لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

موقع أيام نيوز

فزعق بها بإنزعاج تام
.. ياسلام واخد أنا المشوار من بيتي لحد السوبر ماركت اللي جمب بيتك عشان اتبضع 
التفتت له ببرود غير عابئة بنظرات البائع المتطفلة وقالت
.. والله ميهمنيش ثم أنا سألتك بتعمل إيه هنا
نفث محاولا التريث والهدوء وقال
.. أقدر أعرف غيرتي رأيك ليه أنت مش قولت أنها مش خطوبة 
هزت رأسها وقالت بنفس التماسك
.. وقتها مكنتش خطوبة 
قال غاضبا
.. وإيه اللي اتغير 
هزت رأسها وهي تمنع الألم من التسلسل لنبرة صوتها المتماسكة ظاهريا قائلة
.. شيء ميخصكش حياتي الشخصية ملكي أنا لوحدي وبعدين أنت على أي أساس جاي تحاسبني 
اقترب منها بسرعة قائلا بهمس خطړ
.. الأساس أنت عارفاه کویس بادرية 
ابتسمت وقالت بتهكم مرير والمشهد حاضرا ومتجسدا بقوة أنفاسه
.. آه بأمارة الأحضان على أبواب المستشفيات 
تراجع للخلف خطوة باهتا وتابعت هي بجدية تلك المرة لتضع خط النهاية ومن بعدها لا عودة
.. من الأساس مكنش فيه أساس يا أسامة ومن فضلك أنا مش عاوزة أشوفك تاني ولا حابة الشو ده يتكرر في مكان عام وخصوصا لما يكون قرب بيتي وولادي عن إذنك 
تابع

انصرافها المتعجل والثابت نحو منصة دفع الحساب صامتا وهو يشعر بنيران تشتعل في أوصاله لم يكن يدري أن عبثه الغير مجد مع غيرها قد يحرمه فعليا منها بل لم يكن يدري حتى تلك اللحظة أنها بالفعل من أراد ومرارة الخسران تخنق حلقه للمرة الثانية بحياته غير أنه يشعر تلك المرة بأن خسارته أكبر إذ فقد الفرصة للعيش مرة أخرى وتذوق الحياة من جديد في تلك اللحظات القليلة التي تسبق انفصالها عن صغارها تغرقهم فيها بالأحضان والقبلات ووعود لمقابلة قريبة فوق السحاب في دنيا الأحلام توقفت بسيارتها الحديثة أمام البوابة المعدنية الضخمة لقصر آل سليم وهي تبحث عن كلمات مناسبة تبدأ فيها حوارا متأخرا للغاية إذ أنها سويعات ويحضر کریم ووالده لمنزلها لطلب يدها قالت بأنفاس متهدجة
.. إيه رأيكم في عمو کریم ياولاد!
عبس سليم وهو يبحث بعقله عن مغزی لسؤال والدته وظل صامتا فيما قالت سلمى ببراءة
.. دمه خفيف أووي هتجيبه المرة الجاية يتفسح معانا يا ماما 
ابتسمت سالي وقالت
.. آه إيه رأيكم 
كانت عيناها متعلقة بنسخة جاسر الغامضة وتسائلت داخلها كيف يمكن أن يكون الشبه بينهما ليس فقط بملامح جذابة بل وأيضا بخبايا نفس معتدة بكرامة والابن كأبيه بالفعل ظل صامتا يترقب توتر شفتيها بكلمات تائهة وسؤال لا معنى له
.. إيه رأيك يا سليم!
زم سليم شفتيه وقال
.. دمه تقيل لكن طبعا براحتك يا ماما انزعجت سالي وقالت متسائلة
.. ليه ياسليم بتقول عليه كده 
رد بصراحته المطلقة
.. مش بستریح لحد يحاول يتصاحب عليا في أول مرة نشوف بعض فيها 
ضحكت سلمى وهي ترفع كفيها للأعلى قائلة بطفولية محببة
.. ياساتر يارب عليك يا أخي 
تجاهلها سليم وقال بجدية
.. يعني لو لازم يجي المرة الجاية ياريت ميتكلمش كتير 
ظلت سالي صامتة وهي لاتدري كيف التصرف لقد تملكتها نوبة من الجرأة الفجائية منذ قليل وقررت مصارحة الطفلين بأمر الزيارة القريبة ولكن مع تأفف سليم الواضح من شخص کریم أصبحت تشعر بالخۏف وكأنما قرأ الصغير أفكارها فقال
.. لكن أنت بتسألي ليه ياماما هوا أحنا هنشوفه كتير بعد كده 
رفعت سالي أنظارها له وهي تقول دون أن تشعر
.. أنا وعمو کریم هنتجوز 
وتراجع الإثنان سويا لمقعدهما بالخلف ونظرة مبهمة قد علت ملامحهما فأسرعت سالي تقول
.. يمكن يمكن نتجوز وكنت عاوزة أعرف رأيكم فيه
تبادل الإثنان النظرات وقالت سلمى بأنفاس متهدجة بصوت قطعت أنفاس سالي حسرة وڠضبا في الوقت ذاته
.. یعني أنت خلاص مش هترجعي أبدا تعيشي معانا في البيت ! 
هزت سالي رأسها وقبل أن تهرب بأنظارها بعيدا ألقت نظرة متخوفة على وجه الصغير الذي التزم الصمت وعلا ملامحه الجمود ثم قالت بهمس
.. معدتش ينفع ياسلمی 
ومدت يدها وقبضت على كفوفهم وقالت بحب عارم
.. لكن لازم تعرفوا أنتوا أغلى حاجة في حياتي وإنهم لو خيروني بينكم وبين أي حد تاني أنا لا يمكن أبعد عنكم وأسيبكم 
هتف سليم يإتهام قاس يتجاوز سنين عمره
.. أومال هتتجوزي أنت كمان ليه 
نکست سالي رأسها قليلا وقالت
.. عشان محدش يقدر يعيش لوحده ياسليم 
فتح سليم باب السيارة وقال وهو يهبط منها رافضا تلك الحجة الواهية من فمها
.. عمو أسامة عايش لوحده 
ترجلت سالي بسرعة وأمسكت بسلمی وبه قبل أن يصعدا الدرجات نحو الداخل وقالت وهي تحتضنهم
.. المهم عندي أنكوا تعرفوا مهما يحصل هنفضل سوا دايما أنا ماما 
تمالكت دمعها بشق الأنفس وهي تبحر بعينا الصغير العنيد
.. وهفضل ماما ياسليم 
قفز سليم من أحضانها وصعد الدرجات للأعلى وتوقف قليلا أمام الباب وهو ينظر لها نظرة لائمة فيما اندفعت سلمی نحو أحضان أمها وقالت
.. متزعليش منه يا ماما 
ربتت سالي على كتف صغيرتها وقبلتها وقالت
.. أنا عمري ما أزعل منكم ياقلب ماما 
نظرات أختها الغير راضية لم تمحيها عبارتها الجافة
.. مبروك ياسالي 
ظلت سالي صامتة وتركت والدتها وأختها واتجهت نحو غرفتها مسرعة مما أثار ريبة أمها والتي التفتت لأختها وقالت منزعجة
.. ايه لزمته التقطيم بتاعك ده ياسيرين!
هتفت سیرین
.. أنا يا ماما ولا هيا اللي داخله مش مدياني وش ولو أني بتمنالها الخير 
تنهدت مجيدة وهي فعليا مدركة أن شيئا ما يجول بفكر ابنتها الصغرى حتى قالت
.. أنا هدخل أشوف مالها 
تمسکت سیرین بكف أمها قائلة
.. استني يا ماما لو سمحتي قبل ما تدخلي تميلي دماغها بكلمتين سيبيها تهدي وتفكر شوية 
جلست مجيدة وقالت پغضب
.. إيه الكلام الفارغ ده یعني إيه أميل دماغها یا بنت
ضاقت عينا سيرين وقالت بصراحة
.. ماهو أنا عديت حكاية أنها تطلق من جاسر عشان حقها فعلا بعد ما اتجوز عليها قدمها لكن تتجوز غيره لا ده كتير سالي بتحبه وبتعشق ولادها إزاي تتجوز غيره وإزاي حضرتك تشجعيها بدال ما تعقليها!
ابتسمت مجيدة بمكر وتراجعت للخلف بأريحية وقالت
.. قال يعني أنا مش عارفة أن اختك بتحبه وعمرها ماهتنساه 
اتسعت عينا سيرين

وقالت بدهشة
.. طب لما هوا كده الراجل اللي جاي يتقدم ده لازمته إيه
رفعت مجيدة كفيها وقالت هامسة
.. لجل ما البعيد يتلحلح 
همست سیرین بالمقابل
.. قصدك جاسر!
ابتعدت مجيدة بأنظارها عنها وتعلقت بصورة زوجها الراحل وقالت بهدوء متوعد
.. من يوم ما أختك عرفته وهوا بيعرف يجيبها لحد عنده وكان برضيا للأسف أنا بقى المرادي اللي هخليه يجليها وراسه فوق رقبته ونشرط ونتشرط عليه كمان ويعرف قيمتها كويس 
ظلت سیرین صامتة تحاول استيعاب ماتخطط له أمها حتى قالت بضمير يقظ
.. طب والتاني ذنبه إيه ليه يتعشم وتخلي بيه
تنفست مجيدة بضيق وقالت بأنانية أم لا هم لها سوى سعادة إبنتها
.. محدش ضربه على إيده وأختك مصارحاه بكل حاجة وهوا راجل كبير وعارف وبعدين يا عالم التاني يكدب ظني ويزيد في العند والكبر اللي مالكه أهو على الأقل أكون اتطمنت عليها مع واحد ابن حلال 
ثم ربتت علی کف سیرین وقالت
.. قومي شوفي أختك مالها وهديها الناس على وصول 
منذ قليل دلفت للحجرة المظلمة الساكنة وفقط أوقدت مصباحها الصغير لجوار فراشها تعلقت عيناها برقعة الشطرنج التي كانت تعلو مكتبها وسؤال سخيف يطرحه ذهنها المتعب لم هي بتلك الترتيب بيادق تراصت فوق الرقعة ذات اللونين الأبيض والأسود ولكن لم يستبق صف الجنود الملك والوزير وأتباعهم في الماضي كان بيدق الفيل المفضل لديها غير أن الحصان متميز بحركته المعقدة وذاك الملك الذي لا طائل لوجوده سوی أنه يثير الړعب بعبارة كش ملك لا يتحرك سوى خطوة واحدة فقط خطوة فارقة خطوة فاصلة خطوتها هي التالية . . ليست سوى کش ملك ټهديد صريح ونزع لمستقريات الأمور وانقلاب الحړب وإعلان بالفوز أو الخسارة ولكن لمن ومن سيدفع ثمن أوزارها هي فقط أم صغارها أم ذاك الذي اقتحم رقعتها مؤخرا ويتبقى ذلك الذي طردها من رقعته يشغل حيزا من تفكيرها لا يستهان به أتسعى بزواجها للاڼتقام منه دون أن تشعر أو هي بالفعل تشعر بل تتلذذ أم تتوجس کونه حتى لن يهتم ! وكيف لن يهتم إذ ثار جنونه لاقتراب أحدهم بعرفه غير مشروع ولا مباح أمسكت بيدق الملك ورفعته بخطوتها تلك تحي الملك أم تدفنه بأعماقها للأبد
.. إيه ياعروسة مالك
هتاف أختها المرح أخرجها من دوامة أفكارها اللامتناهية واستقبلت أذنيها عبارة أختها بشيء من الغرابة حتى قالت متهكمة وهي تعيد الملك لمكانه مرة أخرى
.. فعلا عروسة إيد تشيلني وإيد تحطني 
جلست سيرين على طرف الفراش وهي تقابل وجه أختها الحزين وقالت بهدوء رزین
.. كلنا عرايس كلنا في الهوا سوا بس أنت على الأقل بتجاهدي عشان حريتك 
ردت سالي بحزن عميق
.. ولازمتها إيه حريتي وأنا يوم وره التاني ببعد أكتر عن ولادي 
همست لها سيرين وكأنها تتحدث عن واقعها
.. مش أحسن ما تكوني في نظرهم أم باهتة صورة نيجاتيف مش أصل 
ثم أمسكت سيرين بكف أختها بقوة وقالت
.. على الأقل تعيشي مع واحد کیان مش ظل فاقد الشيء لا يعطيه يا سالي 
حدقت بها سالي متعجبة وقالت
.. ده أنت بالذات كنت رافضة موضوع طلاقي 
تورات سيرين بعيناها بعيدا عنها حتى قالت بصدق
.. أقولك الحق کنت غيرانه منك قدرتي تاخدي الخطوة اللي طول عمري كنت خاېفة منها 
رفعت سالي يدها وأخفضتهم للأسفل مرة أخرى بغير حيلة قائلة
.. یعني شوفتيني أرتحت ياسيرين!
هزت سیرین رأسها وقالت
.. على الأقل مش هتقضي بقية عمرك زيي تسألي روحك يا تری لو كنت اتطلقت مش كان حالي هيبقى أحسن 
تعمقت نظرة سالي وقالت بواقعية
.. فعلا يمكن اللي مقويني كل اللي حصل بعد طلاقي أكدلي أني أخدت قرار صح 
ابتسمت لها سيرين وقالت بواقعية
.. ودلوقتي دماغك عماله تودي وتجيب يا تری جوازك من جديد قرار صح 
هزت سالي رأسها بقنوط
.. أنا مش عارفة إيه اللي خلاني أوافق ومش عارفة اتصرف أزاي وكريم وباباه كلها نص ساعة ويجوا 
هزت سیرین رأسها وقامت وهي تجذب يد أختها قائلة
.. هتقومي تغيري هدومك وتستقبلي الناس بأحلى إبتسامة وسيبي الأيام توريلك الصح فين 
ابتسمت سالي متهكمة
.. زي العرايس 
ضحكت سیرین هازئة
.. مقولتك كلنا عرايس
.. بعد كل اللي عملتيه معايا حسيت أني فعلا مستاهلكیش یا آشري 
قالها ورأسه منکس ثم رفع رأسه مرة أخرى وأردف
.. وصممت يوم ما أرجع أكون واحد جديد يستاهلك وأنك مش خسارة فيا 
ابتعدت آشري بأنظارها ثم قالت بصدق
.. زیاد موضوع الولاد مکنش عمره سبب 
قاطعها
.. أنا عارف أنا عیوبی کانت أخطر من كده بكتير بس يمكن الموضوع ده بالذات كان زي القشة قسمت ظهر البعير 
حملقت به آشري وقالت بغير فهم
.. بعير يعني إيه 
فضحك زیاد وقال
.. أهي دي أكتر حاجة فيكي بحبها ونفسي أبدا متتغيرش 
احمر وجهها وقالت بنزق
.. إني مبفهمش كلامك لما تتكلم عربي جامد 
تعالت ضحكات زیاد وقال بعبث
.. والله مافيش أجمد
تم نسخ الرابط