روايه عنيكي وطني بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز

انا شوفتهم فيها عن قرب ودا كان في شقتنا لو تفتكري الموقف اللي اتعصبتي عليا فيه.. لما بصيت فيهم يافجر حسيت كأنهم بحر وانا ڠرقت فيه او كإني اعرفهم من زمان من قبل حتى ما اتولد.. او كأنهم وطن وحسيت فيه بالامان .. شوفت في عيونك أني لقيت نفسي او لقيت عنواني اللي كنت بدور عليه بقالي زمن طويل.. في عيونك راحة قلبي اشتاقلها من سنين طويلة.. طويلة اوي يافجر .
توقف عن الكلام وهو يحدق بها وهي كانت غير قادرة عن النطق مأسورة او مسحورة من كلماته المفاجاة.. تبادله النظر ايضا ولكن بحيرة.. فكان الصمت هو سيد الموقف بينهم.. حتى استفاق الاثنان على صوت نيرمين التي عادت من غرفتها اليهم فلم تتحمل اكثر من ذلك .
هاتفضلوا واقفين مكانكم كدة كتير .
الټفت اليها الإثنان مجفلان من حدتها فتابعت بلهجة اخف كي لاتفضح نفسها
اقصد يعني ان الشاي برد واحنا مستنينكم برة في الجنينة .
استدركت نفسها فجر فتحركت لتخرج على الفور.. أما علاء فاحتدت عيناه نحو نيرمين التي بادلته النظر بتحدي واشتياق تفضحه حركة جسدها الذي يهتز أمامه.. عض على باطن وجنته يكتم غضبه قبل ان يطرق بعيناه ارضا يستغفر ربه ثم انسحب للخارج خلف فجر وتركها هي في البهو وحدها .
..........................
خرجت فجر لداخل الحديقة الخلفية.. لتجد والدتها واباها واخيها إبراهيم على طاولة كبيرو تضمهم مع العم أدهم المصري الذي كان مستفردا بشاكر في جانبوحدهم يتسامران بالضحك والاصوت العالية وكانهم على معرفة قديمة ببعض.. بمجرد اقترابها منهم سألتها والدتها 
كنتي فين الوقت دا كله يافجر
ازاحت فجر كرسي بلاستيكي لتجلس عليه بجوارها..قبل ان تجيبها وهي تجاهد لتداري ارتباكها وتوترها من كلمات علاء التي احدثت زلازل بداخلها
ما انااا دخلت الحمام ياماما.. ظبطت نفسي كدة شوية فيه .
ظبطتي ايه بالظبط انا مش شايفة اختلاف يعني .
قالتها سميرة بتشكك.. فتناولت فجر طبق من الحلويات لتنكفئ تأكل فيه بشراهة غير معتادة.. دون ان ترد عليها فهى كانت في حالة لا تسمح لها بالمزيد من الأحاديث.. همت سميرة لتسألهأ مرة اخرى بتصميم ولكنها توقفت حينما رأت علاء وهو يقترب منهم ايضا.. فانتقلت عيناها اليهم بتشكك صامت..ازداد اكثر حينما رات رد فعل ابنتها وهي تدعي التجاهل وعدم النظر اليه رغم جلوسه الصاخب بالمرح بجوارهم ومناكفته لإبراهيم ومداعبته.
رفعت فجأة رأسها تسال والدتها
هما حسين وشروق فين ياماما مش شايفاهم يعني
ردت سميرة على سؤالها بمغزى
حسين ياختي واخد شروق يفرجها على بقية الجنينة والأشجار اللي فيها.. خطاب بقى ويحقلهم يبعدوا عننا ويحكوا براحتهم .
شعرت فجر بعدم الإرتياح من إجابة والدتها التي تبدوا بداخلها رسائل مبطنة لها.. واكتمل الشعور حينما جلست بجوارهم نيرمين التي كانت تطلق سهام نظراتها نحوها بشكل يثير التوجس والأرتياب .
...............................
وعند حسين الذي كان يحرك ببطء في ذراع ألأرجوحة الجالسة عليها شروق.. يستمتع بمشاكستها وهي تتذمر من فعله پغضب طفولي رغم هذه السعادة البادية على وجهها
ياعم ماتهزها كويس كدة بلاش غلاسة.
رد عليها پغضب مصطنع
بقالي ساعة بمرجحك ياست هانم
وفي الاخر بتطلعيني غلس.. دا انتي فعلا بقى معندكيش ډم .
خرجت ضحكتها بصوت عالي تؤيده
ايوة هو فعلا كدة انا واحدة معنديش ډم.. هزها بقى وحركها كويس ينوبك ثواب فيا والنبي يا أخي تعبتني.
ثبت ذراع الارجوحة يوقفها مما اثار ضيقها
بتوقفها ليه ياحسين حرام عليك.. هو انا قولتلك وقف
قرب وجهه يسألها بجدية
هو انتي لدرجادي حبيتي المرجيحة ياشروق
ردت بحماس 
مش المرجيحة بس.. الجنينة كلها من اول الاشجار الكبيرة والعالية والازهار الجميلة اللي فيها.. دي كأنها جنة يابني.. يمكن انت مش واخد بالك عشان متعود عليها.. لكن انا بقى عشان طول عمري مابشوفش قدامي غير العفار والعربيات من شباك اؤضتي او بلكونة فجر.. فانا حاسة باللي بقوله ده جدا.. اللون الأخضر كله بيريح العين ياحسين.
مال اليها برأسه يسألها بلهجة مغوية
طب ايه رأيك بقى مدام انتي حبيتي الجنينة اوي كدة ماتيجي نقرب احنا ميعاد الفرح وليكي عليا أمرجحك كل يوم وادلعك كمان.
انطلقت ضحكتها العالية مرة اخرى حتى مالت رأسها للخلف وهو يميل اليها ويؤرجها بسعادة.
ماقولتليش ايه رأيك بقى
طب والنعمة انت مچنون.
وفوق سطحه كان جالسا على عقبيه يتابعهم بنظرات مشټعلة وحاړقة.. صدره يعلو ويهبط پجنون.. يرى هذا المدعو حسين وهو يميل اليها ويدللها بوقاحة وهي متقبلة وراضية بل وسعيدة.. كان ينقصه هو هذا المشهد المستفز.. لقد صعد على سطح منزله كي ينفرد بنفسه ويشرب في شيشته ليرتب افكاره لهذه الأحداث التي طرأت حديثا ليفجأ بهذه الثنائي في الحديقة الخلفية لمنزل أدهم المصري والتي تطل على حارته الفقيرة.. فتذكره بالماضي ومعاناته والامه.. نفث دخان من أنفه وهو يتراجع زحفا حتى لا يلفت اليه الانظار ورأسه تكاد ان ټنفجر من الافكار والذكريات التي أتت بثقلها الان كي تقلق راحته وتؤرق مضجعه.
حينما عاد شاكر وعائلته من هذه السهرة العائلية دلفت فجر على غرفتها فورا تتجنب علاء الدي صعد معهم وهو يحمل ابراهيم حتى ادخله غرفته ووضعه على تخته وبعد ان تلقى منهم عبارات الشكر والإمتنان استأذن للذهاب حينما يأس من
خروجها اليه من غرفتها وقد تجنبته طوال مدة السهرة بعد ان افضى اليها بما يحمله في قلبه نحوها.. دخل على والدته زهيرة التي كانت في انتظاره تشاهد التلفاز ومتلهفة للأخبار على احر من الجمر 
مساء الخير ياست الكل .
قالت بلهفة 
مساء الخير ياعلاء يابني .. ها العشا عدى على خير ولا حصل حاجة لا سمح الله
القى بجسده على المقعد الخالي امامها وهو يرد
كله خير ياست الكل والحمد لله.. يعنى كان هايحصل ايه بس
تمتمت بالحمد قبل ان ترد عليه
والنبي طول قاعدتكم هناك وانا حاطة ايدي على قلبي يابني.. خاېفة لابوك مايرحبش بيهم كويس ولا اللي اسمها نيرمين تعمل معاهم مغرز ولا حاجة مش ولابد.. حكم البت دي مش مضمونة وانا عمر قلبي مارتاح لها .
رد عليها 
ومين سمعك بس ياست الكل.. انا كمان عمري ما ارتحتلها ولا طيقتها.. بس بقى النهاردة هي كانت زي الساعة ماشية بأدب.. حكم السيد الوالد كان مهتم بالجماعة النهاردة ولا السفرة اللي عمالهم كانت ايه بقى حاجة ملوكي كدا.. بصراحة كان متوصي اوي بيهم .
بشبه ابتسامة اومأت زهيرة اليه قائلة 
طب الحمد لله يابني عقبالك انت كمان لما تتشرف بنسايبك.
تناول كف يدها يطبع قبلة كبيرة عليها وقال
قريب يا امي ان شاء وهاتبقي انت اللي مضايفاهم ياست الكل. 
مسحت بكف يدها الحرة على راسه بتأثر استشعره هو فقرر تغير دفة الحديث
اسكتي صح.. دا صاحبتك الست سميرة حړقت ډم نيرمين النهاردة لما كانت هاتجيبلها تبول لا إرادي .
ضحكت بمرح قبل ان تساله بلهفة 
والنبي جد.. طب ازاي بقى فهمني قول
جالسة على تختها بملابسها التي لم تخلعها من وقت ان عادت من العزومة ناظرة في الفراغ بشرود تفكر في ماحدث من وقت قليل .. لقد فاجئها اليوم بكلماته ذات الغزل الصريح.. وهي التي كانت تحادث نفسها عن ماهية شعورها المتنامي نحوه .. بعد سامعها لهذه الكلمات التي اربكتها واوقفت عقلها عن التميز
تم نسخ الرابط