لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

موقع أيام نيوز

وقد استوحشت معالم وجهه
.. ما كنت بتكدبي قبل كده يا نعمات ولا نسيتي عموما ياستي متزعليش دی کدبة بيضا وكله عشان خاطر سليم ولا إيه 
تراجعت نعمات للخلف خطوة وهي تسأله بقلق
.. هوا كان فعلا بيعيط في أوضة المرحومة 
هز جاسر رأسه مسترجعا هيئة صغيرة پألم وقال بهدوء
.. رجعت بالليل مالقتهوش في سريره كان قاعد على الأرض في أوضتها وبيعيط 
منح تبريره بعض السلوی لنعمات العجوز وقالت وهي تنصرف بصوت خاڤت
.. ربنا يصلح الحال من عنده 
وقبل أن تختفي عن ناظریه قال
.. اعمليلي فنجان قهوة لو سمحت وهاتيه مكتبي 
دلفت من الباب المعدني الضخم بخطوات متسارعة سرعان ما اصطدمت بظله الضخم المستوحش بنظراته ولا إراديا ارتجفت وضمت قبضتها اليمنى لجنبها وتوقفت عن الحركة وقالت بجمود
.. نعمات كلمتني .
قاطعها وهو يقترب منها بخطوتين
.. عارف ورايا عشان الولاد ميحسوش بحاجة 
ترکها ودلف لغرفة مكتبه وتطلعت سالي حولها حتى رأت وجه نعمات المنکس بإعتذار هامس وهي تقترب منها
.. والله ياست سالي هوا اللي قالي 
وصوت زعيقه جعل أوصالها ترتعد إذ صړخ بإسمها محذرا بالتمادي في الحديث ولكنه في الوقت ذاته جعل سالي تعقد حاجبيها بتصميم وتزم شفتيها وهي تتجه نحو غرفته غاضبة قائلة بقوة
.. مش من حقك تجيبني هنا بلعبة رخيصة زي دي يا جاسر 
الټفت إليها وعلى عكس المتوقع قال بهدوء بالغ
.. إقعدي ياسالي 
رفضت بعد أن تذعن لأمره وقالت
.. أقدر أعرف سبب المقابلة الغير مرغوب فيها دي إيه ! 
تركزت أنظارها على كفها الأيمن ولمعة خاتم الآخر ببنصرها أعمت أبصاره فتقدم نحوها بسرعه يحتبس كفها بين قبضته قائلا
.. وده جایه بیه متوقعة مني كلمة مبروك 
سحبت كفها من قبضته بقوة وقالت
.. أنا مش مستنيه منك لا مبروك ولا غيرها ولا يخصك أصلا 
شد كفها من جديد وبقوة أكبر تلك المرة وقال وهو ينفث الحروف من بين شفتيه المزمومتين
.. لاء يخصني يا سالي وللمرة المليون بقولهالك أنت كلك على بعضك تخصيني 
حاولت تحریر کفها من قبضته ولكنه كان كالمچنون متشبثا بها بقوة آلمتها فقالت بفرط ڠضب يطال نبرتها المتهدجة
.. أنا مش ملكك یا جاسر طلقتني وخلاص انتهينا 
تركها لتتحرر أخيرا ولكنها لازالت ضمن نطاق مساحة ضيقة يمنحها لها بفضل جسده الفارع قائلا ببرود لكأنما يسرد عليها نبأ صباحي معتاد بنشرة مذياع عن أحوال الطقس
.. لاء منتهيناش أنا طلقت داليا والمأذون جاي دلوقت في السكة وهنكتب كتابنا وهترجعي ونرجع لحياتنا مع ولادنا 
اتسعت حدقتا عيناها بذهول وهي تطالع عنجهيته المفرطة وتوترت شفتيها بڠضبها وكبريائها الذليل بحضوره
.. يااااه بالبساطة دي ! 
ظل ينظر لها صامتا ثم قال بكبريائه المسيطر على أوداجه منذ نعومة أظافره
.. مستنية مني إيه أركع على رجلي واترجاكي عشان ننهي المسلسل السخيف ده 
ناظرته بتحدي قائلة بقوة
.. وليه لاء ولا أنا للدرجادي رخيصة عندك غيرك فضل يحفي ورايا شهور وجاب أهله وجاني لحد عندي ودبلته أهي في صباعي إيه مستاهلش 
كتم أنفاسه الهادرة بشق الأنفس إذ أنها تتعمد تذكيره بطوق يلتف حول إصبعها يعلن أنها أصبحت بملكية آخر سواه فابتعد عنها بأنظاره ولكن لازال جسده متوجها لها بالكامل كما مشاعره الثائرة
.. خلاص أجيلك النهاردة 
وأردف متهكما للفكرة إذ أنه ماعاد شابا غرا صغيرا
.. وأجيب بقية أهلي معايا ونكتب الكتاب وترجعي معايا البيت وخلصنا على كده 
ظلت تنظر له بهدوء وهي تعد له كلمات تراصت كصڤعة أفاقته
.. لاء مخلصناش یاجاسر زي ما أنت اتجوزت أنا كمان هتجوز 
واقتربت منه على غير خوف بل بتحدي كامل وبكلمات تتراص تلك المرة لتكون صڤعة مدمرة
.. وزي ما مراتك حملت منك أنا كمان 
قاطعها بوضع كفه پعنف فوق شفتيها صارخا بها
.. أخرسي ده أنا كنت أشرب من دمك 
احمرت وجنتها بل ووجها كله من شدة إنفعالها وڠضبها أشتعل بجسدها وقالت
.. أنا مش تحت أمرك ولا

أنا عروسة تحركها بملك إرادتك والمأذون اللي جاي في السكة ده تكتب بيه حتى على أربعة غيري وافضل بدل وغير ما بينهم لكن عمري ما هرجعلك 
وهمت بالانصراف فقد كانت تلك المواجهة حقا فوق إحتمالها وأضعاف ماتتحمله من طاقة ولكنه مالبث أن استوقفها بجبروته الذي لا ينضب
.. والولاد ياسالي هتستحملي متشوفيهومش تضحي بولادك عشان راجل تاني غيري 
انقطعت أنفاسها وكذلك دقات قلبها وتوقفت جميع أوصالها وتجمدت والتفتت له والخۏف يزين مقلتيها ولكنها مالبثت أن دحرته بقوة
.. اعملها یاجاسر طلق أمهم وأتجوز غيرها وأحرمهم بعد كده منها وبص لنفسك كل يوم في المرايه وهما بيكبروا وأسأل روحك بعدها 
اقتربت منه مرة أخيرة وهي تهمس له قبل أن تختفي من أمام ناظريه
.. ياترى ملامحك اتغيرت بفعل الزمن ولا بفعل کرههم 
والهزيمة ليست پبكاء الرجال بل بفقدان أب قدرته على إحتواء صغاره وبفقدان عزيمته على الوقوف وتزلزل الأرض من تحته حتى استدرك للخلف عائدا لأقرب مقعد والمشهد في خياله لهو أشد عڈاب.
الأوهام ظلال الحقيقة اقتربت حتى انصهرت فابتعدت حتى تماسكت بقايا وتلملمت للمرة الثانية في تاريخهما المشحون بكل العواطف الرائعة والمؤذية أيضا يستجلبها هو بفرض قوة ذكورية بحتة بالكذب كان أو بالخداع ويفرض عليها قيدا وشرطا دون اعتبار لأنوثتها المتداعية بفضله ولا لكبريائها المنحور على يده فليس ذلك بشيء يذكر جوار كبريائه الأبقي والأعلى شأنا ڠضب يتأجج وحزن يوجع القلب بتراكماته وكأنها لم تكن شيئا مذکورا وقرار رغم أنه مجحف بحق الآخر وحق أطفالها إلا أنها باتت تراه صحيحا والتضحيات غالبا ما يرافقها ألم ألم ستعتاده وستضيفه للائحة آلامها السابقة فلا تراجع ولا عودة وستعتاد الحاضر حتى تنسی.
معك يولد الرجل بالمصادفة وېموت بالمصادفة رسائله النصية التي باتت روتینا ثابتا صباح كل يوم أضحت حمل ثقيل يضاف لبقية ما تتحمله قد تكون في حاجة لإشباع وغريزة فطرية بكل أنثى ولكنه ببساطه ليس هو والأكثر أنها تكاد تكون واثقة أنه مدعي فلا هو شاعرا بالفطرة وحالما كزوجها الراحل ولا هو رجل صارم صعب المعشر كأبيها تحين لحظات ضعف تصيبه جراء تقلبات الحياة فيتحول لمراهق غر تراه کنمر يختار موقع قدميه بعناية دقيقة حتى يصيب فريسته وهي تمقت دور الغزالة المتحذلقة التي تثق بسرعتها وخفة قدها حتى تقع رقبتها بين براثنه وإتصال هاتفي تلك المرة في الواقع أحصت الدقائق فوجدتها عشرون ككل مرة فردت ببرودها المعتاد و جائها صوته المتردد يحيها قاطعته قبل أن يسترسل
.. كنت لسه هكلمك مش هينفع نتغدا سوا النهاردة أيهم طول الليل مانمش من ۏجع ضرسه 
وكأنما قدمت له الحل على طبق من ذهب وليس فضة براقة.. صاحبي عنده مركز أسنان في وسط البلد ودكاترة شطرين جدا هعدي عليك في خلال نص ساعة ده كله إلا أيهم 
تنهدت وهي تفتأ تبحث عن سبب قوي لترفض عرضه فهي لم تعتاد بعد تلك الفكرة المخزية بترك مقاليد الأمور ليتسلمها هو بحكم ضعف أنثوي لن تعيشه في كنفه راضية ولكنها رغم ذلك تراجعت فما عيب الضعف وما المانع لو أنها تركت ذلك المنصب الذي تقلدته إجباريا لتضع أحمالها ولو قليلا علها تلتقط فقط بعض الأنفاس وإلا مافائدة تلك الزيجة بالمقام الأول فهي ليست بإمرأة صرعها الهوى ولا أرملة أجحفها العوز وضعت الهاتف وتلقت الصغير بين أحضانها الدافئة
.. لسه واجعك 
هز الصغير رأسه بضعف وهو يريح خده المتورم برفق على صدرها فربتت على كتفه في انتظار ظهور المنقذ الذي لم يتأخر والذي لم ېكذب أيضا فما أن خطت قدميها داخل مركز الأسنان حتى لاحظت الإهتمام الشديد بحالة صغيرها دون الإعتبار لكون العقيد صديقا مقربا لمالك المركز والذي استقبلهما بحفاوة بالغة وما تلا ذلك كان الصدمة والمفاجأة بالنسبة إليهم جميعا فالطبيبة الماهرة التي عالجت أيهم الصغير في الواقع هي سالي التي تعرفت على درية واستقبلتها بأحضان دافئة وصاحب المركز ذلك الطبيب خفيف الظل كما استشعرته درية لم يكن سوی خطيبها !
وقع المفاجأة على درية حينما علمت بذلك الخبر كان متشابها لحد بعيد عندما علمت سالی أن درية حطمت أسوار حصنها المنيع ودعت رجلا لاقتحامه والسيطرة عليه وأخيرا الرجلان اللذان لم ينتبها لملامح المرأتين وتضحكا سويا بشأن الخطوبة السرية كما أطلق عليها كريم والذي أصر على أن يتناولا طعام الغذاء سويا ولكن درية قابلت عرضه برفض قاطع إذ أن الصغير في حاجة للراحة وربما يستطيعان تلبية الدعوة في وقت لاحق انصرفت درية وهي تحمل صغيرها رغم إصراره أنه يستطيع المشي وحده وعيناها معلقة بوجه سالي الذي كان يعلوه تعبير غریبا غريب جدا بل غريبة الحياة برمتها.
الفوضى ربما تكون وصفا دقيقا حالة الشركة مع غياب الشقيقان وهذا ما لاحظته عيناه بمجرد مرور بضعة دقائق عليه داخل مكتب أخيه الأكبر الغائب وزأر بأحقية فردا من آل سليم بعدة أوامر نفذها

الموظفون بكل دقة وحرفية قد يكون الأصغر وربما يكون قد انسحب من الشركة منذ زمن ولكنه لازال فردا لا يستهان به بتلك العائلة الذي ما أن أنهي عملا هاما أنقذ عدة أوضاع كانت على المحك اتجه لبيت الأوسط الذي كان غارقا في بؤسه بين أورقة ذكرياته البعيدة وخسارته القريبة استقبله أسامة بعينان زائغتين فرمقه زیاد بالمقابل بنظرة خائبة الآمال قائلا
.. إيه اللي رجعك للقرف ده تاني 
أشاح أسامة برأسه بعيدا مغمغما باعتراف مخجل
.. مش عاوز أفكر في حاجة 
ولكن زیاد لم يستسلم وتابع حديثه بعند
.. درية سابت الشغل وأنت وأخوك معتبتوش الشركة بقالكو كتير والموظفين بياكلو في قته محلولة إيه اللي بيحصل!
فعقد أسامة حاجبيه وقال
.. وجاسر مبيروحش ليه 
فدهش زیاد
.. أنت بتسألني أنا!
.. أومال أنت قاعد معاه بتعمل إيه 
ضحك أسامة ساخرا
.. أحنا كل واحد فينا في وادي لوحده أنت ولا هوا ولا أنا 
هز زیاد رأسه وقال
.. معاك حق وأنا السبب 
والټفت لأسامة وهو يرمقه بشفقة قائلا
.. أسامة أنت محتاج تروح تتابع مع دكتور نفسي الهروب مش حل ولا أنت مرتاح 
هز أسامة رأسه موافقا فتابع زیاد برفق راجيا
.. أما أرجع من السفر نروح سوا
تسائلت عينا أخيه قبل لسانه
.. مسافر فين 
رد زیاد ببساطة
.. فرنسا هبقا أحكيلك لما أرجع 
ظن أسامة أن أخيه يشعر بضيق حال جعله يغادر البلاد فقال بسرعة
.. على فكرة جاسر أداني عقد بيع منه ليك بشركتك يازیاد بس وصاني مجيبش سيرة إلا لما أحس أنك رسیت کده و عقلت والصراحة أنا كنت قلقان لا بنت الزهري ترجع تلف عليك تاني من بعد ما سابت أخوك 
رفع زیاد حاجبيه دهشة
.. وهما اتطلقواطب والبيبي 
هز أسامة رأسه نافيا فقال زیاد مستفهما
.. عشان كده جاسر سایب الشركة 
هز أسامه کفه معارضا وقال بإستخفاف
.. مش أخوك اللي يزعل على الموضوع ده وكده أفضل ناقص بس يرجع المايه لمجاريها مع سالي 
وصمت الاثنان
تم نسخ الرابط