لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

موقع أيام نيوز

له وقالت بصوت محتد
.. أومال عاوز أقولك إيه 
قاطعها أو بالأحرى حاول مقاطعتها
.. ريم أنا .
.. أنا معنديش وقت أضيعه وبصراحة زهقت من لعبة الشد والجذب دي أنا فيه في حياتي أكتر من معضلة أولی بیا أتعامل معاها 
وعادت مرة أخرى لمطالعة المجلة العلمية القابعة بين يدها وأنظارها لا تلتقط أبعد من ألوان صفحاتها فهمس وهو يهم بالقيام منصرفا
.. على فكرة والدتي اټوفت من 3 أيام عشان كده متصلتش بيك من يومها 
فرفعت رأسها فجأة وقامت وهي تقترب منه معتذرة برجاء
.. أسامة بجد أنا آسفه مقولتليش ليه قبل كده 
رفع عيناه مؤنبا وقال بصدق أحاسيس لم يجرؤ على البوح بها من قبل
.. مكنتش قادر اتكلم مكنتش قادر حتى أنطقها اتعاملت مع ۏفاتها زي أي راجل ما بيتعامل ما بين إجراءات وورق ووصية مش أكتر أنا لسه لحد دلوقت مش مستوعب فراقها .
وكأنما تحول الرجل الفارع الطول ذو الهيبة والمقدرة لطفل وحيد يتيم الأم دون سابق إنذار وبعاطفة لم تدر منبعها اقتربت منه وتلقفت رأسه بأحضانها صامتة وأناملها تدور بحركات ضاغطه على جوانب صدغيه حتی همست
.. کده أحسن 
رفع حاجبيه وتنهد براحة لم يشعر بمثلها من قبل
.. أحسن كتير الصداع راح 
ابتعد عنها للوراء قليلا حتى تاه في عيناها المتناقضتان فابتسمت له ببساطة وقالت بحزن وكأنما تتحدث عن نفسها هي الأخرى
.. أنت بتداري جواك كتير وده بيضغط عليك وأنت مش حاسس مأجل لحظة المواجهة مع كل حاجة والمشكلة أنك ساعة لما تيجي تواجه هيحصل ڠصب عنك وهتلاقي اللي بتواجهه أكتر بكتير من الحجم اللي أنت فاكره 
فعبس معترضا
.. قصدك إني بهرب لكن أنا بحاول 
وضعت يدها على فمه فجأة وأردفت
.. الهروب راحة بس هتدفع تمنها بعدين صدقني أنا فاهمة أنا بتكلم علي إيه وأنت كمان فاهم 
عقد حاجبيه وهرب بأعينه بعيدا عن عنها فعيناها كأنما تنومه مغناطيسيا إن صح التعبير باستطاعتها سبر أغواره والتحكم بأفكاره والنبش بين ثنايا ماضيه المؤلم هزت رأسها وابتعدت عنه هي الأخرى عائدة لمكتبها وقالت بأمر صریح
.. واجه يا أسامة واختار الهروب

مش حل 
لقد أيقن أن الهرب بحالته مأزق وليس مخرج لذلك غادر وابتعد أعاد ترتيب أولويات حياته والنظر بعين الإعتبار لنواقصه المعنوية أولا ثم المادية نجح بشكل كبير في التغلب على معظم مشاكله والبدء بصفحة جديدة بحياته قد يكون كلفه الكثير كلفه فراق لم يدري بعد كيفيه التعامل معه ولكنه ليس متعجلا كما كان في السابق بل هو متقبل لنزعات الفراق وعواقبه يشعر بداخله خلقا الإنسان جديد إنسان يسعى للتعلم من سوابق أخطاءه وما يقض مضجعه ذاك الهاجس الذي يؤنبه ليلا أن يكون بالفعل فقدها وحتى إن تغير فلن تعود له أمسك الهاتف وللمرة العشرون ربما بعد المائة منذ أن غادر الإسكندرية حاول الإتصال بها ولكن كالعادة لم يستطع إكمال الاتصال وأغلق الهاتف حتى قبل أن تتزايد الأرقام لسبعة وعاد للواقع على صوت صديقه الذي كان يناديه
.. زياد أنا نازل البلد أجيب اللي اتفقنا عليه تمام 
رفع كفه بهمة مودعا له
.. تمام متقلقش 
وتمتم بعدها بخفوت لنفسه
.. مش هترجع يا زیاد إلا لما تستحقها 
وصلت سالي لمكتب المحامي بمنتصف البلد في المعاد المقرر وتفاجئت بوجود نعمات في غرفة الاستقبال فأقبلت عليها الأخير بتحية حارة وهي ټحتضنها بشوق لها وللأطفال الذين ما انفك لسانها عن الدعاء لهم بصلاح الحال قاطعتهم مديرة مكتب المحامي قائلة
.. اتفضلوا حضراتكوا 
أصرت نعمات أن تتقدمها سالي أولا فدخلت غرفة المحامي المخضرم الواسعة وألقت عليه التحية بهدوء واستقبلهم هو بحفاوة ولطف بالغ ودعاهم للجلوس قائلا
.. طبعا أنتو مستغربين إيه لم الشامي على المغربي 
هزت سالي رأسها نافية وقالت مؤنبة
.. إزاي حضرتك إحنا عشرة مع بعض 
رغم أنها كانت لا تطيق تلك المرأة إلا أنها في الأيام الأخيرة أثبتت لها ولأطفالها إخلاصا منقطع النظير لم يظهره له زوجها الذي عاشت بكنفه لسنوات فربنت نعمات على يدها بتقدير وهي تقول
.. ربنا يعلم بغلاوتك عندي والله 
تنحنح مجدي حرجا وقال
.. حيث كده نبتدي مدام سوسن الله يرحمها كانت سايبه ليكم أظرف هديهالكم في نهاية الجلسة وليا أنا ظرفين بشأنكم هقراهم عليكم دلوقت ولو تحبوا كل واحدة تعرف محتوى ما يخصها لوحدها معنديش مانع 
نظرت كلتاهما لبعض بتعجب وقالت سالي
.. أنا معنديش مانع خير
وفي نفس اللحظة ردت نعمات بأن لا مانع لديها أيضا فوضع المحامي عويناته وشرع في قراءة الوصيتان اللتان تركتهما الراحلة بصوت هادىء وتعالى الذهول ملامحهما حتى انتهى مجدي من قراءة الوصيتان فأغروقت أعين نعمات بالدموع وهي تترحم على مرؤوستها بصوت مرتفع وأردفت بشفاة مرتجفة
.. بس ده كتير بيت ووديعه وأنا بس كنت هسيب شغلي أنا هفضل في خدمة ولادها لحد آخر يوم في عمري
هز المحامي رأسه وقال
.. أنت تستاهلي كل خير يا دادة نعمات أنا هعتبر دي موافقة منك وهبتدي بكرة بإذن الله في الإجراءات هيا شددت في الوصية أن البيت اشتريهولك في الحتة اللي تعجبك مهما بلغت تكفلته وجاسر بيه أصر أن الوصايا تتنفذ بحاذفيرها 
وضعت نعمات يدها على شفتيها المرتعشة فيما كانت سالی محدقة بذهول لم تتخطاه بعد وداخلها رغبة بالرفض تتصاعد أفصحت عنها بقوة
.. أنا مقدرش أقبل بالمبلغ ده مستحيل 
التفتت نعمات لها وكذلك أنظار المحامي الدهشة قائلا
.. ليه بس يا مدام سالي 
قامت سالي وهي لا تود تبرير رغبتها ليس لأنها لا تمتلك تبريرا هي تمتلك الآلآف ولكنه هو ونعمات لن يتفهما قط ولذلك آثرت الصمت وعدم الاعتراف بشيء قائلة
.. أرجوك دي رغبتي ومتشكرة جدا وآسفة إني ضيعت وقتك 
هتف المحامي بها قبل أن تنصرف مسرعة
.. مدام سالي 
التفتت له قائلة
.. أنا فيه حاجة أكيد لازم أمضي عليها عشان أخلي مسئوليتك صح!
هز مجدي رأسه بالإيجاب ولكنه نفى
.. ده صحيح لكن مش معناه إني أخدت موافقتك كموقف نهائي أنا هسيبلك فرصة أسبوع اتنين براحتك ومنتظر ردك بعد ما تكوني فكرتي 
هزت رأسها رافضة العرض جملة وتفصيلا قائلة
.. لو سمحت إديني الورق أوقعه دلوقت من غير ما أضيع وقتك أكتر من کده 
جلس الرجل إلى مقعده وهو يشير لها بالنفي
.. مش هيحصل واجبي ناحية موكلتي الله يرحمها إني أنفذ وصيتها وأمنحك الوقت الكافي للتفكيير 
قالت سالي بسأم
.. براحتك بس هتفضل مستني كتير لأن رفضي نهائي 
قال مجدي بلطف
.. طب إيه رأيك تبلغيني قرارك الجمعة الجاية قدامك وقت أهوه تعيدي النظر 
هزت رأسها بقبول تحت إلحاح من الرجل والذي انضمت له نعمات أيضا إذ قالت
.. متستعجليش يا مدام سالي ده حقك مش كفاية 
وتوقفت نعمات عن الحديث عندما لمحت طعنات الألم تغتال صفاء أعينها فابتسمت لها سالی رافضة تعاطفها قائلة
.. متشكرة ومبلغ حضرتك قراري النهائي اللي مش هيختلف کتیر لكن طالما أنت مصر عن إذنكم 
لو لم تكن سيدة الأعمال الأولى بالشرق الأوسط لكانت مزارعة الورود الأولى هكذا كانت تحدث نفسها وهي تنتقل بخفة فراشة من

ركن لآخر مستنشقة عبق الورود اليافع تنتقي زهورا لصديقتها التي وضعت مولودها الأول بالأمس القريب وكان هو يقف يراقبها دون أن تشعر حتى قادتها خطواتها دون أن تشعر لصدام هو من خطط له فرفعت رأسها وجلة فابتسم لها وقال فجأة
.. آسف آشري إيه المفاجأة اللطيفة دي ! 
تمتمت بإعتذار هي الأخرى وهي تعود للخلف خطوتان وعند الثالثة اقترب منها ليصبح الفارق فقط خطوة
.. عاصم بيه سوری مخدتش بالي 
عبس ممازحا
.. عاصم بيه إحنا لسه محتفظين بالألقاب بينا ولا إيه 
هزت رأسها بحرج وأردف بلطف
.. يا ترى بتشتري ورد لمين 
فابتسمت
.. واحدة صاحبتي ولدت إمبارح وكنت ناوية أزورها 
رفع حاجبيه متصنعا الدهشة قائلا
.. متقوليش رايحة لعيلة المسلماني أنا كمان كنت رايح وكنت جاي اشتری ورد 
تعجبت آشري للغاية إذ إنها لم تدري بوجود علاقة تجمعهم بالأساس
.. معقول
برر عاصم وهو ينتقي الزهور مثلها بزهو
.. دخلت شريك مؤخرا مع أحمد في مشروع ضخم أوي مسمعتيش خبر الصفقة دي ولا إيه ده كل مصر بتتكلم عنها 
هل يظن أنها تتبع أخباره! ياللعجب فقالت نافية وهي تتعجل الرجيل
.. لاء سوري أول مرة اعرف عموما فرصة سعيدة أني شوفتك 
استوقفها عاصم قائلا
.. طب ماتيجي نروح سوا 
هزت آشري رأسها وهي تتعجل الهرب
.. أنا كنت هبعتهم ديلفيري عشان عندي مشوار مهم وأعدي عليها بعدين 
كان عاصم متفهما لحاجتها للابتعاد عنه كلما اقترب ولكنه في تلك المرة استوقفها قائلا بصوت خاڤت
.. زياد نقل وكمل حياته بعيد عنك أظن أنه آن الأوان تكملي حياتك يا آشري 
عقدت حاجبيها غاضبة وقالت بصوت محتد وأصابعها تقسو على الزهور المسكينة بحوزتها
.. أظن أنه نوت يور بیزنس ومش من حقك ولا أي حد يتدخل ويقولي إيه المفروض أعمله 
رد مدافعا
.. أنا مش قصدي أتطفل عليكي لكن صعب ليدي جميلة زيك تضيع عمرها في إنتظار شيء مستحيل 
احمرت وجنتها پغضب لم يمر بها في حياتها من قبل حتى قالت دون أن تدري
.. إنت إنسان وقح 
انصرفت غاضبة من متجر الزهور والدموع تكاد تعمي بصيرتها أهكذا يراها الجميع متعلقة بدرب مستحيل تضيع لحظات عمرها الثمينة في إنتظار من سيعود وهو ليس بعائد تركها خلفه وشرع في المضي بحياته غير عابئ مضي نحو المستقبل وهي خلفه متعلقة بحبال ماض مهترئ حتى توقفت عن السير لوجهتها الغامضة حتى لها والتفتت حولها تبحث عن سيارتها بذهن شارد تمسح فيض دموعها وداخلها يتوعد الهارب أبدا لن أسامحك يزداد شعوره بالخواء الذي أصبح يعشش داخله كلما عاد ليلا للقصر الخاوي دونهم أمه وأطفاله ومن كانت يوما زوجته حياة اختفت وأخرى تبدلت وماعاد يدرك أبسط ملامحها ولكم يرغب بالعودة وبشدة للماض بحادفيره بكل مافيه بكل الآمه وآماله طالعته أنظارها الساخطة واستقبلته بجفاء واضح قائلة
.. أنا عاوزة أعرف لحد امتى هفضل محپوسة
تجاوزها حتى وصل للغرفة وډخلها وهو غير عابیء بخطواتها المتقافزة خلفه وشرع بخلع سترته ببرود دون أن يمنحها ردا ولا حتى نظرة فقالت بإلحاح
.. جاسر أنا بكلمك 
رفع أنظاره الساخطة نحوها قائلا
.. عاوزة إيه يا داليا أنا راجع تعبان ومش رايقلك 
اقتربت منه وهي ترسم إمارات الحزن ببراعة على ملامح وجهها
.. أنت هتفضل زعلان مني لحد إمتى!
رفع حاجبيه ساخرا ولم يكلف نفسه عناء كتم ضحكة مريرة
.. مش بقولك أنك بتدي نفسك حجم أكبر منك وأنت مش مصدقة 
هزت رأسها ودمعة فرت من عيناها دون قصد منها
.. عاوز تقول أني ولا حاجة بالنسبالك أنا عارفة ومتأكدة بس صدقني أنت مبتبذلش أدنى مجهود في أنك تعبر عن ده لكن أنا مش هستسلم أنا هفضل أحارب لحد ما أوصلك مش هسيبك ولا هتنازل عنك زي اللي قبلي 
جف حلقه وهي دون أن تدري تشق صدره بصلابة رأس عما
تم نسخ الرابط