هاتتعشى معايا ده أنا مجهزالك عشا هيعجبك أوي
عنفها قائلا بقسۏة
ولاء حلي عن دماغي أنا ورايا هم أد كده
انزعجت كثيرا من رده الفظ وهتفت بنبرة متعصبة
أوكي براحتك
أنهى المكالمة معها ملقيا الهاتف على سطح مكتبه ثم غمغم مع نفسه بتذمر
هو أنا ناقص خانقة
جلست ضامة ركبتيها إلى صدرها ومحاوطة كلتاهما بكفيها ثم إتكأت برأسها عليهما لتبكي بمفردها بأنين خفيض
ظلت أسيف ترثي والدتها الراحلة بكلمات مبهمة
أجهشت پبكاء أشد ودفنت رأسها في حجرها متحسرة على رحيلها المفاجيء عقب ۏفاة أبيها تاركين إياها تواجه مصيرا مجهولا
أغمضت عيناها قهرا فلا تزال صورتهما وضحكاتهما عالقة بذاكرتها
سمعت هي صوت دقات خفيفة على باب الغرفة فأسرعت بفك كفيها المتشابكين وتمددت على الفراش مدعية النوم دثرت نفسها بالغطاء وكفكفت عبراتها سريعا كي لا ينكشف أمرها
لم
يكن بها أي رغبة بالحديث أو مشاركة مشاعرها مع أي شخص
بقيت ساكنة تماما وضبطت أنفاسها لتبدو منتظمة وكأنها في سبات عميق
استطاعت أن تسمع صوت تلك الخطوات الخاڤتة المتسللة إليها وحافظت بمهارة على ثباتها حتى ظنت المتواجدة بالغرفة أنها نائمة
شعرت بتلك اللمسة الحنون على جبينها وتلك القبلة المطمئنة أعلى رأسها
همست لها عواطف بحب
ربنا يعينك يا بنتي على اللي جاي ويفرح قلبك ويعوضك كل خير
انحنت مجددا لتقبلها ثم عدلت من وضعية الغطاء عليها وتركتها وانصرفت
أخرجت أسيف تنهيدة عميقة من صدرها وأكملت بكائها الصامت
علقت جليلة جلباب زوجها على المشجب الشماعة بعد أن نفضته والتفتت لزوجها لتهتف بإعجاب
والله ما يجيبها إلا رجالها
ناولته لباسه المنزلي قائلة بإمتنان
تسلم يا حاج دايما كده نصير المظلوم
رد عليها طه بصوت آجش
ماهو اللي زي ده كان عاوز اللي يقفله ويربيه
وافقته الرأي قائلة بجدية وهي تضع حذائه أسفل التسريحة
عندك حق
أضاف طه قائلا بصوت مزعوج وهو يشير بكف يده
ماهو مكانش ينفع أسكتله ده جاب سيرة عواطف وهي تمسني بردك
عادت جليلة لتقف إلى جواره وأمسكت بعكازه الخشبي وهزته بحركة عفوية وهي ترد بتلقائية
اه مظبوط
ثم تحركت عدة خطوات للأمام لتسنده إلى جوار خزانة الملابس قائلة بتشجيع
واللي يتساهل مرة في حقه يستحمل اللي هيجرى
أشار لها طه بكف يده قائلا بصوت آمر
قومي جهزيلي لقمة لأحسن واقع على الأخر
التفتت برأسها نحوه راسمة ابتسامة سعيدة على ثغرها ومرددة بتلهف
أحلى عشا يا أبو منذر
تأوه بأنين خفيض وهو ينحني ليفرك باطن قدمه قائلا
آآه يا رجلي محتاج أدهنها بمرهم ولا أي بتاع
اقتربت منه مقترحة باهتمام كبير
أعملك مياه وملح تحط فيهم رجلك هاينفعوك يا حاج
حرك رأسه بالإيجاب موافقا
ماشي يا جليلة هاتيهم
ردت بتلهف
على طول أهوو
ابتسم لها زوجها قائلا بإمتنان
ربنا يخليكي ليا ست أصيلة
ضحكت في وجهه وأسرعت في خطواتها لتعد له وعاءا بلاستيكيا مليئا بالماء والملح لتخفف عنه آلام قدميه
في صباح اليوم التالي
كان
يغط في نومه بإرتياح حتى بدأت تعابير وجهه في التشنج قليلا بسبب ذلك الرنين المتواصل لهاتف ما
استعاد وعيه نوعا ما لكنه لم يستيقظ كليا
في البداية ظن منذر أنه يحلم وأن صوت الهاتف ضمن حلمه الغير مفهوم فلم يهتم وقاوم نداء عقله بالإستيقاظ والانتباه
لكن مع تكراره أفاق تدريجيا من نومه
مد يده نحو الكومود محاولا البحث عنه والإمساك به لوقف صوته المزعج لكنه لم يجده فرفع رأسه مجبرا عن الوسادة ليبحث عنه بعينين ناعستين
دقق النظر بنصف عين مفتوحة ولكن لا شيء
كان الرنين أتيا من مكان أخر
فرك وجهه بكفه وتثاءب بصوت مسموع ثم رمش بعينيه لأكثر من مرة ليعتاد على الإضاءة الخاڤتة بغرفته
تكرر الرنين فانتصب في نومته وإشرأب بعنقه للأعلى مديرا رأسه للجانب
تحركت عيناه صوب التسريحة حيث ذلك الكيس البلاستيكي
كان الصوت أتيا منه فتأكد أنه يخص هاتف المرحومة حنان
تثاءب مرة
متابعة القراءة