اوتار الفؤاد بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


بالكاد تحاول كبح مشاعرها التي نبضت بالحياة وتقاتل للظهور علنا.
لم ينتظر قدوم الطبيب ليطمئنه على وضعها الصحي بل ألبسها عباءة خارجية على ثيابها ولف شعرها بحجاب بسيط لينطلق هابطا على الدرج وحاملا إياها دون أن يأبه بتبديل ثيابه متجها نحو سيارته التي صفها فرد الحراسة أمام باب الفيلا أجلسها بحذر تام على المقعد الأمامي وأحكم ربط حزام الأمان عليها ثم التف حول مقدمة السيارة ليتخذ مقعده بها ضغط أوس على البوق بشكل متعاقب ليجبر أفراد الحراسة المرابطين أمام البوابة الرئيسية على فتحها انطلق بالسيارة في اتجاه مشفاه الخاص وما إن وصل إلى هناك حتى تسابق الأطباء والممرضين في نقلها على الحامل الطبي ليذهبوا بها لغرفة الطوارئ. بقي بالخارج يذرع الرواق جيئة وذهابا منتظرا خروج أحدهم لطمأنته احټرقت أعصابه من كثرة التفكير والخۏف ليس على زوجته فقط وإنما على جنينه الذي ينمو في أحشائها. ظلت أنظاره بالكامل مركزة على الباب وما إن فتح حتى هرول ركضا نحو الطبيب مؤنس يسأله بأنفاس متهدجة

تقى عاملة إيه دلوقت فاقت ولا في حاجة خطېرة وابني ....
قاطعه الأخير بتمهل ووجهه يعكس بسمة هادئة
مټخافيش يا باشا الهانم بخير
سأله بحدة وقد اصطبغت بشرته بحمرة منفعلة
أومال اللي حصلها ده من إيه
أجابه موضحا وهو يسحبه معه بعيدا عن الرواق
ضغطها كان مرتفع وأكيد حضرتك عارف السبب أكلت مخلل كتير وده مش كويس عشانها
لم يجد ما يعقب به على جملته الأخيرة سوى التوبيخ بحنق
غلبت أفهمها إن ده غلط وهي مبتسألش وبتعمل اللي دماغها
أراد مؤنس أن يمتص غصبته الوشيكة فمازحه بحذر
إنت عارف الحوامل يا باشا في الفترة دي أي حاجة نفسهم فيها بياكلوها وڠصب عنك مش هاتقدر تسيطر عليهم.
وكأن الأخير لم يصغ لكلمة واحدة مما قاله كان تفكيره منصبا على حالتها وضيقه من تصرفها الأرعن. أجبره مؤنس على السير معه نحو المصعد متابعا حديثه
اتفضل يا باشا معايا الهانم هتحصلنا على فوق
تبعه في صمت مشحون بانزعاجه الشديد من تبعات تصرفها الخاطئ لم يرغب أن تراه تقى في تلك الحالة وإلا لزاد الطين بلة بتوبيخها بقسۏة لأنها خالفت تعليمات الأطباء وانساقت وراء رغبات معدتها. بعد برهة كانت هي ممددة على الفراش تبكي بندم اعتقدت أن أوس تركها بالمشفى وغادر بعد أن أوصلها إليه فإلى الآن لم يأت لرؤيتها أو حتى الاطمئنان عليها فقد اعتادت على رؤيته بجوارها فور أن تفتح عينيها ترسخ ذلك الوهم في رأسها واڼهارت تبكي بحړقة من جديد. ظنت الطبيبة المرافقة لها أنها تبكي لتعبها فدوما الحوامل يتأثرن سريعا بالأمور الانفعالية نتيجة تأثير الهرمونات عليهن لذا هدأتها بلطف وهي تقول لها
اطمني يا مدام تقى حالتك مستقرة والضغط هيتظبط مع البرشام بتاعه ومتقلقيش منه ده بتاع الحوامل بس أهم حاجة تلتزمي بمواعيد الدواء.
مسحت تقى عبراتها بأطراف أناملها وهي تسألها بصوتها المنتحب
وابني
ابتسمت وهي تجيبها
بخير الحمدلله.
ثم مالت نحوها لتحذرها بجدية ولكن بصوت خفيض
بس يا ريت موضوع الحوادق ده مايتكررش تاني كتره مش حلو لا عليكي وعلى الجنين!
أومأت برأسها في تفهم
حاضر مش هاعمل كده تاني.
وبعدين الباشا ھيموت من القلق عليكم بجد لو شوفتي شكله دلوقتي هتتخضي
وكأن الحياة قد عادت لتبتسم لها من جديد بمجرد معرفتها بوجوده تساءلت على الفور بتلهف
هو لسه موجود
أجابتها الطبيبة مؤكدة
أيوه .. واقف برا مع الدكتور مؤنس
تلاشت أحزانها وكفكفت عبراتها ساحبة نفسا عميقا تثلج به صدرها أحست تقى بالارتياح وأشرقت نظراتها مرة أخرى فمهما عاندت وارتكبت من أخطاء لا يتخلى عنها أبدا بل يؤكد لها دوما أنها وطنه الوحيد أمانها ببقائها فيه. لحظات ودق قلبها بحماس حينما رأته يلج للغرفة استأذنت الطبيبة بالانصراف لتمنحهما قدرا من الخصوصية وقبل أن ينطق بشيء بادرت معتذرة
أنا أسفة مش هاعمل كده تاني سامحني يا حبيبي كنت غبية
رد عليها متسائلا بنبرة غامضة
في حاجة تانية حابة تقوليها
ظنت أنه مستمتع بټعنيفها لنفسها فأكملت بوجه اكتسى بتعبيرات عابسة
ومش بأفهم وهبلة و..
انزعجت من إھانتها لنفسها بذلك الشكل المحرج فقاطعها بلهجة صارمة دون أن تتبدل تعابيره للارتخاء
خلاص يا تقى مالوش لازمة الكلام البايخ ده
سألته بضيق
إنت زعلان مني
رد متسائلا بنفس التجهم
تفتكري إيه
نكست رأسها في خزي مدركة فداحة ما فعلته بدا صوتها مستاء منكسرا وهي تتعهد له
مش هايتكرر تاني!
قال لها في لهجة أشد بأسا
وأنا مش هستناه يحصل والمرادي أظنها كانت إنذار كويس ليكي.
لم تتجرأ على التطلع إليه حينما نطقت
ايوه
أضاف أوس قائلا
إنتي هتفضلي هنا لبكرة
رفعت رأسها لتنظر إليه في صدمة قبل أن تسأله باندهاش لم تخفه
إيه ده أنا هبات هنا لوحدي
أوضح لها بنبرة جافة لم تظهر تعاطفه معها
دي رغبة الدكتور عشان يطمن أكتر وأهوو يكون درس ليكي تفكري قبل ما تاكلي حاجة تضرك
ردت بأسف
معاك حق.
تابع محذرا بشدة
إنتي جواكي روح بتتكون حافظي عليها.
أدمعت عيناها من كلماته تلك ولكن ما لبث أن حل الخۏف على قسماتها حينما أبصرته يتجه نحو باب الغرفة سألته بقلب يقفز بين ضلوعها قلقا
إنت
 

تم نسخ الرابط