وقعت فى قبضه الاسد
دى غلطتى أنا كمان .. زى ما انت قولت أنا كنت سهله أوى .. من قبل حتى الورقة اللى كتبناها .. وكان لازم دى تكون نهايتي .. أنا خلاص معدتش هطلب منك حاجه .. أنا هطلب من اللى أكبر منك ومن اللى أقوى منك .. آسفة طلبت الرقم غلط
قالت ذلك ثم أنهت المكالمة .. أغلق سامر هاتفه وهو يحاول أن يخمن معنى كلماتها
جلس مراد فى مكتبه يمسك أحد الكتب بيده لكن عيناه زائغة فى فراغ الغرفة .. أذهله هذا الشعور بالحنين الذى شعر به منذ أن رحلت عن البيت .. طوال الإسبوع وهو يشعر وكأنه فقد جزء من روحه .. جزء من نفسه .. حاول كثيرا أن يعود مراد القاسى متحجر القلب كما كان لكن هيهات .. القلب الذى دق من جديد لم تكفى قوته لإخماده واسكاته مرة أخرى .. أكثر ما كان يؤلمه هو رغبته فى الإطمئنان عليها .. لو علم فقط أنها بخير وسعيدة فى حياتها لربما ارتاح قلبه قليلا وخف عڈابه .. لكن عدم معرفته بحالها كاد أن يصيبه بالجنون .. أخذ يفكر فى آخر محادثة بينهما .. وفى كلماتها عن ماجد .. وعن الحب الكبير الذى جمعهما .. وعن ذكرياته التى تحملها له فى قلبها .. وعن كونه كان ال الدافئ لها بعدما فقدت كل عائلتها .. كان الدعامة التى ارتكذت عليها ومنعتها من الإنهيار .. كان يملء فراغ وحدتها القاتله .. أخذ يقارن بين ما فعله هو وما فعله أخوه .. هو تركها فريسة للوحدة .. طردها من بيته وأرغمها على البقاء فى عزلتها .. حرمها من صحبة أمه وأخواته وهو واثق تمام الثقة أنها أحبتهم حبا خالصا من قلبها .. تركها فى بيتها بمفردها وهو لا يعلم أتخاف من البقاء بمفردها أم انها اعتادت الوحدة .. اتخاف من النوم بمفردها ليلا .. أتسيطر عليها هواجس بإقتحام لص لمنزلها .. كيف تقضى طلباتها .. كيف تقضى أوقاتها .. رغما عنه شعر بالخۏف يجتاح كيانه .. خوف عليها ومنها .. أراد أن يهرع اليها ويعانقها ويدخلها سجن ذراعيه قسرا وألا يتركها أبدا .. لكنه تذكر كيف كانت تصر على طلب الطلاق .. كيف أوضحت له مدى عڈابها بإبتعادها عن ذكريات حبيبها الراحل .. كيف أنها مرغمة على هذه الزيجة وأنها تود الخلاص منها والعودة لبيتها .. اذن فهى سعيدة .. سعيدة بهذا الطلاق الذى أراحها من حمل أثقل كاهلها .. سعيدة لأنها تخلصت منه ومن كل ما يمت له بصله .. لكن لماذا لم يرى السعادة فى عينيها وهما ذاهبان للمأذون .. لماذا لم ير تلك السعادة بعد أن ألقى على مسامعها كلمة الطلاق .. لماذا لم يرى تلك السعادة على وجهها وملامحها وفى عينها وهو يودعها أمام باب بيتها .. إن كانت سعيدة حقا لماذا لم يبدو ذلك عليها !!
قالت مريم بهدوء وهى تشير بيدها لتريه الطريق
أيوة حضرتك ادخل الشارع ده وبعدين ادخل أول يمين
قال الرجل لها شاكرا
متشكر أوى
شعر مراد بالغيرة والڠضب بداخله لحديثها مع رجل آخر .. كان من الواضح أنها تصف له طريق شئ ما .. ولم تتحدث الا لثوانى معدودة .. لكنه شعر بالغيرة الشديد لان حتى تلك الثوانى هو محروم منها .. دخلت البيت وأنظاره مثبتته عليها الى ان اختفت
ان شاله تكون مبسوط ومرتاح
نظر مراد اليها شذرا .. فقالت
هتتعشى ولا زى كل يوم
قال مراد ببرود
مليش نفس
قالت ناهد بحنق
والله .. ليه .. انت مش عملت اللى انت عايزه وارتحت
عملت اللى هى عايزاه مش اللى أنا عايزه
هتفت ناهد غاضبه
بص يا مراد أنا ليا عينين بشوف بيهم وبحس باللى أدامى ده غير ان ميفهمش الست الا الست .. مريم كانت ابتدت تحس بحاجه نحيتك بس باللى انت عملته ده هديت كل حاجه
صمت مراد وهو غير مقتنع بكلام أمه فأكملت قائلا بحزن
بالله عليك مش صعبانه عليك .. دى يتيمه ولوحدها .. كانت عملالك ايه يعنى .. كانت مضايقاك فى ايه .. دى يا حبيبتى مكنش حد بيحس بوجودها .. ومكنتش بتضايق حد .. والبنات حبوها أوى وهى كمان كانت بتحبهم أوى .. سايبها تعيش لوحدها ليه .. ما كانت عايشة وسطنا يا مراد ..
انهت كلامها والدموع فى عينيها .. شعر مراد بقلبه ېنزف دما وقال بصوت مضطرب
مكنش ينفع الوضع يستمر كده ..