لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
برفض سريع وهي تستدير مرة أخرى لتواجهه بهدوء
.. لاء مش کرم أخلاق منك ده شرط وإتفاق بينا أنت ملزم بيه كان شرط طلاقنا وراجع الشريط كويس ياجاسر ولو نسيت فأنا فاكرة كل كلمة ومشهد منه وعمرى ما هنساه وخرجت من الغرفة وقد أسدلت بكلماتها الأخيرة ستار نهاية المواجهة وهي تنادي بصوت مرتفع على طفليها لتجتذب كفوفهم الصغيرة نحو الخارج تحت مرأى عيناه التي تبعتهم كالصقر المتحين للإنقضاض على فريسته وهو يوقن پغضب مستعر بأعماقه أنه قد انسلت منه خيوط لعبته في غفلة منه في خضم الحياة وكثرة التفاصيل المحيطة بها قد تنسى أو تتغافل عن أشياء حتى تستطيع المضي قدما ولكنها لم تنسى أرقام هاتفه حتى بعدما مسحتها من ذاكرة الهاتف ظلت تنظر للأرقام التي تضيء شاشته حتى ردت بشجاعة تفتقر إليها في الواقع وجائها صوته مرحبا بتأنيب
تنهدت آشري قائلة
.. سوري يا زیاد بجد أنا مش عارفة أقولك إيه
همس متخوفا
.. قولي اللي يخطر على بالك فورا یا آشري أنت طول عمرك بتقولي الصدق
تهدل كتفيها وأقرت بصدق
.. کنت هكذب وأقولك أن بابي تعبان ومقدرتش أتصل
رد بسرعة
.. والحقيقة
.. الحقيقة أننا بنعيد نفس السيناريو من غير ما ندي لنفسنا فرصة نصلح أخطائنا
أقر بصدق نادم
.. أنا بدأت یا آشري أصلح كل أخطائي لكن كعادتي محتاجك جمبي تاخدي بإيدي
ظلت آشري صامتة لفترة طويلة وهي لا تعلم بم تجيبه حقا لقد فقدت القدرة على دفعه وتصحيح أخطائه إذ تبين لها بنهاية الأمر أنها كانت مخطئة تماما في توجهاتها نحوه وكأنما لمس حیرتها بيده قال
كان عازما على تجاهل مكالمتها التليفونية للمرة الرابعة على التوالي ولكن ما حثه على الرد تلك الرسالة النصية التي يطالعها والتي تتضمن قرار لسفرا بلا عودة أتاها صوته بتحية مرتجفة فقالت
.. یعني كان لازم أبلغك برسالة عشان ترد
فتنهد ضائقا
.. إيه معنى اللى أنت كتباه ده یاریم
.. ده قرار کنت مترددة فيه وأنت ساعدتني أخده
غمغم بدهشة
.. تسيبي مصر
فأردفت بنبرة جادة
.. أنا طول عمري برة مصر وحتى لما كنت برجع مكنتش بلاقي نفسي
قام وسار بضعة خطوات قائلا
.. وأنا اللي طفشتك النهاردة
ضحكت برقة وقالت
.. أنت بتدي لنفسك حجم كبير أووي أنا لو صممت أني أقعد كنت قعدت لكن ده القرار الصح
.. أومال إيه حكاية أني ساعدتك تاخدي القرار ده وليه دلوقت
تركت الأوراق جانبا وقالت وهي تسرح بفكرها لمساء تلك الرحلة الصاډم فزمت شفتيها وقالت بحسم
.. أنا اكتشفت أني أنا كمان کنت بهرب بهرب من فكرة أننا مش مناسبين لبعض وأننا بنضيع وقت مش أكتر لذلك قررت أعيد تصحيح مسار حياتي وأركز في الوقت الحالي على شغلي وبس ولا أنت شايف غير كده يا أسامة
.. الرد وصل
هتف بسرعة
.. ريم أنا . . .
قاطعته بحزم فوري لكأنما تلقي بأمرا غير قابل للنقاش
.. مستنياك النهاردة الساعة عشرة قدام بوابة المستشفى تسلم عليا طائرتي الفجر سلام
كان ممسكا هاتفه شاردا حتى بعدما نادته للمرة الثالثة فأخذت قرارا بالطرق على سطح مكتبه لعله يجيبها قائلة
.. جاسر
رفع رأسه إليها فزعا قائلا بحدة
.. فيه إيه بادرية
رفعت حاجبيها تعجبا ليس لأنها ولأول مرة في تاريخها الطويل معه نسبيا تراه شاردا بل لأنها تلمح الحيرة بعيناه تصطرخ فقالت مشفقة
.. مالك
عبس وقال پغضب يشبهه كثيرا ذاك الذي تلاقيه من صغيرها أيهم
.. ماليش فيه حاجة عندك أنت
طرقت برأسها قائلة وهي تتوقع الرفض الذي سوف تسوقه لأذن أبيها بأسف مبطن بفرحة
.. ممكن آخد بقية اليوم أجازة
ولكنها خيب آمالها
قائلا ببساطة
.. براحتك أنا كمان ماشي كمان شوية اتسعت عيناها بدهشة
.. الساعة لسه حداشر
تبسم لها متهكما
.. قولي لنفسك عموما أنا دماغي مش رايقة عايزة تقعدي براحتك عايزة تمشي استني أما أوصلك في سكتي
قضبت جبينها وقالت وهي ترقبه بنظرات حادة
.. لا أنا هتصرف هجهز بس شغل بكرة وأحول المكالمات وأمشي خرجت من غرفة مكتبه وهي شاردة هي الأخرى بحالته العجيبة ثم مالبثت أن وبخت نفسها فهي بغني عن الڠرق في مشاكل الغير يكفيها ما تمر به وهاهو الهاتف يذكرها بأحدثها فردت بصوت جاهدت أن تجعله هادئا
.. أيوة يابابا
رد أبيها بسعادة بالغة
.. أنا عند الولاد ولبسوا وكله تمام هنعدي عليكي كمان نص ساعة بالظبط
هزت رأسها قائلة
.. ماشي يا بابا ولو أنك كنت ممكن تروح معاهم من غيري عادي
ضحك والدها وقال بصدق تام
.. متعمليهومش عليا يا درية أنا وأنت فاهمين كويس أصول اللعبة
أغلقت عيناها لثوان وقالت بوقاحة دون الإهتمام بإثارة ڠضب
.. بصراحة اللعبة بوخت أووي
وجائها الرد قاسېا
.. قولي لنفسك طارق إنسان ميتعيبش وولادك مرتحانه وأنا مش هلاقيلك أحسن منه زي مبتفكري في اللي يريحك فكري في راحة اللي حواليكي
السكون ما كان يحتاج إليه حقا فالضوضاء برأسه تكاد تذهب بعقله ذات مرة غزل خيوطا أهملها لفترة فتشابکت صارت عقدة فتقطعت عاد بغروره ليحكمها والنتيجة أنها قد تناسلت من يده والإحتمالات كثيرة وجميعها مرفوض كاد أن يخرج لفافة تبغ ويحرقها ليخفف من إشتعال رأسه ولكنه تذكر أنها كانت تكره رائحتها نظر لقپرها مليا وغمغم لها مؤنبا
.. لیه کتبتيلها الوصية
كنت بتقربيها مني ولا بتخيرها تبعد عني أحقا أهذا ما وصل إليه يلوم أمه المټوفية على فساد مسار حياته وفشله في الحصول على الراحة والاستقرار وبالنهاية فذلك لم يكن سوى من صنع يده قبض على كفه مټألما موقنا أنه المخطأ وعليه تقع الملامة أفسد بغروره وكبريائه حياته وحياة أطفاله وما يدفع بعقله للجنون حقا ذاك السؤال الذي لا إجابة له متى امتلكت العند والشجاعة ل . .
قاطع فكره المتسرسل بنفي لا فالسؤال الصحيح من من يكون وماذا فعل ليغيرها وكيف استطاع وكيف تغافل هو عن أثره بنفسها ولم يدري مبكرا ما طرأ عليها من متغيرات قام وقد اشټعل الڠضب بوجدانه من جديد ورغبة حاړقة تتملكه في تلقين ذلك الفارع درسا لن ينساه ألقى السلام على أمه قبل أن يذهب بطريقه ولكن رنين هاتفه جعله يتوقف عن الحركة فأخرجه من جيبه ليطالع رقما غريبا عزم على تجاهله ولكن رنينه الملح الذي قد يوقظ الأموات من قبورهم جعله بضيق مبالغ
.. آلو . مين معايا
فأتاه صوتا مرتجف لإمرأة تقول
.. أستاذ جاسر أنا إنجي صاحبة داليا ممكن تيجي بسرعة داليا في المستشفى
تخطت باب المركز بسرعة ومنه إلى غرفتها الخاصة ودهشت عندما طالعته يحتل المقعد الرئيسي بها فقالت متعجبة
.. صباح الخير يا كريم
ابتسم لها بحبور قائلا
.. حبيت أستناكي هنا عشان أول ما تدخلي أخدك وننزل فورا
كانت تهم بوضع حقيبتها جانبا ولكنها سرعان ما تراجعت قائلة بتوجس عابس
.. خير
فضحك لها قائلا
.. أنت على طول قلقانة كده كل خير يا سالي يالا بينا
سارت خلفه وهي تضحك بتعجب
.. مش هتقولي على فين طيب
أشار لها نافيا بيده وقال باختصار
.. ورايا
ترجلا الدرج سویا وسارت برفقته حتى وصلا للشارع الخلفي وطالعت سيارتها الحديثة متوقفة وما أن اقتربا منها حتى استطاعت تميز اللوحات المعدنية المعلقة بها فالتفتت له بسعادة
.. خلصت الرخصة
هز رأسه وابتسم لسعادتها الواضحة قائلا
.. طارق جبهالي الصبح بس لازم نعدي على المرور نخلص شوية ورق ونستلمها هوا موصي علينا ناس معارفه
تطلعت له بإمتنان
.. بجد يا كريم أنا مش عارفة أشكرك إزاي
أشار للسيارة قائلا
أني أكون أول واحد يركبها وأنت اللي تسوقي يالا بينا
تسائلت متعجبة وهي تفتح بابها الفضي اللامع
.. على فين
جاورها بخفة وقال
.. الأول نخلص المرور وبعدين نطلع سوا على المركز نخلص شوية حاجات
أنهيا خطوتهما الأولى في أقل من ساعة زمنية واتجهت بسيارتها نحو مقر المشروع الخيري الذي يتشاركانه وأمرها قبل أن تطأ أقدامها داخله أن تغمض عيناها فضحكت له قائلة
.. مفاجأة يعني خلاص ماشي
أطاعته حتى أمرها بفتح عيناها وما أن فعلت حتى صدرت منها ضحكة سعيدة مملؤة بدهشة بالغة تراقص قلبه طربا لها وهي تقول
.. مش مصدقة أنت لحقت تعمل كل ده أمتی! أنا كنت لسه هنا إمبارح
سارت بخطوات سريعة تتنقل بين الغرف التي أعدت بالكامل وطالعت الرسومات الكارتونية على حائط غرفة علاج الأطفال وأشار لها کریم لبقعة مجاورة
.. هنا لسه هنحط لعب هتبقى بلاي أريا للأطفال عبال مايجي دورهم
وأردف مشيرا لبقعة أخرى
.. كان نفسي أجهزة التعقيم تتسلم بدري عن كده لكن للأسف استلمتها الفجر والعمال اللي كانو معايا كانوا خلاص جابوا آخرهم من التعب
حدقت به
بدهشة بالغة
.. أنت كنت سهران هنا للفجر
فضحك وهو يفرك عنقه قائلا بتوتر
.. أنا لسه مروحتش من امبارح أما الحاج مأنبني بكلمتين عشان مفطرتش معاه
تأملته بشفقة بالغة
.. تعبت روحك أوي یاکریم ليه كل ده كان ممكن يتأجل
رفع أنظاره إليها وقال بعد برهة
.. فيه حاجات كتير أووي كنت مأجلها لحد معدتش ليها وقت وبصراحة بقيت أخاف من التأجيل
ظلت تنظر له متحيرة وبفضول أنثوي لم تتمالكه مضت تنبش ماضيه دون أن تدري
.. زي إيه
هز رأسه پألم وقال متفکها
.. عندك مثلا أسناني البايظة
ضحكت سالي وقالت
.. دي لازم تشوف ليها حل فعلا عيب عليك
ولكنه سرعان ماقال مقتنصا لفرصة قد لا تتكرر
.. كمان والدتي الله يرحمها كان نفسها تشوف ولادي
هزت سالي رأسها بأسف وقالت
.. الله يرحمها أنا كمان بابا مشفش سلمی بس ماما على سبيل الراحة والۏجع في نفس الوقت بتقولي هتبقى تحكيلو عنها
عبث بمنتصف رأسه وقد تاه مجددا وشعر أنه لا سبيل لما يرجوه حقا حتى قال
.. ساعات كتير بنأجل قرارات ونرجع نندم على الوقت اللي ضيعناه
لمعت عيناها وهي تلتفت حولها مشيرة بيدها
.. الصراحة معدتش أفكر في اللي فات كفاية الموجود دلوقت كفاية أنك شجعتني على قرارات كتير فعلا أنا سعيدة بيها
نظر لها وقد تملکت حواسه بالكامل إذ قال بأنفاس متهدجة
.. بالعكس ياسالي أنا اللي اتعلمت منك أني آخد قرار وأنفذه مستناش حسابات مبتخلصش يمكن كنت بعرض عليكي أفكار لكنك بشجاعة كنت بتنفذي
ضحكت متعجبة وقد احمرت وجنتها
..
متابعة القراءة