لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
يشعر به بالفعل لقد تخلت عنه سابقتها لم تدافع عن حقها به لم تشعره بأهميته تركته خلفها وترکت صغارهما ولم تبال سوی بالابتعاد عنه فقال بصوت متحشرج وهو يبتعد عنها
.. عاوزه تخرجي إخرجي براحتك
اقتربت منه وأمسكت بذراعه قائلة
.. أنا عاوزة نسيب هنا بكل الذكريات اللي فيه ونبتدي في مکان
فهب من أحزانه زاعقا
تعلقت به رغم ثورة غضبه الأسود
.. یا جاسر صدقني هنا ھيموت كل حاجة بينا
أمسك بذراعيها بحزم ليبعدها عنه ويقطع إلتصاقها به قائلا بصوت كالفحيح
.. أنت مش هتفرضي عليا أعيش فین نقطة وآخر السطر وآخر مرة تفتحي فيها حوار زي ده تاني لمصلحتك
للاستسلام الغرفة الخاوية المظلمة دونها أصبحت ملاذه يجلس بالمقعد المجاور لفراشها البارد يدور بفلك أفكاره كسفينة فقدت ربانها ولا مرسى لها والهواء العليل يضرب صدره بسقيعه يثير إنتباهه يمنعه من السقوط بهاوية ظلماته وهاتفه يضيء بعتمة الغرفة بالمكالمة التي انتظرها منذ صباح اليوم أتاه صوت مجدي معتذرا
رد بصوت قاطع
.. رفضت
همس مجدي
.. زي ما كنت واثق لكني أكدت عليها إني منتظر قرارها النهائي يوم الجمعة
ربما تتكاثر المتغيرات من حوله مما يثير حنقه ولكن المعطيات الثابته هي أساس الحياة ابتسمت عيناه في الظلام ولمعت برمادية نيران اشتعلت وأتت على كل شيء فلعبته لم تتغير وكما سيحرص لن تتغير وستعود مجددا خيوطها ساكنة بين أصابعه
.. برضة يا ماما قولتلك أنا لما أرجع هعمل الغدا
.. عبال ما ترجعي يكون أختك وجوزها والولاد جم تريحني أنت وتفرشي السفرة
قبلتها سالي مودعة وكذلك الصغار قائلة
.. متقلقيش ساعتين بالظبط ونرجع بإذن الله
قالت مجيدة
.. أنا مش عارفة إيه حكاية النادي اللي كل يوم ده حتى الجمعة لازم تروحيه !
اعترضت سلمی
.. أنا عاوزه أروح النادي
.. مش هنتأخر مع السلامة
وما أن عبرت سالي بأطفالها أسوار النادي حتى تسارعت خطواتهم نحو مجموعة التدريب الملحقين بها فودعتهم سالي بتحية واتجهت بدورها لصالة الألعاب کي تمارس رياضتها المفضلة ولكن مع نسمات الهواء العليلة آثرت التريض بالمضمار العريض حول الفناء الواسع مارست أولا تدريبات الإحماء ثم شرعت بالركض البطيء وأفكارها تسبح بمعزل عن الضوضاء الخفيفة حولها هي لم تصارح والدتها بفحوى الوصية التي لم تفهم مغزاها بعد واعترفت لنفسها أنها تخشى أن تؤثر والدتها عليها لتقبل تلك الأموال الطائلة وداخلها لا يدرى لم هي حقا ترفض قبولها هل لكونها منة وعطاءا من ناحية آل سليم أم لأنها تشعر أنها بالأصل منحة منه فهو الذي يكد بالعمل أولا وأخيرا ولم تكن والدته سوی متحصلة على نصيب بأمر الشرع ولكن في ذات الوقت هي تسعى للتفكير بعقلانية في الأمر تلك الأموال قد تحل كثيرا من مشاكلها المادية التي لا تعانيها حقا ولكن من يدري وخاطرة جديدة تمر بعقلها هل بإمكانها المساومة تمنحه الخمسة ملايين مقابل الاحتفاظ بسليم وسلمی وعند تلك الخاطرة الحمقاء انفلتت ضحكتها الساخرة فما قيمة الخمسة ملايين بنظره وأبطأت من سرعتها حتى توقفت لا شيء لا شيء بالمرة فهو لن يتخلى عن أطفالهما أبدا لا لشيء سوى العند القاټل والمتحكم بدمائه تحية الصباح المألوفة لها أخرجتها من دوامة أفكارها البائسة فالتفتت لمصدرها لتطالع وجهه المتبسم الذي قال
.. هوا على طول كده أنت شايلة الهم
ابتسمت دون حيلة وقالت
.. لا والله بس أنت حظك كده معايا
اقترب منها قائلا بزهو
.. بالعكس ده حظك أنت لأني معروف عني إني حلال المشاكل
هزت رأسها بتقدير وقالت
.. أنت بالفعل حليت أكبر مشكلة كانت بتواجهني
عقد حاجبيه وقال جادا
.. بجد إيه هيا
بسطت كفيها وقالت بخفة
.. اشتغلت
قال بتقدير
.. ده من حسن حظي كنت هلاقي زيك دكتورة شاطرة مع الأطفال فين!
صمتت وابتعدت بعيناها عنه بخجل فقال ليتجدد الحوار بينهما
.. بس مش من عادتك تيجي النادي الجمعة
هزت رأسها نافية
.. الصراحة لاء بس الولاد شجعوني عندهم تمرین إستثنائي النهاردة وأنا محتاجة أغير جو
وأردف ليكمل
.. وتفكري
هزت رأسها بالموافقة وكررت خلفه
.. وأفكر
قال بإلحاح
.. في إيه
ودون أن تدري قصت عليه قسما كبيرا مما كانت تفكر به فبطبيعتها الثرثارة التي لا تجد غضاضة في البوح بما يختلج بصدرها بصوت مرتفع استمع لها وقال دهشا
.. إنت إزاي ترفضي وأنت تقدري تعملي حاجات كتيره بالمبلغ ده تنفعي بيه نفسك وتنفعي الست دي الله يرحمها
عللت موقفها
.. مقدرش أقبل ده مش طبيعتي
توقف عن السير والټفت ليواجها قائلا بحزم
.. النفع مش شرط يكون مادي يا سالي هيا آه فلوس بس أنت تقدري تحوليها لمسار تاني تغير كل حياتك فكري كده إذا أخدتي الفلوس وعملتي بيهم مركز أسنان خيري شوفي النفع اللي ساعتها هيعود عليكي وعلى حماتك الله يرحمها وعلى الناس طاقة إيجابية هتغير كل حاجة في حياتك
وكأنما بعث هو بالطاقة في أوصالها وانتعشت أورتها وأزدادت دقات قلبها بها وقالت بحماس منقطع النظير
.. تصدق معاك حق
ابتسم وتحولت بسمته لضحكة مرتفعة ونظر لها بتقدير بالغ
.. أنت طيبة أوي ياسالي مجرد فكرة أنك تاخدي الفلوس ليكي كنتي رفضاها ولما اتقلبت لمصلحة غيرك وافقتي فورا
هزت رأسها وهي تبتعد بعيناها عن نطاق حصاره
..
لاء أنا في دي بتاعة مصلحتي يمكن الخير يعود عليا باللي بتمناه
قال مقرا بهدوء
.. لازم عموما أنا في الخدمة وقت ما تنوي هتلاقيني معاكي
ثم أردف ممازحا
.. وبحذرك محدش هيدير المشروع ده غيري دي فكرتي من الأول
ضحكت سالي وقالت بلطف
.. بس كده أنا هتعبك معايا فهز رأسه نافيا
.. بالعكس أنت لو تعرفي أنا كان نفسي أد إيه من زمان في عمل خيري زي ده هتعرفي أنك بتعملي فيا معروف
عادت لمنزل والدتها منذ ساعتان وساعدتها بإعداد طاولة الطعام بهمة ونشاط فائقين حتى قالت مجيدة متعجبة
.. وأنا اللي كنت فاكرة هترجعي تعبانة
ضحكت سالي وقررت مصارحة والدتها بأمر الوصية والأموال الطائلة التي ستحصل عليها فاصطحبتها لغرفة الصالون الهاديء وعرضت عليها الأمر منذ بدايته حتى قرارها الأخير بالاحتفاظ بالأموال وعلى عكس ماتوقعت سالي كان رد أمها بالرفض معللة
.. أنا خاېفة يابنتي يكون عنيه على الفلوس دي وتدخلي في مشاكل معاه
ضحكت سالي لبساطة أمها
.. ماما 5 مليون مش مبلغ عند جاسر زائد أن المحامي أكد عليا إصراره بتنفيذ وصية أمه الله يرحمها بحذفيرها
اعترضت مجيدة بإصرار
.. وعليكي من ۏجع الدماغ ده بایه ما تاخدي الفلوس وتشيليهم في البنك وخلاص
رفضت سالي بإصرار
.. يا ماما أنا فكرت في كلام کریم الفلوس دي أنا مسئولة عنها قدام ربنا ولما اقدمها في عمل خیر بإذن الله ربنا يجعله في ميزاني وييسرلي حياتي
عبست مجيدة متوجسة
.. ومین کریم ده كمان
ابتسمت سالي لأمها بهدوء
.. ده الدكتور صاحب المركز اللي بشتغل فيه إنسان محترم أوي
ضاقت عينا مجيدة وهي تقول بهدوء حذر
.. یعني هوا مستغني عنك كده يقترح عليكي مشروع أنت تكوني صاحبته
هزت سالي كتفيها بعدم فهم
.. وده هيضره في إيه وبعدين الدكاتره على قفا من يشيل غير أنه أصر يشاركني في المشروع ده عشان نفسه هوا کمان في مشروع خيري
تنهدت مجيدة بمكر
.. آه قولتيلي هيشاركك طيب
احمرت وجنتا سالي وهي تراقب نظرات أمها الماكرة المتفحصة لها وقالت بإعتراض وهمت بالانصراف لبقية شؤونها المتأخرة
.. على فكرة الموضوع مش زي ما أنت فاكرة خالص وأنا رايحة أشوف الل ورايا قبل ما عصابة سيرين تهجم علينا
راقبت أمها خطوات ابنتها الصغيرة الهاربة بقلب راجف وهي تدعو الله أن يسد خطاها وتهمس
.. ربنا يبعد عنك ولاد الحړام يابنتي
وقفت أمام الباب لا تصدق ناظريها تطالعه لكأنما كان غائبا عنها عشر سنوات وليس فقط بضعة أيام تحاشت فيهم الاقتراب منه بأي شكل ألقي عليها التحية بصوته الواثق وعيناه تلتهم تفاصيلها القديمة لقد فقدت الكثير من وزنها وعاد جسدها لطبيعته التي ألفها سابقا عادت ضئيلة كما كانت بلمحات أنوثة طاغية اكتسبتها مع مرور السنون قصيرة لازالت ترفع ناظريها له فرأسها لا يتجاوز كتفيه فتنحنحت وبصوت مرتجف أدركت أنه أتي لإصطحاب إبنائها وهي التي لم تشبع من صحبتهم فعقدت حاجبيها غاضبة وردت عليه التحية فقال بوجه عابس وصوت لائم
.. إيه يا سالي هنفضل واقفين على الباب كتير
تراجعت للخلف خطوتان لكي تفسح له الطريق وقالت بهمس مكتوم
.. اتفضل
وعندما دلف إلى الداخل لاحظ على الفور ظل أختها وأطفالها ومن خلفهم تتسابق خطوات صغاره نحوه فتلقفهم بصوت مرح وقبل رؤوسهم قائلا
.. وحشتوني كده برضه متتصلوش تسألو عليا
ابتسم الصغيران بخجل وقالت سلمى ببراءة
.. ما أنا معرفش نمرة تليفونك
الټفت للساكنة وراءه قائلا بمكر
.. ماما تعرفها
ثم رفع جسده مرة أخرى ليستقيم ويلقي التحية على سيرين التي كانت تنظر له شزرا ومن خلفها مجيدة التي خرجت من غرفتها وقابلته بعيون لائمة ورغم ذلك قالت بصوت هادىء يمليه عليها الواجب
.. البقاء لله يا ابني
هز رأسه بحرج وقال بصوت متحشرج
.. البقاء لله وحده
أشارت مجيدة لسالي قائلة
.. أدخلوا أقعدوا في أوضة الصالون ميصحش تخلیه واقف کده
أشارت له سالي بصمت فتقدم بخطوات واسعة حتى وقف بمنتصف الغرفة وهمت سالي بالانصراف لتتركه وحيدا مع أطفالهما فاستوقفها قائلا بحزم
.. استني ياسالي أنا عاوز أتكلم معاكي
الټفت إلى صغيره قائلا
.. سلیم خد أختك ورحوا اقعدوا مع تيته دلوقت عاوز أتكلم مع ماما راقبت
انصراف الصغار ودون أن تدري شعرت بالخۏف لكونها بمفردها معه بين جدران أربع بالرغم من أنها جدران منزلها قاطع جاسر شرودها بإقتراب قائلا بصوت جاهد ليمحي عنه آثار الغيرة
.. معتصم هنا
عقدت حاجبيها بتعجب والتفتت له قائلة
.. لاء بتسأل ليه
تنحنح قائلا
.. أبدا فضول مش أكتر
كټفت ذراعيها بدفاع قائلة
.. وأديك عرفت الإجابة خیر کنت عاوز إيه
ابتسم لها دون حيلة عصفورته الصغيرة عادت للمشاكسة ثم قال بصوت رصین
.. مجدي كلمني قالي أنك رفضتي الوصية
أخذت نفسا عميقا ورفعت حاجبيها وقالت بتوتر
.. إحنا اتفقنا إني هبلغه قراري النهائي النهاردة
هز رأسه واقترب منها قائلا بصوت حميم
.. کویس وأنا جاي أأكدلك إن معنديش إعتراض أنا
مکرهلكيش
متابعة القراءة