بير الجن بقلم ريناد يوسف
المحتويات
صفحة جديدة.
تنهد بعمق ووضع ما بيده على الطاولة الصغيرة أمامه وتأهب قائلا
مش فاهم أيه اللي جد دلوقتي علشان تقوليلي الكلام ده بس هسمعك
ردت ثريا
هقولك يا حبيبي على كل حاجة بس اوعدني أنك تسمعني للأخر
أومأ لها كموافقة ضمنية لحديثها بينما هي استرسلت وقصت عليه كل ما استمعت له من حديث دار بيننادين وصديقتها وما اتهمتها به بعدها.
أنت إزاي تمشي من غير ما تقولي
ابتلع غصة مريرة بحلقه وأجابها بكبرياء شامخ
كان مستحيل استنى دقيقة واحدة بعد اللي مرات ابوك قالته
طيب خلينا ندخل ونتكلم
برر قائلا دون أن يفسح مجال لها لتفوت للداخل
شهد وطمطم مش هنا ميصحش تدخلي
اومأت له بتفهم وقالت بنبرة آسفة
محمدانا معرفش هي قالتلك ايه بس أنا بعتذر بالنيابة عنها حقك عليا أنا وارجع الشغل
نفى برأسه واخبرها بعزة نفس أبية
مبقاش ينفع يا ميرال
عقدت حاجبيها واعترضت
أغمض عينيه بقوة يلعن ذلك المرتجف بين اضلعه وأجابها بقرار قاطع صدمها
صدقيني مبقاش ينفع كده احسن ليا وليك
نفت برأسها واخبرته بعيون غائمة
محمد متعملش فيا كده أنت وعدتني و قولتلي مش هسيبك مهما حصل
أنت مبقتيش محتجالي وبقيت أحسن...ومع ذلك لو احتاجتي أي حاجة هتلاقيني تحت أمرك
أنا لو محتاجة حاجة هيبقى أنت يا محمد
اضطربت أنفاسها وهي تقاوم رغبتها في البكاء واستأنفت بتحشرج وعيناها تتوسل عيناه
أنا محتجالك جنبي ويمكن يكون اكتر من الأول
رغم أن كل ما يصدر منها قلبه ولكنه تحامل على نفسه كي يبدو ثابت أمامها فلابد أن يوقف تلك الفوضى التي يخشى من تبعاتها الأن ويصرح بقناعاته
هزت رأسها وباحت له بكل عفوية وبثقة متناهية وهي تصوب نظراتها الراجية داخل عمق عيناه
أنا عندي استعداد انسى كل حاجة إلا أنت... انت الحاجة الوحيدة اللي عايزة افتكرها وعمري ما هسيبها تضيع مني
أنا مش هعرف أعيش من غيرك علشان خاطري أرجع الشغل وخليك جنبي
مش هينفع يا ميرال اعفيني طلبك ده صعب وعمري ما هقدر أرجع بعد ما اتهنت
بحركة تلقائية راجية جعلت عينه تتركز على موضعها ثم توسلته من جديد بنبرة مهزوزة ضائعة تنم عن مدى حاجتها له
علشان خاطري انا...هو انا مستهلش تتنازل علشاني ...ومستهلش تكون جنبي... وجدت الرفض مازال بعينه لتصرخ پجنون وكأن فاض بها الكيل من تبلده
أنت أزاي مش حاسس بيا...
وهن صوتها وارتعش وهي تستأنف بصدق نابع من صميم قلبها
أنا ب
اسكتي
كادت أن تصرح بمشاعرها لولآ أنه قاطعها بنبرة متماسكة صامدة للغاية كي لا يجعلها تزيد أنين قلبه أكثر فهو يشعر الأن بعجز شديد يقيد كافة حواسه ويمنعه أن يسايرها فذلك الحاجز الطبقي اللعېن بينهم يستحيل تخطيه لذلك يجب أن يؤد ذلك العشق الوليد بمهده
متكمليش وبلاش تصعبيها عليا...
ولو زي ما بتقولي يبقى دي مشكلتك لوحدك متحملنيش ذنبها
لو كانت الكلمات ټقتل لكانت سقطت الآن طريحة بأرضها فقد شعرت بدوار يلفح رأسها حتى انها بإطار الباب بملامح باهتة كساها حزن وجعله يلعن ذاته وقلة حيلته ربما للمرة الألف بعد المائة حين همست بنبرة متخاذلة لا مثيل لها
ياااه للدرجة دي
لم يمنحها فرصة لتعاتبه بل ود أن يبتر الحديث كي لا تخور ارادته ويضعف أمامها
ميرال لو سمحتي أنا معنديش كلام أزيد من اللي قولته ياريت تقدري موقفي وتحترمي رغبتي وتتفضلي بقى علشان ميصحش وقفتنا كده
نظرت له نظرة مطولة مؤنبة ثم قالت
همشي يا محمد ومتقلقش أنا متعودة أنت مش اول حد يخذلني
ركضت من أمامه باكية لاترى شيء أمامها حتى أنها لم تلحظ شهد وطمطم أمام البناية بل كانت كل همها أن تبتعد عن هنا وتلملم فتات نفسها...
بينما هو كان يسند جبهته على زجاج نافذته ينظر لآثار سيارتها بعيون غائمة وبقلب منفطر يأن من شدة الألم.
قولتلها ايه يا محمد
قالتها شهد بعدما دلفت لتوها من باب الشقة ليغلق عيناه بقوة يعتصرها ثم يمسح على وجهه قائلا بعقلانية
قولتلها اللي مفروض كان يتقال يا شهد
عاتبته شهد قائلة
بس البنت شكلها بتحبك بجد ليه تعمل كده كنت عطيت نفسك فرصة وحاولت علشانها
نفى
برأسه وقال ببسمة يائسة منعدمة الأمل تعلو ثغره
فرصة ايه اللي بتتكلمي عنها يا شهد بصي حواليك وانت تعرفي أن أي فرصة ليا معاها معډومة أنت متعرفيش ابوها مين ولا ساكنة
متابعة القراءة