روايه روعه بقلم رضوى جاويش الجزء الاخير

موقع أيام نيوز

حاچة ربنا يرضى عنك ..بدل جعدتنا دي.. 
هتف عبدالمحسن الشهير بمتقال وهو رجل ناهز الستين من عمره يحمل ربابته اينما ذهب عناي.. هو انا حيلتي الا الجول .. 
هتف رجل اخر طب ياللاه .. و لا ربابتك راحت ف السيل يا عم متجال !.. 
هتف عبدالمحسن مؤكدا وهو يحتضن ربابته لصدره كمعشوقته لاااه .. أهي .. ده اني اموت وهى تبجى .. مطلعتش م السيل الا بيها .. ومن جبل سابج .. هى اللي طلعت بيها م الدنيا بعد ما العيال راحت والعيال طفشوا على بره ورا اكل عيشهم .. اهااا ..بتصبرني على حالي .. 
هتف احد الرجال مشجعا طب ما تصبرنا معاك على حالنا يا راچل يا طيب .. 
دارت أكواب الشاي الساخن التي أعدت على ڼار الركوة مرة اخرى وعدل عبدالمحسن من وضع ربابته واحتضنها في هيام و بدأ عذفه وشدوه لينقل الجميع لعالم اخر وهو يترنم بأبيات السيرة الهلالية هاتفا 
بعد المديح ف المكمل ..
احمد ابو درب سالك..
احكى ف سيرة واكمل .. 
عرب يذكروا جبل ذلك .. 
ويا آه .. يا عيني على آه .. 
يابا آه .. يا عيني على آه .. 
ويا آه .. يا عيني على آه ..
يابا آه .. يا عيني على آه ..
كان الرجال منتشين مرددين خلف عبدالمحسن وكانت دلال تجلس بالقرب من ذاك الحدث على احد المقاعد وسط مجلس النساء تتلحف بشال امها تضمه اليها ليبعث بها الدفء وهى تتطلع لذاك الجو الساحر حولها .. 
اخذها الغناء كليا وبدأت تندمج مع الملحمة الملقاة بصوت عبدالمحسن القوي .. وفجأة سقطت عيناها على محياه .. كان يقف بالقرب مستندا على شجرة ضخمة بأحد الأركان يلتحف عباءته السوداء ويضم الى كفيه كوبا من الشاي.. وتساءلت منذ متى كان هنا !.. لقد شارك الرجال في مشروبهم منذ البداية وهى التي كانت غافلة عن وجوده .. عادت بمخيلتها للحكاية التي تسرد على مسامعها لكنها حولت ناظريها لموضعه عندما هتف عبدالمحسن في سلطنة 
سيرة عرب أجدمين .... 
كانوا ناس يخشوا الملامة 
رئيسهم بطل سبع ومتين ..
يسمى الهلالي سلامة ..
وجسدته بعين خيالها .. ابوزيد الهلالي ذاك البطل الأسمر الذي قاد قومه بني هلال في تغريبتهم حتى ارض تونس الخضراء بحثا عن ارض تقلهم ومأوى يضمهم وتذكرته وهو يحمل شعلته قائدا أهله يوم السيل الي حيث الأمان في كنف بيت النعماني .. ابتسمت في وله وهى تعقد هذه المقارنة وظلت عيناها معلقة به .. ببطلها .. الذي كانت تعتقد انها ستحمل ذكراه وصور تلك الليالي معها بذاكرتها ما ان ترحل تاركة النعمانية خلفها لكنها ادركت انها كانت مخطئة .. فهناك ذكريات كتلك لا محل لها الا سكن الروح .. وللأبد ..
حمد الله انه عاد مسرعا ما ان سمع ما حدث فما ان وصل النعمانية اوبالأدق حدودها حتى بدأت القيادات والصحافة في الوفود للوقوف على اخر اخبار تلك البلدة الصغيرة التي عزلها السيل عما حولها من البلاد ولا طريق لمعرفة ما يجري بالداخل نتيجة لانقطاع الكهرباء والاتصالات بوجه عام .. حتى انه لا اخبار مؤكدة عن وجود ضحاېا اوحتى معرفة عددهم .. 
كان كل شئ مبهم ولا تقدير حقيقي لحجم التلفيات والخسائر.. كلها تقديرات جذافية فما كان احد بقادرعلى الدخول للبلدة .. الا بعض المروحيات التي حلقت لبعض الوقت فوق النجع لحصر ما يمكن حصره .. 
لم ينم لساعة كاملة لمدة يومين كاملين .. فالوضع كان جد خطېر.. حتى مبني النقطة الذي كان من طابقين والذي كان مقام على اطراف النجع قد لحق به الاذي وما كان باستطاعته دخول طابقه الاول الذي كانت المياه تصل لما فوق ركبتيه اذا ما فكر ان يدخل من الاساس .. كان يبيت ليله بالصندوق الخلفي لعربة الشرطة حتى اشعار اخر .. 
ورغم كل ما يحدث .. و رغم كل ما يعان .. الا انها لم تغب عن باله لحظة واحدة .. كانت تطالعه ابتسامتها النادرة التي ما كانت تظهرها الا في مناسبات خاصة فهو يعلم انها كانت تتصنع الجدية في حضرته .. هى ابدا لم تدفعه لحبها .. بل انه يشهد انها
كانت في كثير من الأحيان تدفعه بعيدا عنها .. تقصيه عن دربها لكن هو من أبى الابتعاد .. هو من تبعها كعباد شمس يتبع ضوء نهار .. 
انه يعترف الان ان لا قبل له على اخراجها من قلبه الذي تشبث بها منذ اللحظة الاولى التي نظر فيها لعينيها ..هو لا ينكر ان ما سمعه من امها من حقائق قد هزه قليلا .. لكنه كان اهتزاز للصدمة ليس اكثروان ما علمه لم يغير من مكانتها بقلبه ابدا .. كل ما كان بحاجة اليه هو خلوة كهذه التي يعيشها قسرا حتى يستطيع ترتيب افكاره واتخاذ قراره وها هو يتخذ قرارا لا رجعة فيه.. 
قرار صادر من اعماق روح تدرك تماما انها لن تهنأ
تم نسخ الرابط