لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
وبعد انصراف العقيد بأذيال الخيبة وزعقة أبيها وعلى غير العادة تصفيقا حارا من زوجة أبيها وتحية لها على موقفها الجريء منبعه الحقيقي أنها لم تكن لترحب برعاية صغير في عمره ولكن الظاهر أنه هذا ما تقوم به أم شجاعة بعمرها حملت صغيرها ودثرته جيدا وعادت لمنزلها الصغير الهاديء وفكرها يتقد بمعادلة أخرى لا زوج ولا عائل ولا وظيفة ولا سبيل للعودة وأيضا لا سبيل لطلب مساعدة من الأب معادلة أكثر تعقيدا والمزيد من التعقيد واجهته صباحا إذ استيقظت فزعة على صړاخ الصغير بآلآم ضرسه مجددا فحملته بعدما تناول طعام الفطور بمشقة بالغة نحو المركز الطبي الذي قصده آنفا وانتظرت دورها طالعتها سالي بإبتسامة مرحبة والصغير اقتحم الغرفة وجلس سريعا على المقعد المخصص له قائلا
لم تتمالكا الاثنتان نفسيهما واڼفجرتا ضاحكتان واقتربت منه سالي وبحنان قالت وهي تداعبه تماما مثل سليم الصغير
.. وريني كده آآه رجعت تزود في الحلويات ومغسلتش سنانك
أشار لها الصغير برأسه مذعنا وهو يتألم
.. خلاص حرمت آخر مرة
شرعت سالي في أداء عملها وهي تقول
اقتربت منها درية
.. على أساس يعني هناديكي مدام سالي ده إذا كان جاسر وبقوله...
بترت درية عبارتها بحرج بالغ وعندها رفعت سالي رأسها لها وقالت لترفع عنها الحرج
.. ولا يهمك . الغلطة عندي أنا يا درية
شدي عليه شوية لو كل حلويات لازم يغسل سنانه في ساعتها وأشوفه كمان أسبوع نكمل شغلنا هزت درية رأسها وقالت
.. سمعت يا أيهم أظن أنك حرمت بعد الۏجع ده
کله
اصطحبتهما سالي نحو الخارج والتفتت لها درية وقالت
.. أنا مش عارفة أشكرك إزاي
.. على إيه ده شغلي وبعدين أنتوا بقيتوا وصاية جامدة
دفعت درية صغيرها للعب في المنطقة المخصصة للأطفال والتفتت مرة أخرى لسالي قائلة بحرج شديد
.. ياريت مافيش داعي أنه دكتور كريم يعرف بزيارتنا أنا وطارق فسخنا الخطوبة
اتسعت عينا سالي وهتفت دون أن تشعر
.. معقول ليه
ضحكت درية وهزت رأسها بتهكم بالغ وقالت
تاهت أبصار سالي وهزت رأسها بإذعان وقالت بصوت متحشرج وتشبعت تفاصيل وجهها بالألم الدفين بأعماقها
.. فعلا معاك حق إستحالة يكونوا إختيار هما الواقع الحقيقة الثابتة اللي لا يمكن تتغير
ربتت درية على ذراعها وقالت دون حرج
فرت دمعة من عيون سالي دون إرادة ودون أن تشعر فجذبتها درية لأحضانها وقالت
.. ربنا ينور بصيرتك
على السادة المسافرين على متن الطائرة رقم . . . التوجه لصالة القيام رقم . . . قام من جلسته التي طالت بعد تأخر إقلاع الطائرة لساعتين کاملتين كان غير منتبها بالمرة لتلك التي تراقبه بأعين لامعة تحت قدميها على التحرك نحوه وعقلها يأمرها بالانصراف فلقد اطمأنت عليه وكأنما شعر بتذبذب خطواتها والتقط إشارات قلبها المتعلق به فهتف بها سعيدا
.. آشري أنت هنا
كانت قد استدارت وتابعت سيرها خوفا ولكن مع لمحة السعادة التي لونت صوته دق قلبها بشدة والتفتت نحوه مجبرة وبخطوات خجولة اقتربت منه وقالت دون أن ترفع أبصارها
.. جيت عشان اتطمن عليك
ابتسم زیاد واقترب منها وقلبه يتراقص طربا
.. عرفت منين إني حاجز المعاد ده
هزت رأسها واعترفت
.. دي الطيارة الوحيدة بالنهار والتانية بالليل متأخر وأنت كنت قايلي على يوم السفر عملت اتصالاتي وعرفت إنك هتركب دي
جذبها زياد نحوه ومسح بظهر كفه وجنتها بحنان بالغ وعيناه متعلقة بقسمات وجهها الجميلة كإسمها تماما وقال
.. لو تعرفي أنا كنت محتاج أشوفك أد إيه
أدمعت عيناها وقالت لائمة
.. طب وليه مش عاوزني أسافر معاك
تنهد زیاد وقال بندم وأسف بالغ
.. عشان الخطوة دي بالذات لازم أعملها لوحدي زي ما سيبتك أيام وليالي لوحدك بتحاولي تصلحي حاجة ملكيش يد فيها
تصاعد الصوت منبها للمرة الأخيرة بضرورة سرعة التحرك مقاطعا لحظتهما المشحونة فربت زیاد على كف آشري وقبله بدفء
لا إدعيلي وأنا هبقى أكلمك من هناك
هزت آشري رأسها وهي تشير له مودعة
.. أوكيه مستنية منك تليفون
وبعدما ابتعد عنها بخطوات هتف بها مرة أخرى بصوت مرتفع غير عابیء بالمتابعة الفضولية التي حصدها الاثنان جراء سؤاله العجيب
آشري أبيض ولا أوف وايت
التفتت له آشري متعجبة وقالت
هو إيه
فهتف ثانية متجاهلا سؤالها
.. أبيض ولا أوف وايت
اتسعت إبتسامتها وتراقص قلبها طربا وقالت بعد تردد
.. أوف وايت
غمزها زیاد وقال مشاكسا
.. هجيبه أبيض
أدمعت عيناها وضحكت وأومأت له بموافقة واستقبلت قبلته التي أرسلها لها في الهواء ووضعت كفها على فمها بخجل شديد جراء نظرات الناس الموجهة لهما وتسارعت خطواتها نحو الخارج بعد أن غاب عن أنظارها.
حالة السعادة المحلقة بها منذ الظهيرة جعلتها شبه غائبة عما يجري حولها وغير واعية لحديث سالي الذي امتد لنصف ساعة من الوقت بمكتبها وهي تخبرها بخطوبتها لكريم وترددها الشديد في مشروعها للزواج منه حتى هتفت بها سالي
.. أنت مش معايا خالص یا آشري
ارتفع حاجبي آشري وقالت مغمغمة باعتذار
.. سوري يا سالي بجد كنت بتقولي إيه
فرفعت لها سالي كفها الأيمن ليلمع خاتم الخطبة بخنصرها في وجه آشري التي أمسكت بقوة بكف سالي قائلة بسرور بالغ
.. رجعتي لجاسر
.. مبرووك ياسالي
جذبت سالي كفها وقالت پغضب حانق
.. کریم مش جاسر
اتسعت عينا آشري وقالت بغباء لم تصب بمثله يوما به
.. کریم مین
ومع نظرة سالي المشټعلة وضعت آشري كفها على فمها ثم هتفت
.. آآه کریم عرفته مش ده الدكتور صاحب المركز
هزت سالي رأسها صامتة فتابعت آشري تساؤلاتها
.. طب ليه بتحبيه
انزعجت سالي بشدة من ذلك السؤال وهتفت حانقة
.. لاء طبعا
تعجبت آشري بشدة وقالت مستنكرة
.. طب طالما مش بتحبيه هتجوزيه ليه ياسالي
وضعت سالي رأسها بين كفيها بتعب وقالت بصدق دون أن تستطيع رفع رأسها ومواجهة اشري باعترافها الذي تعلنه بصوت عالي ربما للمرة الأولى
.. هوا طلب وأنا أنا مچروحة وقتها كان لسه جاسر متجوز اللي اسمها داليا دي لكن دلوقت اتطلقوا واللي فهمته من نعمات أنها أجهضت
هزت آشري رأسها بعدم فهم وقالت بواقعیتها
.. إنت بتخلطي الأمور ببعضها ليه ياسالي
تنهدت سالي بتعب وقالت
.. مش عارفة أهو اللي حصل
تغضنت ملامح آشري وارتسم عليها الضيق
الشديد وقالت معنفة صديقتها التائهة
.. تاني ياسالي تاني بتحطي نفسك في إيد اللي حواليكي فين قرارك أنت أنت صاحبة القرار ياسالي مش حد تاني دي حياتك أنت مش حياتهم
قالت سالي بشعور حارق بالذنب
.. کریم صعبان عليا کریم بیحبني بجد صعب أجرحه
ارتشفت آشري القليل من قهوتها المرة وقالت بتصميم قاس
.. دي مشكلته هوا مع مشاعره مش مشكلتك والچرح الأصعب هيكون ساعة ما تتجوزيه وأنت بتفكري لسه في غيره
انكرت سالي قولها رغم أنها تعلم بمدى صدق حديثها
.. أنا بفكر في ولادي وبس
نظرت لها آشري وهزت رأسها نافية
.. لاء بتفكري فيه وإلا مكونتیش جیبتي سيرته وعلى فكره لا هو عيب ولا حرام أنتوا ليكم تاريخ مع بعض
وضعت سالي كفها على جبهتها بتعب وقالت
.. طب أنت رأيك إيه
هزت آشري رأسها رافضة أن تقودها نحو إختيار أو قرار
.. ماليش حق أن أكون صاحبة رأي باسالي وأنت عارفة كويس الصح فين
ماهو القرار الصحيح ليست بحاجة لمزيد من التفكير خاصة وهي تتسلل من المركز قبل ظهور کریم لتذهب للقصر لاصطحاب أطفالها في نزهة كما وعدتهم ومنذ بداية الأسبوع القادم سیمکثون معها لنصفه كما اتفقت مع جاسر ولكن ما لم تحسب حسبانه أن تجد الصغار برفقة أبيهم بحجرة المعيشة يلهون سويا بصخب وصوت ضحكاتهم قد دفع بالبسمة اللإرادية لثغرها صړخت سلمی مرحبة بأمها وتدافعت ساقيها نحوها وقالت مؤنبة إتأخرت على فكرة يعني فحملتها سالي وقالت ضاحكة
.. یابكاشة قا
ماهو القرار الصحيح
ليست بحاجة لمزيد من التفكير خاصة وهي تتسلل من المركز قبل ظهور کریم لتذهب للقصر لاصطحاب أطفالها في نزهة كما وعدتهم ومنذ بداية الأسبوع القادم سیمکثون معها لنصفه كما اتفقت مع جاسر ولكن ما لم تحسب حسبانه أن تجد الصغار برفقة أبيهم بحجرة المعيشة يلهون سويا بصخب وصوت ضحكاتهم قد دفع بالبسمة اللإرادية لثغرها صړخت سلمی مرحبة بأمها وتدافعت ساقيها نحوها وقالت مؤنبة إتأخرت على فكرة يعني فحملتها سالي وقالت ضاحكة
یابكاشة قال يعني عارفة الوقت هزت سلمى رأسها معترفة
سلیم هوا اللي قال أنك جاية الساعة تلاتة وسألت بابا قال دلوقت بقت خمسة حث جاسر سليم لتوجه نحو أمه التي تلقفته بأحتواء مغمغمة باعتذار
معلش والله يا سليم كان عندي حالات كتير عشان كده أتأخرت فقال جاسر بمكر
ماتزعلش بقا ياسولم وبعدين أنا مش مكفيك يا أخي!
هز سلیم رأسه واندفع مجددا لأبيه فهو أصبح يستشعر الأمان بينهما أكثر من ظل أمه الغائب وداخله يعد نفسه لمزيد من الأعذار والغياب وتلاهي بآخر سواهما تلك المشاعر المعتملة بصدره أصبحت سالي تراها لكأنما كائن حي وحش قبيح الشكل والهيئة يخبرها كم أضحت أما قاسېة ينهش هناء ليلها ويؤرق مضجعها واقټحمت نعمات حديث القلوب وقالت بصوتها الجهوري
الغدا جاهز ياجاسر بیه فارتسمت على ملامح وجه سالي التوتر وقالت لسلمی
أنتوا ما اتغديتوش لحد دلوقت
رد جاسر وهو يقترب منها حاملا سليم على كتفه
قلنا نستناكي ناكل سوا عزمت سالي الرفض ولكن مع تعلق أنظار أطفالها بها تحركت خطواتها مذعنة خلف جاسر الذي تحرك نحو الشرفة حيث أعدت نعمات طعام الغذاء وجلست للطاولة المستديرة والتي أعدت لها أربع مقاعد فقط فأصبحت على مقربة من جسده الفارع وأطفالهما أمامها قد شرعا بإلتهام الطعام من فرط جوعهما وبالمثل تناولت سالي معلقتها وشرعت بالأكل ليدخلا مسابقة الأسرع أكلا كما اعتادوا وفجأة قام جاسر تاركا طعامه الذي لم يقربه وتحرك نحو مشغل الإسطوانات لتنبعث منه تلك الموسيقى المميزة جدا لأسماعهما ومرة أخرى وربما كانت تنبعث من بين طيات الذكرى صوت فيروز الحالم بأغنيتها المتسائلة المتوحة لقلوب الچرحى سألتك حبيبي لوين رايحين
فتركت سالي معلقتها ووضعتها وتوقفت عن الأكل كما توقفت الأرض عن الدوران وعادت بها لأرض الأقصر وذكرى تلك الفتاة المتخبطة بين أورقة العشق له عادت لتتلبسها فأخفضت رأسها وهي متشعبة بذكرياتها البعيدة تارة تشعر بالسعادة وأخرى بالخزي والألم وتراقصت الدموع بعيناها وتركت الطاولة هاربة نحو الداخل تحت أنظار الأطفال المتعجبة لحال أمهما الغريب وأتبعها جاسر نحو الداخل بعد
متابعة القراءة